هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سجلت بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، تراجعا جديدا وملحوظا في رفد الموازنة السنوية المخصصة لدعم اللاجئين السوريين في المملكة، ما أثار تساؤلات حول أسباب ذلك، وانعكاسه على أوضاع اللاجئين والأردنيين على حد سواء، والحلول الممكنة لمعالجة هذا العجز في بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة.
ووفق البيانات التي نشرتها الوزارة الاثنين الماضي؛ فقد بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية 235 مليون دولار للنصف الأول من العام الحالي، من أصل 2.28 مليار دولار، وبنسبة وصلت إلى 10.3 في المئة، ما يعني أن العجز في تمويل الخطة بلغ 2.045 مليار دولار، وبنسبة 89.7 بالمئة من إجمالي حجم الخطة.
وأضافت وزارة التخطيط أنه "لم يقدَّم أي تمويل في الخطة لدعم بند الموازنة حتى تاريخ 30 حزيران/ يونيو الماضي".
وكان حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية في 2021 قد بلغ 744.4 مليون دولار، من أصل 2.43 مليار دولار، بنسبة وصلت إلى 30.6 في المئة، وبعجز بلغ 1.687 مليار دولار من حجم الموازنة السنوية المخصصة لدعم اللاجئين.
اقرأ أيضا: خبير اقتصادي: هذه أسباب تراجع الاستثمار الأجنبي بالأردن
ورأى الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن التراجع المستمر في تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية يرجع إلى أسباب عدة، أبرزها اطمئنان الجانب الأوروبي على وجه التحديد، والدول المانحة عموما، إلى استقرار السوريين في الأردن، الأمر الذي قلل من الاهتمام بهذه الخطة.
وأضاف لـ"عربي21"، أن "الأزمة الأوكرانية-الروسية، حوّلت معظم انتباه الدول المانحة، وبالذات الأوروبية والأمريكية وغيرها، إلى دعم اللجوء في أوكرانيا والأوضاع المستجدة في أوروبا".
تبعات اقتصادية
ولفت عايش إلى أن انخفاض خطة الاستجابة إلى نحو 90 في المئة، يؤثر على الموازنة الأردنية؛ التي لم تحصل على أي رافد مالي يتعلق بقدرة الحكومة على الاستجابة لما هو مطلوب منها في مواجهة تبعات اللجوء السوري، والخدمات المقدمة للسوريين، مبينا أن "ذلك ربما يرفع من عجز الموازنة، سواء كنسبة من الناتج المحلي، أو كقيمة مطلقة في الأرقام نفسها".
وقال إن هذا التراجع "يؤدي إلى انخفاض في مستوى الخدمات التي يحصل عليها السوريون، سواء الصحية والتعليمية وغيرها، ويؤثر على البيئات المحلية الحاضنة لهم، حيث تقل الخدمات المقدمة لهذه البيئات، ما يؤثر على قدرة السوريين على الحصول حتى على فرص عمل".
وأشار عايش إلى أن "ذلك سيؤثر على الأداء الاقتصادي في الأردن، ومن ثم يؤثر على معدلات النمو، ما يعني انخفاض عروض العمل للسوريين والأردنيين على السواء، وبالتالي تراجع مصادر دخلهم، والتقليل من قدرتهم على الإنفاق حتى على متطلباتهم الأساسية".
وبين الخبير الاقتصادي أن الأردن يتحمل عبء هذا التراجع، سواء على صعيد إصدار تقارير دولية حول تراجع الخدمات المقدمة للسوريين، "وذلك لن ينعكس فقط على نسبة تقديم المساعدات والخدمات للسوريين، وإنما يؤثر حتى على صورة الأردن أمام المجتمع الدولي، مع أن السبب الحقيقي يتمثل في تراجع هذا التمويل منذ سنوات".
تراجع الاهتمام الدولي
وازدادت معاناة اللاجئين السوريين في الأردن، مع تعمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وتقهقر المستوى المعيشي، وازدياد نسب البطالة والفقر، وارتفاع الأسعار، وفشل الخطط الحكومية في إيجاد حلول ناجعة لهذه الأزمات المتتالية، وفق مراقبين.
وفسّر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، تراجع الدعم المقدم للاجئين السوريين في الأردن، بقلة اهتمام المجتمع الدولي بقضيتهم، بسبب التهدئة النسبية التي تعيشها سوريا في الوقت الحالي.
وأضاف لـ"عربي21"، أن الدول الداعمة لرعاية الأردن للاجئين السوريين تعتقد أن المساعدات التي تقدمها كافية لتغطية النفقات التي تدفعها الحكومة الأردنية، بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه هذه الدول عبر منظمات المجتمع المدني الدولية، التي تقدم بدورها الرعاية للاجئين، خصوصا المتواجدين داخل المخيمات المخصصة لهم.
اقرأ أيضا: التضخم يضرب اقتصاد الأردن.. ما خيارات الحكومة والمواطنين؟
ونفى عوض أن يكون سبب هذا التراجع ضعف الثقة بين المجتمع الدولي والأردن، "الذي تربطه علاقات طيبة مع الدول والمؤسسات المانحة" وفق قوله.
ولفت إلى تضرر الاقتصاد الأردني جراء تراجع الدعم المقدم للاجئين السوريين، مشيرا إلى وجود مشاكل مهمة غير مرئية كالمياه، "فعندما يكون في المملكة مليون و300 ألف سوري، بما نسبته 13 بالمئة من عدد السكان؛ فهذا يعني أنهم بحاجة إلى 13 بالمئة من حجم المياه، والأردن أكثر دولة فقيرة بالمياه في العالم، وهذا سيكون له أثر سلبي على مسارات التنمية في البلاد".
المطلوب أردنيا
وحول المطلوب من الحكومة الأردنية إزاء تراجع التمويل؛ أكد الخبير الاقتصادي عايش أن "عليها إعادة تنظيم العلاقات مع الممولين بصورة جديدة، وأن تضعهم في صورة المخاطر المترتبة على عدم وفائهم بالتزاماتهم".
ودعا إلى استقطاب تمويل خارجي لإقامة مشاريع، أكثر من انتظار مساعدات مالية ربما تتأخر وربما لا تأتي، لافتا إلى أن ذلك "سيحوّل خطة الاستجابة من نقدية فقط، إلى خطة استجابة اقتصادية؛ ستبقى مستمرة حتى لو عاد السوريون إلى بلادهم، وستوفر فرص عمل للأردنيين والسوريين معا، ما يؤدي إلى استدامة حصولهم على الدخل الذي يوفر لهم حياة كريمة".
ورأى الباحث أحمد عوض، أن الحكومة الأردنية ليس أمامها سوى أن تضغط على المجتمع الدولي، وتقدم موازنات واقعية لتقنع العالم بأهمية استمرار الدعم المباشر لها.
ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، بينهم نحو 672 ألف لاجئ مسجل لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، من أصل أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري في الأردن ودول مجاورة.
وتجدر الإشارة إلى أن مراسل "عربي21" تواصل مع وزارة التخطيط الأردنية، للحديث عن الحلول والخطط التي تقوم بها الوزارة لمعالجة العجز الحاصل في خطة الاستجابة للأزمة السورية، ولكن دون تجاوب منها.