قلل مراقبون من حظوظ نجاح خطة إعادة اللاجئين السوريين من
تركيا إلى محافظات خاضعة لسيطرة النظام السوري، وعزوا ذلك إلى انعدام الثقة بالنظام
السوري.
وكانت صحيفة "تركيا" المقربة من حزب "العدالة
والتنمية" الحاكم في تركيا، كشفت، الأربعاء، في تقرير عن رغبة أنقرة بأن تكون
مدن حمص، ودمشق، وحلب الخاضعة لسيطرة النظام، مناطق تجريبية لعودة آمنة وطوعية للاجئين
السوريين في المرحلة الأولى، ثم يمكن توسيع المناطق.
وأضافت الصحيفة أن هذه الخطة ستكون على طاولة المفاوضات مع
روسيا وإيران والنظام السوري، وتضمن سلامة اللاجئين في أثناء عودتهم وإعادة ممتلكاتهم،
ومنحهم جميع حقوقهم الشخصية، وستكون مسؤولية تنفيذها من قبل وحدات سياسية وعسكرية ودولية
مستقلة تقبلها الأطراف، بما في ذلك الدول الضامنة.
وحسب الصحيفة، فإن العائلات التي ستذهب إلى مناطق سيطرة النظام
ستُزود بتمويل لبناء المنازل وأماكن العمل والأراضي، في حين ستُوفر الأموال بشكل أساسي
من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج.
وتعليقا، يشير الناشط المهتم بقضايا
اللجوء السوري طه الغازي
لـ"عربي21" إلى أن الصحيفة ذاتها (صحيفة تركيا) كانت قد سربت في وقت سابق
بعض الأنباء عن مشروع العودة الطوعية إلى الشمال السوري، قبل أن يتم الإعلان عنها من
الدولة التركية، ما يعني من وجهة نظره، أن الصحيفة عادة ما تتحدث عن خطط موجودة فعلاً،
لأنها صحيفة مقربة من "العدالة والتنمية".
انزياح تركي
ويتفق مع الغازي، رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل،
لجهة ترجيح صحة الخطة التي كشفت عنها الصحيفة التركية.
ويقول لـ"عربي21"، إن الصحيفة مقربة من الحزب الحاكم
وتروج أو تمهد لسياساته، وكذلك فإن قراءة مجمل الانزياحات السياسية للحكومة التركية
التي تشكل عملية إعادة تموضع لسياستها الخارجية في الإقليم، سواء بمراجعة سياساتها
بشأن مصر والسعودية والإمارات، وتالياً بشأن الملف السوري الذي يُلحظ فيه مسألتان الأولى
تتعلق باللامبالاة تجاه الانتقادات الموجهة لها في إدارة ملف مناطق المعارضة، والثانية
تتصل بملف اللاجئين، تؤشر إلى وجود هكذا مخططات.
ويتابع قرنفل بالإشارة إلى زيادة معاناة اللاجئين السوريين
في تركيا من السياسات والقرارات "التضييقية"، إلى الحد الذي يستحيل معه الشعور بالاستقرار.
وبذلك، يعتقد المحامي أن "ما جاء في الصحيفة هو ملامح
خريطة طريق للبدء بوتيرة بطيئة في معالجة ملف اللاجئين في تركيا، التي لن تسمح بكل
أطيافها حكومة ومعارضة ببقاء أكثر من ربع مليون سوري فيها وكل ما يزيد عن ذلك سيغادرها
طوعا أو كرهاً".
حسن نوايا
وحسب الناشط الحقوقي طه الغازي فإن الخطة الجديدة تأتي تطبيقاً
لمخرجات قمة طهران التي جمعت بين زعماء روسيا وتركيا وإيران في تموز/ يوليو الماضي،
مضيفاً أن "من المعلوم أن تنفيذ هذه الخطة لا بد أن يتم بالتنسيق بين تركيا والنظام
السوري، ما يعني أننا أمام بداية مرحلة إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق".
ويكمل بأن الجانبين (تركيا، النظام السوري) يلتزمان باتخاذ
خطوات حسن نية، وفي مقدمات هذه الخطوات قضية اللجوء السوري.
وهنا يشير الغازي لتصريحات نائب رئيس حزب العدالة والتنمية
الحاكم حياتي يازجي التي أشار فيها إلى إمكانية فتح قناة تواصل مع الأسد وأن تصبح العلاقات
الثنائية بين أنقرة ودمشق مباشرة، بعد تصريحات وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو
التي كشف من خلالها عن لقاء وزير الخارجية في حكومة النظام السوري فيصل المقداد في
بلغراد الخريف الماضي.
وطبقاً للغازي، فإن كل الدول المجاورة لسوريا باتت تنظر إلى
ما يجري في
سوريا على أنه أزمة لجوء لديها، مضيفاً: "بمعنى آخر هذه الدول لا تعتقد
أن بقاء الأسد مشكلة، في حين ترى في استمرار اللجوء لديها مشكلة المشاكل، ولذلك الحل
من وجهة نظرها هو إعادة اللاجئين ولو كان ذلك يعني إعادة إنتاج النظام من جديد".
عديمة الحظوظ
لكن المحلل السياسي فواز المفلح يصف المخططات لإعادة اللاجئين
إلى سوريا مع بقاء نظام الأسد بـ"الخطة عديمة الحظوظ".
ويقول لـ"عربي21" إن الخطة تعتمد على ضمانات روسيا
في الشق المتعلق بالنظام، والشعب السوري وخاصة المهجر لا يثق بالجانبين (روسيا والنظام
السوري)، مختتماً بقوله: "لم تنته أسباب اللجوء، والنظام لا زال يواصل قتل الشعب
السوري، والحل لإعادة اللاجئين هو تغيير هذا النظام".
ويعيش في تركيا نحو 4 ملايين لاجئ سوري، ويعانون من
"التضييق" الحكومي ومن تصاعد خطاب العنصرية في الشارع ضدهم.