قضايا وآراء

دوافع الوساطة الأوروبية وأفق المناورة الإيرانية

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

100 مليار دولار قيمة النشاط التجاري والمالي المتحقق خلال عامين من رفع العقوبات على إيران في حال توقيع اتفاق يستأنف بموجبه العمل بالإتفاق النووي مع طهران.

الإتفاق سيحرر الأموال الإيرانية ويفتح الباب واسعا للوصول إلى الأسواق الدولية؛ الأمر الذي سيساعد طهران على تجاوز أزمتها الاقتصادية والمجتمعية التي تعكسها الاحتجاجات والاضطرابات في الشارع الإيراني بين الحين والآخر مهددة حالة الاستقرار السياسي التي تتمتع بها إيران.

التسريبات تشير إلى مرونة إيرانية عالية في التعامل مع مسودة الإتفاق الأوروبية التي تقدم بها ممثل السياسية الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل؛ فإيران بحسب بعض المصادر تبدي مرونة في  التعامل مع شرط رفع العقوبات عن الحرس الثوري مقابل ضمانات مكتوبة أمريكية تؤكد عدم التراجع عن الإتفاق مستقبلا؛ الأمر الذي لم يتمكن صاحب المبادرة جوزيب بوريل ممثل السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي من حسمه قبل إجراء مشاورات مع الإدارة الأمريكية.

الحديث عن إمكانية عقد اتفاق في المدى القصير تبدو بعيدة المنال خصوصا وأن المشرعين الأمريكان مقبلين على استحقاق انتخابي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل فيما عرف بالانتخابات النصفية التكملية؛ ما يجعل القبول بالشرط الإيراني غاية في الصعوبة خصوصا وأن الديمقراطيين يواجهون هزيمة متوقعة في الكونغرس تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

في المقابل فإن أوروبا لم تتوقف عن المحاولة لإتمام الإتفاق النووي لمواجهة استحقاق الشتاء الممثل بشح إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها ومنحنى التضخم الصاعد؛ والذي تأكل القارة الأوروبية بمواجهته من خلال ضمان تدفق إمدادات النفط والغاز الإيراني إلى الأسواق العالمية وصولا إلى أوروبا عبر مواني وأنابيب النفط التركية.

 

إبعاد طهران عن روسيا هدف أمريكي تعيقه الكثير من المصالح والأهداف المتضاربة بين طهران وواشنطن في الخليج العربي وشرق المتوسط ووسط آسيا ويزيده صعوبة الارتباك الأمريكي في الداخل الامريكي وانعدام اليقين السياسي؛

 



أبرز المحاولات الأوروبية لإقناع طهران جاءت من خلال الشقوف التي حددتها مسودة الإتفاق المقدمة من قبل جوزيب بوريل والتي أجابت عنها طهران يوم الإثنين الماضي بإيجابية؛ فأوروبا أرفقت المسودة بتخفيف العقوبات على إيران باستثناء المتعاملين مع الحرس الثوري وشركاته بطريقة غير مباشرة من العقوبات؛ والأهم الحديث عن 100 مليار دولار ستدخل خزينة الدولة الإيرانية لتعالج مشكلاتها في فترة قياسية لا تتجاوز العامين؛ بما يكفي لاستثمار الأموال ومعالجة الكثير من الأزمات قبيل انعقاد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام 2024 والتي لا يمكن ضمان نتائجها لصالح مرشح الحزب الديمقراطي.


ضمانات لعامين من الممكن أن توفرها الإدارة الأمريكية وضغوط الشركاء الأوربيين لمواجهة  محاولات التعطيل التي سيواجهها الإتفاق في حال فوز الجمهوريين بأغلبية المقاعد في الكونغرس؛ ما سيوفر المال والوقت الذي تحتاجه إيران لمعالجة الكثير من الإشكالات لتبدأ جولة جديدة في حال النكوص الأمريكي عن الإتفاق بعد عامين وهي فترة راحة كافية واستراحة محارب لن تغضب الروس الساعين لمعاقبة أوروبا وحرمانها من إمدادات الطاقة خلال الشتاء المقبل.

الحسابات دقيقة فجل ما يحتاجة الأوروبيون هو الوقت لإنشاء البنية التحيتية المناسبة وإيجاد البدائل المستدامة للطاقة الروسية ومواجهة الشتاء والتضخم القاسي الذي تولد عن الحرب الأوكرانية؛ وجل ما يحتاج الإيرانيون استراحة محارب مستفيدين من الصراع في أوكرنيا واضطراب أسواق النفط العالمية المتولدة عن ذلك.

المصالح الإيرانية والأوروبية تكاد تتطابق لمواجهة التحديات الآنية؛ إلا أن الحسابات الاستراتيجية الإيرانية بعيدة المدى متضاربة وبقوة مع واشنطن وبروكسيل سواء في هندسة العلاقة مع روسيا والصين أو النفوذ والدور الإيراني في غرب آسيا ووسطها.

فروسيا شريك مهم لطهران في سوريا ووسط آسيا؛ وعمق حيوي لمواجهة أمريكا وحلفائها في حال انهيار الإتفاق مجددا.

 

شكل الإتفاق وقرار طهران ومواقف الأطراف الدولية المتصارعة من الإتفاق المتوقع عقده؛ سيكشف عن طبيعة هامش المناورة والحركة للقوى الإقليمية الصاعدة عالميا؛ إن كان اتسع بفعل الانقسام في المنظومة الدولية والصراع في أوكرانيا وتايوان؛ أم ضاق واختنق.

 



إبعاد طهران عن روسيا هدف أمريكي تعيقه الكثير من المصالح والأهداف المتضاربة بين طهران وواشنطن في الخليج العربي وشرق المتوسط ووسط آسيا ويزيده صعوبة الارتباك الأمريكي في الداخل الامريكي وانعدام اليقين السياسي؛ المرفق بعجز عن اتخاذ قرار استراتيجي يوفر ضمانات مكتوبة لطهران في وقت امتنعت عن تقديمه لموسكو قبل عام، وهو شرط يمكن الاستعاضة عنه مجددا باتفاق يضمن حصول إيران على عائدات تفوق الـ 100 مليار قبيل انعقاد الانتخابات الرئاسية الأمريكية نهاية العام 2024.

في المحصلة النهائية جل ما يمكن الوصول إليه بين طهران وأوروبا اتفاق يسمح لإيران باستثمار 100 مليار دولار وأوروبا بتجاوز الشتاء القاسي والتضخم الخانق إلى حين إنجاز بنية تحتية تمكن أوروبا من استبدال الغاز و النفط الروسي.

فهل تقبل روسيا والصين بذلك؟ أم ستتمسك طهران بالضمانات الأمريكية المكتوبة بعدم الانسحاب من الاتفاق مستقبلا؟ 

أسئلة الإجابة عنها كامنة في قدرة طهران على مراعاة مواقف الأطراف المنخرطة في الملف كافة؛ وتحقيق مصالحها؛ سواء في بكين وموسكو؛ أو واشنطن وبروكسل؛ أمر غاية في التعقيد؛ فهل تستبدل إيران شركاء متقلبين في بروكسيل وواشنطن بشركاء أكثر ديمومة وموثوقية في بكين وموسكو وهل الثمن المقدم أوروبيا وأمريكيا يستحق ذلك؟

ختاما .. شكل الإتفاق وقرار طهران ومواقف الأطراف الدولية المتصارعة من الإتفاق المتوقع عقده؛ سيكشف عن طبيعة هامش المناورة والحركة للقوى الإقليمية الصاعدة عالميا؛ إن كان اتسع بفعل الانقسام في المنظومة الدولية والصراع في أوكرانيا وتايوان؛ أم ضاق واختنق.

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (1)
احمد
الخميس، 18-08-2022 10:54 ص
المشكله ليست في امريكا ولا بالاتفاق النووي و انما في ايران التي تريد ان تفرض نفسها كقوة استعماريه في المنطقه فهي عندما تستعمر العراق الذي ينتج 7 مليون برميل يوميا لا يمكن ان يتقبل العقل ولا المنطق ان يستمر هذا الهراء طويلا خاصه في ضل عز ازمه الطاقه العالميه المشكله بكل بساطه ان تلتزم ايران بحدودها و تكف عن تصدير قذاراتها لدول الجوار