هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
للمرة الخامسة منذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1943، يدخل لبنان مرحلة الفراغ السياسي عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق للبنان ميشال عون.
ويأتي ذلك بسبب فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد في أربع جلسات مخصصة لذلك خلال المرحلة الماضية.
وفي جلسة الـ24 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم تتمكن الكتل النيابية المنبثقة عن انتخابات أيار/ مايو الماضي، فيما تسود توقعات بأن يمتد الشغور الرئاسي لأشهر عدة.
وينص الدستور اللبناني على أن تتولى الحكومة صلاحيات الرئيس في حال تعثّر انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية ولاية الرئيس الحاليّ.
ويتألف البرلمان من 128 نائبا، وتتوزع مقاعده بواقع: 28 للسنة و28 للشيعة و8 للدروز و34 للموارنة و14 للأرثوذكس و8 للكاثوليك و5 للأرمن ومقعدين للعلويين ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.
وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية، بحيث يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس البرلمان شيعيا، ورئيس الحكومة سُنيا.
وعلى مدى 79 عاما لم تنتقل السلطة من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة وفي سياق انتخابات رئاسية طبيعية، إلا خلال عهدين فقط من أصل 13؛ إذ طبعت نهاياتِ معظم العهود صراعاتٌ وحروبٌ وفراغاتٌ، كان معظمها ينتهي بتسويات داخلية أو إقليمية ودولية تؤدي لانتخاب رئيس جديد.
لبنان دون رئيس مؤقت بعد عون
وفي إشكال سياسي آخر، يتعين انتقال صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء، وفق الدستور، لكن الخلافات السياسية حالت منذ الانتخابات النيابية في أيار/ مايو دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تواصل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي ممارسة مهماتها.
ورفضا منه لأن تمارس حكومة ميقاتي صلاحيات الرئيس، استبق عون انتهاء ولايته بتوقيع مرسوم اعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة. ومنذ أسابيع، يتبادل عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الاتهامات بتعطيل تأليف حكومة نتيجة شروط وشروط مضادة.
وأدخلت خطوة عون البلاد في جدل دستوري حول صلاحيات حكومة ميقاتي، الذي أكد أن حكومته، التي تعد عمليا مستقيلة منذ الانتخابات البرلمانية، ستتابع قيامها بتصريف الأعمال.
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري المجلس النيابي إلى عقد جلسة الخميس لتلاوة رسالة وجهها عون إلى المجلس، اتهم فيها ميقاتي بعرقلة تشكيل الحكومة والسعي إلى "السطو على رئاسة الجمهورية".
وهذا الفراغ الدستوري يثير تساؤلات عدة حول من سيحكم البلاد خلال المرحلة المقبلة؟
اقرأ أيضا: لماذا لم يمدد رئيس لبنان ولايته؟ شرط دستوري وسوابق تاريخية
القادة السياسيون "يتحملون المسؤولية"
من جهته، رأى المحلل السياسي جوروج عاقوري، في حديث للأناضول، أن "القادة السياسيين لا يعول عليهم في انتخاب رئيس جديد للبلاد في وقت قريب، لأنهم هم من أسهموا بالوصول إلى هذا الشغور الرئاسي بسبب تعطيل جلسات الانتخاب في مجلس النواب".
وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي منير الحافي، للأناضول إن "الفرقاء السياسيين في لبنان منقسمون فيما بينهم في موضوع التعامل مع الشغور الرئاسي كما هم منقسمون في مواضيع أخرى".
"الحل بثقل دولي"
ولا يتوقع الصحفي والكاتب السياسي غسان جواد، أن تطول مدة الفراغ على الصعيد الرئاسي، قائلا للوكالة ذاتها: "برأيي مجرد أن الترسيم الحدودي تم، سيفتح معه كثيرا من الأبواب، منها رئاسة الجمهورية وأتوقع فراغ أشهر وليس سنوات".
وفي هذا الصدد رأى الصحفي أن "السبيل الوحيد لانتخاب رئيس هو الذهاب والاقتراع للشخصية التي يراها النواب مناسبة ولتكن عملية ديمقراطية لانتخاب الشخص المناسب لإنقاذ لبنان من المحنة غير المسبوقة التي يمر بها".
وأضاف: "لنكن واقعيين، لن ينتخب رئيس للبنان إلا باتفاق عربي إقليمي دولي يشارك فيه أصدقاء للبنان كي يعطوا ’الاسم السحري’ للشخصية المطلوبة".
وأكد أن "رئاسة لبنان ليست حدثا محليا فقط، بفعل طبيعة النظام الذي يتيح التدخل الدولي، فإن رئاسة لبنان، تنتج دوليا بتفاهم محلي واسع. فضلا عن ذلك فإن المجلس النيابي الجديد لا يضم أكثرية لأي طرف قادرة على انتخاب رئيس، وإنما مجموعة كتل صغيرة غير متفقة، لذا فإنه يجب في مرحلة الفراغ أن تترافق مع جهود محلية ودولية لإنجاز هذا الاستحقاق، والفرنسيون يعملون جديا على الملف بموافقة أمريكية، لاسيما بعد الترسيم".
ويتوقع جواد أن "ينعكس الخلاف المستجد ما بين الإدارة الأمريكية الحالية وبين السعودية، على إمكانية التفاهم بينهما على الملف اللبناني ولاسيما الرئاسي"، يؤكد منيّر أنه سأل هذا السؤال للسفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، "وأجابني نفيا بأن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة لن تؤثر على الملف اللبناني، بكون الخلاف مع الولايات المتحدة ينحصر في ملفات محددة ولا ينعكس على غيرها".