يقوم الرئيس الأمريكي جو
بايدن بزيارة إلى الكيان الصهيوني، ولقاء الرئيس محمود عباس، ثم الانتقال إلى السعودية لعقد قمة تضم الملك السعودي، وولي عهده
محمد بن سلمان، ثم قمة عربية تضم دول الخليج ومصر والأردن، وربما المغرب.
لقد أثارت هذه الزيارة قبل أن تحدث الكثير والكثير من التساؤلات والتكهنات: ماذا تريد أن تحقق على المستوى الصهيوني؟ أما على المستوى الفلسطيني فلا تساؤل ولا تكهن؛ لأنها حالة مرور ورفع عتب، أو ذرُّ الرماد في العيون. وهذا يرجع إلى مستوى الإهانة والمهانة، ما دامت سلطة رام الله ترضى بحفنة من الدولارات، وبابتسامة ووعود مغلفة بطبقة رقيقة من السكر.
ماذا تريد أن تحققه على المستوى الصهيوني؟ فهنالك على المستوى الأمريكي يراد منها أن تدعم الحزب الديمقراطي المتشائم من نتائج الانتخابات النصفية لمجلس الكونغرس. وكذلك تأمل حكومة يائير لابيد أن تنال من الزيارة بعضاً من الأصوات الشحيحة في الانتخابات القادمة، والتي لا تسمن ولا تخفف من جوع.
الجانب الأخطر يتمثل بما يمكن أن يقدمه جو بايدن للعلاقات الصهيونية بالدول التي ستشارك في القمتين الأولى والثانية، وقد أسماه البعض بأنه المزيد من إدماج الكيان الصهيوني بجسم الأنظمة العربية. وهو الذي سيكون مرفوضاً ومداناً من الرأي العام العربي، وسيعود بمزيد من الخراب للوضع العربي أو من الانهيار للنظام العربي
أما الجانب الأخطر فيتمثل بما يمكن أن يقدمه جو بايدن للعلاقات الصهيونية بالدول التي ستشارك في القمتين الأولى والثانية، وقد أسماه البعض بأنه المزيد من إدماج الكيان الصهيوني بجسم الأنظمة العربية. وهو الذي سيكون مرفوضاً ومداناً من الرأي العام العربي، وسيعود بمزيد من الخراب للوضع العربي أو من الانهيار للنظام العربي. فقد دلت التجربة على أن كل اقتراب عربي من الكيان الصهيوني من خلال معاهدة، أو تطبيع، أو تطبيع تحالفي، عاد على أصحابه بالخسارة وسوء السمعة، وعاد على النظام العربي بمزيد من الانهيار والشلل. وهو ما تؤكده الحال العربية، لا سيما في أجزائها التي اقتربت، ولو من بعيد أو بحذر، من الكيان الصهيوني؛ لأنه مثل الاقتراب من القدر الذي يعلوه السخام (الشحبار)، فإن تلمسه لا مفر من أن يلحق بك السخام (الشحبار).
على أن الذين راهنوا بأن نيل رضا الصهيونية سيؤدي إلى تدفق الاستثمارات والمساعدات والخيرات على اقتصاد البلد، وإذا بالاقتصاد يأخذ بالتراجع خطوة بعد خطوة، ولكن الأهم فقدان دورهم في البلاد العربية والمنطقة. هذا من دون أن يحدث الدمج، أو إعلان التحالف، فكيف إذا حدث التحالف والدمج، أي يصبح المطلوب أن تقوم دول عربية بحماية الكيان الصهيوني؟ وقد ظنوا كل الظن أن الكيان الصهيوني هو الذي سيحميهم، مما يدل على أن المطلوب الجديد سيعود على أصحابه والبلاد العربية بالخطر والهزيمة، والمزيد من الانهيار، وربما أخطار الحرب.
الجانب الأخطر يتمثل بما يمكن أن يقدمه جو بايدن للعلاقات الصهيونية بالدول التي ستشارك في القمتين الأولى والثانية، وقد أسماه البعض بأنه المزيد من إدماج الكيان الصهيوني بجسم الأنظمة العربية. وهو الذي سيكون مرفوضاً ومداناً من الرأي العام العربي، وسيعود بمزيد من الخراب للوضع العربي أو من الانهيار للنظام العربي
وكذلك السؤال: ما المتوقع من زيارة جو بايدن للسعودية، ومن القمة مع بعض الدول الخليجية والعربية؟
هنا ذهبت بعض التوقعات إلى تشكيل ناتو عربي تشارك فيه كل من أمريكا والكيان الصهيوني، ويكون
موجهاً ضد إيران. ولكن عملياً إذا ما تشكل سيكون ضد فلسطين وشعبها، ولتصفية القضية الفلسطينية، الأمر الذي سيفتح أبواب الغضب على هذا الحلف قبل أن يجد مقراً له أو يعقد اجتماعه الأول، هنا تصبح المشاركة العربية مباشرة ضد القضية الفلسطينية.
صحيح أن أمريكا والكيان الصهيوني يريدان أن يجرّا تلك الدول العربية إلى هذا الحلف بحجة أن يكون ضد إيران، وهو أمر قد يأخذ أشكالاً متعددة وأبعاداً غير محددة، ولكن الأكيد والملموس، والجاري العمل به ليل نهار، هو ما يقوم به الكيان الصهيوني من استيطان للضفة الغربية، ومن مصادرة للقدس وتهويدها، ومن عمل لهدم المسجد الأقصى، وإحلال الهيكل المزعوم مكانه.
هذا ما يجري على الأرض يومياً، وهذا ما يحدث الاشتباك معه على مدار الساعة، مما يعني أن مشاريع الدمج، أو التحالف، أو مشروع الناتو، أو التشبيك على مستوى الطيران والصواريخ المضادة للصواريخ، هدفه الأول والمباشر ليس إيران كما يدعون، وإنما فلسطين. وذلك بالرغم من أن التناقض بين أمريكا والكيان الصهيوني من جهة، وإيران ومحور المقاومة من جهة أخرى، هو تناقض عدائي لا يحلّ إلا بالحرب، بل إن خطط حربه على الطاولة أمام هيئة أركان الجيش الصهيوني، ولكنه مع ذلك مؤجل ما دامت الحرب لم تندلع حتى الآن. أما تفسير عدم اندلاعها فيعود إلى العجز عن كسب الحرب، كما إلى الخوف من الخسائر التي ستترتب عليها.
فالحرب في أوكرانيا بدأت تحسم -من دون أن تقترب من النهاية- في مصلحة بوتين وروسيا، وما على جو بايدن والناتو والخارجية الأمريكية، إلا الضرب كفاً على كف من مخاطر استمرارها وتوسّعها، وتفاقم نتائجها على الاقتصاد الغربي، ولا سيما ردود فعل الرأي العام
لذلك فإن ما يجري، بصورة مستعجلة، إنما هو ما يجري على الأرض ليل نهار في القدس والضفة الغربية، واستمرار حصار قطاع غزة، ومواصلة الاعتقالات والاعتداءات. ومن ثم فإن الهدف الأول الذي سيكون من أي تقارب مع الكيان الصهيوني، ومن أي تشارك معه، أو التحالف أو ما شابه، في زيارة بايدن للكيان الصهيوني أو السعودية، هو فلسطين وشعبها وقضيتها، وفي المقدمة هو القدس والمسجد الأقصى واستفحال الاستيطان والتهويد.
أما من جهة أخرى، فإن الزيارة تتم ضمن موازين قوى عالمية وإقليمية وفلسطينية، في غير مصلحة أمريكا بالدرجة الأولى، وفي غير مصلحة الكيان الصهيوني بالدرجة الثانية.
فالحرب في أوكرانيا بدأت تحسم -من دون أن تقترب من النهاية- في مصلحة بوتين وروسيا، وما على جو بايدن والناتو والخارجية الأمريكية، إلا الضرب كفاً على كف من مخاطر استمرارها وتوسّعها، وتفاقم نتائجها على الاقتصاد الغربي، ولا سيما ردود فعل الرأي العام، الذي زج به في حرب عالمية من دون أن يعلموه بأنهم آخذوه إلى حرب عالمية. هذا الارتباك في الموقف نتائجه سلبية على بايدن والقادة الأوروبيين، مع شعوبهم وناخبيهم.
هذه الدول، وإن أقامت علاقات مع الكيان الصهيوني، مستنكرة ومدانة، إلا أنها بمعظمها لا تريد أن تذهب إلى هذا الحد، سواء مع أمريكا والكيان والصهيوني، أم ضد إيران، أم بشكلٍ أو آخر -بالضرورة- ضد روسيا والصين
أما على المستوى الإقليمي وبصورة خاصة بالنسبة إلى الدول العربية المدعوة لهذا الاندماج والتحالف، فليس ثمة عند أيّ منها رغبة في الدخول في حلف من نمط الحلف الناتوي. فهذه الدول، وإن أقامت
علاقات مع الكيان الصهيوني، مستنكرة ومدانة، إلا أنها بمعظمها لا تريد أن تذهب إلى هذا الحد، سواء مع أمريكا والكيان والصهيوني، أم ضد إيران، أم بشكلٍ أو آخر -بالضرورة- ضد روسيا والصين.
ويدل على هذا ما حاولت أن تقوم به كل دولة من تلك الدول من ناحية عدم قطع الخيوط مع إيران، أو عدم الدخول في العداوة القصوى، ناهيك عن العلاقة بكل من روسيا والصين، وأضف ما أقيمت من علاقات حتى إيجابية.
ولهذا، فإن ما سيغلب على هذه الزيارة سيكون أقرب إلى النجاح الإعلامي والوهمي، منه إلى تشكل حلف من مستوى حلف الناتو، أو من مستوى عُشْره وأدنى. فليس هكذا تتشكل الأحلاف، وليس بمثل من قد دعوا لها تطلق الحروب. ولكن ما العمل إذا كانت الحاجة إلى الصورة الإعلامية والقنبلة الصوتية، أهم من الفعل الذي يغير في موازين القوى؟