كتب الكثير عن الثورات المغدورة في
العالم العربي، فالثورة في السودان وقبلها في سوريا وليبيا وتونس واليمن، مع بقية
الثورات، فيها الكثير من زخم المؤامرات والتواطؤ المستمر، والعديد من الدروس
البليغة.. سوريا ومصر وتونس فيها أيضاً قراءة عميقة للواقع العربي، الذي لم تعد كل
التحليلات الكلاسيكية تصح لتقديم فهم تحليلي من منظور يساري أو ماركسي أو ليبرالي،
لكن ما يصح فهمه بشكل بسيط، وهو أخطر من هذا وذاك، أن الثورات من وجهة نظر أعدائها
تمثل قفزة نوعية في تكريس
الديمقراطية، التي بات الحديث فيها أو التعبير عنها يدور
في ساحات وميادين عربية كلفت ملايين الضحايا، في رحلة استنساخ دموية وفاشية تارة،
وبانقلابات عسكرية بقبضة حديدية على مفاصل المجتمعات والأوطان تارة أخرى.
لا
نعتقد أننا مقدمون، بقدر أو بآخر، على الاستعانة بالنظرية، لتحليل ما شهدته
الثورات والحركات والأحزاب السياسية في العالم العربي، بعضها كان خانعا للاستبداد
من جهة وللتطبيع مع الاحتلال من جهة أخرى، والبعض كانت له ارتدادات مذهبية طائفية
واصطفافات مع السلطة وذراعها العسكرية، ضد الشعب الثائر. وتلك من أبرز الظواهر
التي لازمت الثورات العربية منذ اندلاعها، مع الأمراض التي افرزتها. وهذا ليس هدف
المقال، الذي نريد له أن يقتصر على معالجة قضية الثورات والثورات المضادة، أو الخوف
من الديمقراطية داخل المجتمعات العربية، وبالتالي يكون وأد المواطنة والحرية هدفا
معلنا من قبل النظام الرسمي العربي.
القضية التي نريد لها أن تكون مثار اهتمام المواطن العربي، وهي كذلك، حاضرة ومرفوعة العناوين بالشعارات التي صدحت بها حناجر هادرة في شوارع مدن عربية، للمطالبة بالديمقراطية والحرية والمواطنة، فهي مطلب الإنسان العربي الأول، وحاجته إليها توازي خبزه اليومي
لكن
القضية التي نريد لها أن تكون مثار اهتمام المواطن العربي، وهي كذلك، حاضرة
ومرفوعة العناوين بالشعارات التي صدحت بها حناجر هادرة في شوارع مدن عربية، للمطالبة
بالديمقراطية والحرية والمواطنة، فهي مطلب الإنسان العربي الأول، وحاجته إليها
توازي خبزه اليومي. فبدون الديمقراطية، لن تكون كرامة، ولن يتحقق مهما طال المدى
أي نصرٍ، حتى على أصغر المشكلات داخل المجتمعات العربية، وستتراكم الأزمات كما هي
حتى تتفجر البراكين مجددا، لتتحول كوارث على رؤوس الطغاة والمستبدين رغم طول فترة
إعادة السيطرة الظاهرة في غدر الثورات واستحكام القهر والذل مجدداً من رقاب البشر.
تكرس
داخل الشارع العربي بفضل تنامي الوعي الشعبي، الذي حبل فيه عقد الثورات، الفص بين ما
اهترأ من شعارات، وبين ما تم الرد به على مطالب الإنسان العربي في مصر وسوريا، كنموذجين
نافرين في التاريخ المعاصر للفشل بكل الاتجاهات واستثناء القمع والدمار من هذا
الفشل، الذي أغرق فيه النظام السوري البلاد بمغطس من الدم والحطام الهائل، وصولاً
لحالة الفشل السياسي والثقافي والفكري التي خُذل بها الشارع العربي من نخبه وقواه
التي نصبت كمائن التخويف وخلجان الرعب من الثورات ومن الديمقراطية.
معظم النظام العربي، لم يرق له هذا التنامي في الوعي ضد الإستبداد والطغيان، فلجأ الى أساليب مكشوفة ومفضوحة بأكثر من مناسبة ووسيلة؛ من الخداع والتضليل والغدر إلى تمويل ودعم الثورات المضادة مهما كانت الكلفة باهظة، والثمن القضية الفلسطينية
من هنا،
يمكن القول، ولا تثريب في ذلك، أن معظم النظام العربي، لم يرق له هذا التنامي في
الوعي ضد الإستبداد والطغيان، فلجأ الى أساليب مكشوفة ومفضوحة بأكثر من مناسبة
ووسيلة؛ من الخداع والتضليل والغدر إلى تمويل ودعم الثورات المضادة مهما كانت الكلفة
باهظة، والثمن القضية الفلسطينية، أكثر القضايا عدالة في وجدان وضمير الشارع
العربي.
فهي تشكل
لب الحديث ووضوحه، فإذا كانت نظريا تمثل هرم القضايا التي تشغل قادة العالم العربي
في قممهم واجتماعاتهم، لكنها تتعرض لمؤامرة علنية من قادة ومحور الثورات المضادة، ومن
محور
التطبيع والتصهين، المنشغل بتمتين تحالفه مع المؤسسة الصهيونية، فلنا أن
نتخيل حجم الهجمة والمؤامرات على بقية الثورات العربية وما يهم الإنسان العربي من
مطالب بسيطة.
بالتأكيد،
أصبح للمحتلين وللطغاة ينابيع جديدة يشيرون إليها، بكفاية ارتوائهم من خزان
الجرائم وتبادلها أو التفاضل بينها، لكن الرعب سيبقى مدويا من الحرية والكرامة
والمواطنة، في قلب كل طاغية ومجرم ومحتل، وسيبقى الخوف على الثورات ومن كلفتها
الباهظة في الضحايا التي جرفت الأوطان والأجساد، غير أن الإنسان العربي حسم أمره
في تعكير مزاج الحاكم الفرد الذي كان محوراً لكل شيء، وما زال يعتقد أنه المخلص
لكل شيء، فانكسرت سواعده، لتبقى جبيرته صهيونية للاستشفاء من مرض الحرية.
twitter.com/nizar_sahli