هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف مصدر بالأمانة العامة للحوار الوطني (مجلس الأمناء) في مصر، أنه تقرر بشكل فعلي تأجيل انطلاق الحوار الذي دعا إليه رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، والذي كان من المقرر أن تبدأ أولى جلساته خلال الأسبوع الأول من شهر تموز/ يوليو الجاري، وذلك على خلفية ما وصفه بالارتباك والتعثر والخلاف الذي يواجه إدارة الحوار، خاصة أنه لم يتم الانتهاء بعد من كل الاستعدادات والتجهيزات المتعلقة بهذا الأمر.
وأوضح المصدر، الذي رفض الإفصاح عن هويته، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن "مجلس أمناء الحوار سيعقد أولى اجتماعاته يوم الثلاثاء أو الأربعاء المُقبلين، من أجل تحديد جدول أعمال ومواعيد وأماكن الحوار، والوقوف على آخر الترتيبات والتفاصيل المتعلقة في هذا الصدد، لكن هذا الاجتماع المرتقب سيكون مُقتصرا فقط على مجلس الأمناء ودون مشاركة الأطراف السياسية المعنية".
وتوقع المصدر أن "تنطلق جلسات الحوار الوطني خلال الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر تموز/ يوليو الجاري، في ظل المعطيات الراهنة، التي باتت غير مشجعة للبعض".
وكانت تقارير صحفية توقعت تأجيل "الحوار الوطني" إلى ما بعد إجازة عيد الأضحى لحسم هوية المشاركين والموقف النهائي لمشاركة أحزاب الحركة المدنية، في ظل "التعثر الحالي".
كذلك ذكر الإعلامي المُقرب من النظام، عمرو أديب، قبل أيام، بأنه لا توجد مشكلة في تأجيل الحوار الوطني لحين تجهيزه بالشكل المناسب، مؤكدا ضرورة "الاستعداد الجيد للمؤتمر، من خلال وضع الأجندات اللازمة وترتيب الأمور لعقد الفعاليات".
كما ذكر المصدر أن "مجلس الأمناء سيدرس خلال اجتماعه المرتقب تشكيل مجموعة من اللجان الاقتصادية، السياسية، والاجتماعية، وغيرها، وربما تكون هناك لجان فرعية منبثقة عن تلك اللجان الرئيسية"، مؤكدا أنه سيتم تسمية الأمين العام لمجلس الأمناء خلال الأسبوع الجاري.
يشار إلى أن الحركة المدنية كانت قد رشحت سابقا رائد زراعة الكلى في الشرق الأوسط، محمد غنيم، لموقع الأمين العام لمجلس أمناء الحوار، إلا أن بعض قادة الحركة أكدوا أن السلطة رفضت ترشيحهم.
ووسط جدل وانتقادات، أعلنت إدارة الحوار الوطني تشكيل مجلس الأمناء، الذي يضم 19 عضوا، "بناء على تشاور المنسق العام ضياء رشوان مع القوى السياسية والنقابية والأطراف المشاركة"، وفق بيان أصدرته الأحد الماضي.
ولفت المصدر الخاص إلى أن "السقف الزمني للحوار لن يتجاوز 3 أشهر على أقصى تقدير، وأن المتحاورين أنفسهم هم مَن سيحددون هذه النقطة على وجه الدقة، ووفقا لمجريات الحوار على أرض الواقع"، لافتا إلى أن الأكاديمية الوطنية للتدريب (المسؤولة عن تنظيم وإدارة الحوار الوطني) والمنسق العام للحوار، لم يحددوا أي سقف زمني لهذا الحوار.
مشاركة الإسلاميين
وبشأن الموقف من مشاركة الإخوان والإسلاميين في الحوار الوطني، قال المصدر: "هذه قضية مثيرة للجدل والخلافات غير المعلنة داخل أروقة السلطة؛ فهناك ثمة مواقف متباينة داخل أجهزة ومؤسسات الدولة من هذا الأمر؛ فبعض الأجهزة ترفض مبدأ مشاركتهم بأي صورة من الصور، بينما توجد أجهزة ومؤسسات أخرى تقبل مشاركتهم وفق قواعد وشروط صارمة، ومن ثم، فليس هناك إجماع أو رؤية واحدة وواضحة بشأن هذا الأمر".
وأشار المصدر إلى أن "المشاركين في جلسات الحوار الوطني، والجهات القائمة على ترتيبه وإدارته من خلف الكواليس، ربما يطرحون -في أثناء الحوار- مسألة تفعيل العدالة الانتقالية التي نص عليها الدستور الحالي، وهي القضية التي يمكن أن تُطرح للنقاش حول مسألة إعادة دمج أو إعادة ضبط بوصلة التيار الإسلامي وتموضعه من جديد في المشهد، ولكن بعد إقرار العديد من المحددات والمعايير الواضحة والحاسمة".
وكان المفوض السابق للعلاقات الدولية بجماعة الإخوان، يوسف ندا، دعا أكثر من مرة، في رسائل مختلفة، إلى تفعيل نص المادة 241 من الدستور الخاصة بإصدار قانون العدالة الانتقالية، مؤكدا أن باب جماعة الإخوان المسلمين مفتوح للحوار والصفح مع النظام المصري، وذلك بعد "رد المظالم" (لم يحددها).
اقرأ أيضا: ندا: باب الإخوان مفتوح للحوار مع نظام السيسي بعد رد المظالم
بينما لم يرد النظام المصري على الرسائل التي أطلقها يوسف ندا حتى الآن. في حين أكدت شخصيات رسمية وإعلامية مصرية بأن "الإخوان لا مكان لهم في هذا الحوار".
ونصت المادة 241 على أنه "يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور، بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير الدولية"، إلا أنه لم يتم تفعيل تلك المادة بأي صورة من الصور حتى الآن.
لكن المصدر استدرك قائلا: "أعتقد أن أصحاب الموقف الرافض لإعادة دمج الإخوان والإسلاميين في المشهد، هم مَن سيفرضون رؤيتهم في نهاية المطاف؛ فالمشهد سواء لدى السلطة أو الشعب أو حتى بالنسبة للقوى المدنية، غير مهيأ لعودة للإخوان مهما كانت القيود التي ستُفرض عليهم"، وفق قوله.
"طريق بلا نتائج"
من جهته، قال القيادي السابق بجبهة الإنقاذ وأحد مؤسسي الحركة المدنية الديمقراطية (أكبر كيان معارض داخل مصر)، مجدي حمدان؛ إن "السلطة لم تصدر حتى الآن قائمة عفو رئاسي جديدة بمناسبة ذكرى 30 حزيران/ يونيو كما وعدت في السابق، وهذا الأمر كان شرطا أساسيا للحركة المدنية قبل انطلاق الحوار، وهذا الموقف لا يُبشّر بخير، بل يشير إلى أننا ذاهبون إلى طريق بدون أي نتائج حقيقية".
وأردف في تصريح خاص لـ"عربي21": "كان لا بد من الإفراج عن كل معتقلي الرأي – أو أكبر عدد منهم- كبادرة أمل وخطوة لبناء الثقة مع السلطة، ودليل على جدية الحوار الذي لا نعرف عنه شيئا حتى الآن"، منوها إلى أنهم تقدموا خلال الأيام الماضية إلى "السلطة التنفيذية بقائمة تضم أكثر من 1400 معتقل، إلا أنهم قاموا بتجاهلها تماما إلى الآن".
وتابع حمدان: "عدنا على ما يبدو إلى حالة الركود السياسي، والغموض لا يزال هو سيد المشهد؛ نظرا لقلة خبرة القيادة السياسية بالعمل السياسي، خاصة أنه (السيسي) قال عن نفسه سابقا بأنه رجل غير سياسي، ومن ثم فليس لديه إدراك سياسي كامل لأبعاد ما يحدث، وما ينبغي أن يحدث".
وشدّد على ضرورة "الإفراج عن كل المعتقلين ظلما، وفتح باب الحريات، ورفع الحجب عن المواقع المختلفة، والتوقف عن الاكتفاء بالاستماع للموالاة فقط، وإذا كانت الدولة تريد طي صفحة الماضي، فيجب عليها أن تقوم بإجراءات حقيقية وفورية لبناء الثقة المفقودة، خاصة أن الشارع في انتظار تطورات ملموسة ومبشّرات حقيقية، بينما يُنظر للحوار الآن بتخوف وحذر شديد، وعلينا طمأنته".
وكان رئيس حزب الدستور والقيادي بالحركة المدنية الديمقراطية، علاء الخيام، عبّر، الجمعة، في تصريحات لـ"عربي21"، عن خيبة أملهم تجاه "التطورات والإجراءات العامة المتعلقة بالحوار الوطني"، مشيرا إلى أنه "لم يتم حتى الآن إبلاغهم بشكل رسمي بموعد بدء جلسات الحوار، رغم أنه كان من المفترض أن ينطلق الجمعة".
وفي 7 أيار/ مايو الماضي، أعلنت "الحركة المدنية الديمقراطية" قبول دعوة السيسي إلى حوار سياسي، مُحددة 7 ضوابط قالت إنها يجب أن تتوفر في الحوار، وعلى رأسها أن يكون تحت مظلة مؤسسة الرئاسة، وأن يجري الحوار بين عدد متساو ممن يمثلون السلطة والمعارضة، وأن يكون الحوار بين شركاء متكافئين بلا مصادرة ولا مكايدة ولا تخوين.
وكان السيسي قد دعا في 26 نيسان/ أبريل الماضي، خلال مشاركته في حفل "إفطار الأسرة المصرية" السنوي، إلى إطلاق حوار بين القوى السياسية كافة، "دون تمييز ولا استثناء"، وذلك في دعوة هي الأولى من نوعها منذ وصوله إلى السلطة في صيف 2014، مُعلنا عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تشكلت أواخر 2016.
وتباينت ردود الفعل من القوى السياسية المختلفة ورموز المعارضة في الداخل والخارج إزاء تلك الدعوة؛ بين التأييد والرفض والتحفظ المشروط، فضلا عن الترقب الحذر.