هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد قرار استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي في حزيران/ يوليو الماضي، رفض مقتدى الصدر بشكل قاطع المشاركة بحكومة يشكلها مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة عن المستقبل السياسي للتيار الصدري.
بناء على قرارات الصدر الأخيرة، فإن التيار الصدري بات خارج السلطتين التشريعية والتنفيذية لأول مرة منذ انخراطه في العملية السياسية ومشاركته في أول انتخابات تشريعية عام 2005، بعدما حلّ أولا في الانتخابات الأخيرة عام 2021 بحصوله على 73 مقعدا.
"محفوف بالمخاطر"
من جهته، قال المحلل السياسي وأستاذ الإعلام في العراق، الدكتور غالب الدعمي إن "الرؤية التي تذهب باتجاه أن الإطار التنسيقي سيسعى إلى تحجيم دور التيار الصدري بوسيلة أو أخرى، أنا اتفق معها، وهذا صراع طبيعي بين الأحزاب السياسية سواء في العراق أو خارجه".
وأضاف الدعمي خلال حديث مع "عربي21" قائلا: "لكن هل هذا التحجيم الذي يعتزم الإطار التنسيقي اتخاذه بحق التيار الصدري، سيخضع لضوابط أخلاقية أو غير أخلاقية هذا ما ننتظره في المرحلة المقبلة".
وأشار الخبير العراقي إلى أن "التيار الصدري ينتظره مستقبل آخر، فإذا نجحت الحكومة التي يشكلها الإطار التنسيقي، فإن مستقبل التيار السياسي سيكون محفوفا بالمخاطر، وإذا فشلت فسيكون له دور كبير بالمستقبل".
اقرأ أيضا: الصدر يهاجم السوداني ويرفض مشاركة تياره بحكومته
ولفت الدعمي إلى أن "المشهد السياسي في العراق ما زال غامضا حتى اللحظة ولا يمكن التكهن به، وربما يكون خاضعا للمفاجآت المحلية وكذلك الوضع الدولي، فضلا عن طريقة تعامل الحكومة مع الملفات الداخلية والخارجية وملفات المواطنين العراقيين".
وهاجم التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، السبت، مساعي تحالف الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة وصفها بأنها "ائتلافية مليشياوية مجربة"، مجددا رفضه المشاركة فيها، ومتحدثا عن مساع لإرضاء التيار من خلال منحه مناصب في تلك الحكومة.
وتحدّث المقرب من الصدر أو ما يعرف بوزير الصدر صالح محمد العراقي في بيان عبر حسابه على "تويتر" عن وجود "مساع لا تخفى لإرضاء التيار وإسكات صوت الوطن"، في إشارة إلى تصريحات إعلامية وخبراء يتحدثون عن إمكانية اقتراح مناصب وزارية على التيار الصدري.
وقال صالح: "في خضم تشكيل حكومة ائتلافية تبعية مليشياوية مجربة لم ولن تلبّي طموح الشعب بعد أن أُفشلت مساعي تشكيل حكومة أغلبية وطنية.. نشدد على رفضنا القاطع والواضح والصريح لاشتراك أي من التابعين لنا. في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسدين وسلطتهم".
وأضاف: "كل من يشترك في وزاراتها معهم ظلما وعدوانا وعصيانا لأي سبب كان فهو لا يمثلنا على الإطلاق بل نبرأ منه إلى يوم الدين ويعتبر مطرودا فورا عنّا (آل الصدر)".
"قص الأجنحة"
وفي السياق ذاته، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، نجم المشهداني أن "مستقبل التيار الصدري في ظل تواجده خارج السلطتين التشريعية والتنفيذية، لا شك أنه لا يأتي له بخير، لأن الصدر قدم 73 مقعدا على طبق من ذهب لخصومه، وهذا لم يحصل في ديمقراطيات العالم".
وأضاف المشهداني لـ"عربي21" أن "التيار الصدري باعتقادي مقبل على انشقاقات لقيادات الصف الأول، وبدأت أماراتها بطلب أحد المرشحين عن التيار الصدري بمقعد برلماني ليشغله بديلا عن أحد النواب المستقيلين، إضافة إلى تبرؤ الصدر من أي شخص يتسلم منصبا بحكومة السوداني".
وأوضح الباحث أن "الإطار التنسيقي عازم على قص أجنحة التيار الصدري قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، ولا سيما قانون الانتخابات الذي حصل التيار من خلاله على أعلى عدد من المقاعد، والتي لن يحقق مثلها مستقبلا، إضافة إلى نيته استبدال مفوضية الانتخابات".
وتابع: "صحيح أن جمهور التيار الصدري ثابت بحكم التقليد الديني الذي يدينون بالولاء له، وبالتالي فهم يعيدون انتخاب أي قائمة يشارك فيها التيار في الانتخابات البرلمانية، لكن الإطار التنسيقي سيعمل على بعثرة مراكز القوى للصدريين من خلال قانون انتخابات جديد".
اقرأ أيضا: هل طريق "السوداني" معبدة لتشكيل حكومة منتظرة بالعراق؟
وتوقع الباحث أن "يدفع التيار الصدري ثمنا كبيرا خلال المرحلة المقبلة في حال بقي مكتوف الأيدي حيال ما يجري في المشهد السياسي، لأن حكومة الإطار التنسيقي ستجرد الصدريين من مناصبهم التي وصلوا إليها في السلطة التنفيذية منذ حكومة حيدر العبادي".
وأردف: "الإطار التنسيقي كان يتهم التيار الصدري بأنه يؤسس دولة عميقة داخل مفاصل الدولة العراقية، بدءا من أمين عام مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي ومرورا بوكلاء الوزارات وانتهاءً بالمدراء العامين".
بعد عام من الانتخابات التشريعية المبكرة، انتخب البرلمان العراقي، الخميس، مرشح التسوية السياسي الكردي عبد اللطيف رشيد (78 عاما) رئيسا للجمهورية، الذي بدوره كلّف مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني (52 عاما)، بتشكيل حكومة جديدة للبلاد.
وأمام رئيس الوزراء العراقي المكلّف 30 يوما منذ يوم تكليفه لطرح التشكيلة الحكومية الجديدة. وأعرب السوداني في كلمة له، الخميس الماضي، عن استعداده "التام للتعاون مع جميعِ القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواء منها المُمثَّلة في مجلس النواب أو الماثلة في الفضاء الوطني".