نفى
المراقب العام لجماعة
الإخوان المسلمين في
سوريا، الدكتور محمد حكمت وليد، صحة ما يردده
البعض حول "تورط الجماعة في فخ
المصالحة مع نظام الأسد"، قائلا: "هذه
فرية يعلم قائلها أنها كذب صراح"، مؤكدا أن "هناك مَن يتعمد الإساءة للجماعة
وتاريخها الطويل في الريادة الفكرية ومقاومة الاستبداد السياسي".
وقال،
في مقابلة خاصة مع "عربي21": "جماعة الإخوان سيدة قرارها، وهو قرار
تأخذه مؤسساتها الراسخة منذ عقود، ومخطئ من يظن أن أحدا بإمكانه توريط الجماعة في مسار
لا تريده، ولدينا قناعة أثبتت الأيام صحتها، هي أن النظام الأسد بطبيعته نظام إبادة
إجرامي، لا يقبل الإصلاح، ولا يقبل الشراكات، ولا المصالحات".
ورأى
وليد أن "القضية السورية، في ظل انسداد الأفق أمام الحل السياسي الذي تواجهه مؤسسات
المعارضة القائمة، بحاجة إلى قوى سياسية وطنية رديفة، منبثقة من جذور شعبية، تمثل الشارع
السوري وتستطيع محاورته وقيادته، وتضغط على صانع القرار لتلبية مطالب الشعب السوري
وتحقيق طموحات ثورته".
وتاليا
نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
البعض
يقول أن هناك مساعٍ جارية لتوريط جماعة الإخوان في ملف المصالحة مع نظام الأسد.. ما
مدى دقة ذلك؟
جماعة
الإخوان سيدة قرارها، وهو قرار تأخذه مؤسساتها الراسخة منذ عقود، ومخطئ من يظن أن أحدا
بإمكانه توريط الجماعة في مسار لا تريده، هذه واحدة. والأخرى أن لدى الجماعة قناعة
أثبتت الأيام صحتها، هي أن نظام الأسد بطبيعته نظام إبادة إجرامي، لا يقبل الإصلاح،
ولا يقبل الشراكات، ولا المصالحات.
كيف
تنظرون لمحاولات التطبيع بين تركيا والنظام السوري؟ وما موقفكم من موقف أنقرة؟
صحيح
أن سوريا وتركيا دولتان جارتان تربطهما أواصر تاريخية وثقافية ودينية عميقة، إلا أن
تاريخ النظام السوري تجاه تركيا مليء بالغدر والتحريض، وهو الذي احتضن أوجلان الزعيم
الانفصالي الكردي لمدة 28 عاما (من 1970 إلى 1998)، وقام بتدريب الانفصاليين وتسليحهم.
وأحب
أن أكرر القول هنا إن الجماعة لا تتدخل في السياسات الداخلية لأي بلد تقيم في أرضه،
لكنها تتمسك بموقفها الثابت القائل بأنه لا بد من تغيير نظام الإبادة والإجرام في سوريا
من أجل مصلحة الشعب السوري وكل شعوب المنطقة، كما نعتقد أن التطبيع مع نظام مجرم قاتل
ليس في صالح أي بلد.
لكن
البعض يرى أن المصالحة أو التقارب مع نظام الأسد ربما يساهم في حلحلة الأزمة السورية..
ما تعقيبكم؟
النظام
السوري نظام أقلوي طائفي منغلق على نفسه وقائم على التسلط والقتل والإرهاب، والمصالحة
أو التقارب معه يرسخ إجرامه، ويشرعن تسلطه، ويزيد من تفاقم الأزمة السورية الممتدة
لعقود.
هل غياب
البديل لنظام الأسد هو السبب الرئيس الذي دفع البعض للتقارب مع النظام السوري؟
سوريا
من أوائل البلدان المُستعمرة التي نالت استقلالها في أربعينيات القرن الماضي، والشعب
السوري من أكثر الشعوب حيوية وثقافة، ومر في تاريخه بفترات ديمقراطية ونضج سياسي متفوق
على أقرانه في المنطقة. والحقيقة المرة أن النظام الأسدي (الأب والابن) أحال سوريا
خلال نصف قرن من الحكم المخابراتي البوليسي إلى صحراء سياسية، وشرّد منافسيه وبدائله
إلى المنافي والسجون والمقابر.
ما دلالة
إعادة تفعيل دائرة دعم المفاوضات المتوقفة عام 2020 وتسليم رئاستها للإخوان؟
لا أعلم
دائرة بهذا الاسم، ولعلك تقصد هيئة المفاوضات التي يرأسها الدكتور بدر جاموس خلفا للأستاذ
أنس العبدة، والدكتور بدر هو ممثل التيار الوطني السوري في الائتلاف وليس من الإخوان
المسلمين.
مَن
صاحب قرار إعادة تفعيل دائرة دعم المفاوضات؟ وما أبرز المهام الحالية المنوطة بها؟
لعل
رئيس الهيئة الجديد أراد من المبعوثين الدوليين القيام بمهامهم وإعادة الحياة إلى هيئة
المفاوضات التي ركدت منذ عام 2020، وهذه مهمة عسيرة، والنظام السوري لم يكن جادا في
المفاوضات في أي مرحلة من المراحل، وهذا ما أوصل ما سمي بالحل السياسي إلى حالة عبثية
لتمرير الوقت وفرض الأمر الواقع.
هناك
من يرى أنه بالرغم من أنكم ترفضون بشكل معلن اللجنة الدستورية ومسار أستانا، إلا أنكم
تحتفظون ببعض الممثلين المعلنين وغير المعلنين في اللجنة الدستورية ووفد أستانا.. ما
ردكم على ذلك؟
نحن
انسحبنا من اللجنة الدستورية منذ بداية تشكيلها لإيماننا بعدم جدواها في إيجاد حل للقضية
السورية، وليس لنا ممثلون فيها معلنون أو غير معلنين. صحيح أن في اللجنة الدستورية،
وفي أستانا، بعض الإسلاميين، ولكن ليس كل الإسلاميين إخوانا مسلمين.
على
صعيد آخر، ما الجديد بخصوص الانتخابات الداخلية الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين؟
حسب
نظامنا الداخلي، الانتخابات استحقاق دوري كل أربع سنوات، يتم فيها انتخاب مجلس شورى
جديد ينتخب مراقبا عاما جديدا يشكل بدوره قيادة تنفيذية جديدة يعتمدها المجلس.
هل ستكون
هذه الانتخابات استثنائية أم أنها ستكون انتخابات شكلية ومجرد تدوير للمناصب كما يقول
البعض؟
ليست
الانتخابات القادمة استثنائية، لأنها استحقاق تنظيمي يأتي في إبانه، وليست شكلية كذلك،
لأن انتخاباتنا أصبحت أعرافا راسخة، وهي انتخابات تنافسية حقيقية، وإن لم تكن تخلو
من بعض التجاذبات التي هي في طبيعة الانتخابات التنافسية نفسها.
متى
سيتم إجراء هذه الانتخابات بشكل محدد؟
تتم
الانتخابات القادمة في نهاية الدورة الحالية، أي في أواخر العام الحالي.
ما مدى
صحة ما يُقال حول وجود خلافات داخل الجماعة في ظل ما يصفه البعض بـ "صراع الأجيال
والأفكار"، وإشكالية المناطقية بين كتلتي حلب وحماه؟
رغم
القبول العام لأفكار الجماعة ومنهجيتها في العمل لدى شرائح واسعة من الشعب السوري،
إلا أن ظروف الهجرة المتطاولة والملاحقات الأمنية الشرسة أدت إلى الحد من الكسب الجديد
من شريحة الشباب إلى صف الجماعة، وهذا أمر مفهوم نعمل على تدارك آثاره على عملية الانتشار
والنماء.
وتحدث
بعض الاجتهادات والخلافات أحيانا حول بعض طرائق العمل وجدواها، مثل العلاقة بين الدعوي
والسياسي ودور الأخير في الجسم التنظيمي للجماعة، لكن مجلس الشورى هو الذي يحسم هذه
القضايا في نهاية المطاف.
أما
المناطقية التي كانت بارزة في بعض المراحل السابقة من حياة الجماعة فقد خفّت كثيرا
باختفاء ظروفها إلى حد التلاشي.
هل تنوي
الترشح لمنصب المراقب العام أم لا؟
لا أنوي
الترشح ولا يحق لي ذلك نظاما، لأني أنهيت دورتين قياديتين متتاليتين، كل واحدة منهما
امتدت لأربع سنوات.
كيف
تأثرت جماعة الإخوان باستقالة بعض قادتها وكوادرها خلال السنوات السابقة؟ وهل هناك
تواصل مع هؤلاء المستقيلين لمحاولة إعادتهم لصفوف التنظيم أم لا؟
يشعر
بعض الإخوة أحيانا بأن الارتباط التنظيمي يحد من حريتهم في العمل، خاصة إذا كان لديهم
آراء في الدعوة والسياسة لا تنسجم مع آراء الجماعة الرسمية، وعادة تقبل الجماعة استقالة
هؤلاء الإخوة، لأنها وإن كانت تعتقد بصواب منهجها في العمل، إلا أنها تعترف بوجود الحركات
والاتجاهات الإسلامية الأخرى، وأن لها الحق في التعبير عن نفسها والدعوة حسب منهجيتها.
وفي
كل الأحوال تحافظ الجماعة على علاقاتها الحسنة مع الجميع، وتعتقد أنها وكل العاملين
للإسلام في سفينة واحدة، نجاتها نجاة للجميع، وغرقها غرق للجميع لا سمح الله.