أكد
رئيس بلدية بنزرت
التونسية المُعفى كمال بن عمارة، أنه رئيس شرعي ومنتخب للبلدية، وأنه سيتوجه إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار إعفائه الصادر عن الرئاسة.
وقال بن عمارة، في تسجيل صوتي نشره على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إنه وأعضاء المجلس البلدي كانوا يتوقعون هذا القرار، ومحاولة إعادة السيطرة على البلدية بدأت تقريبا منذ نحو عام، تماما كما تم وضع اليد على كافة السلطات بالبلاد.. ومن موقعي كملتزم بالقانون لم أستجب ولا يمكنني أن أستجيب لهذه الرغبات..".
وأشار بن عمارة إلى أن هذا الموقف الرافض للخروج عن الضوابط القانونية المنظمة للعمل البلدي، أوجد إشكالا بين البلدية والمحافظة (الولاية) محليا، ومع وزارة الداخلية وبعض أجهزة الحكم المركزي في العاصمة.
وأضاف: "لقد تفاقمت الأزمة بعد استجابتنا لعريضة بنزرت، التي طالبت بعدم تزيين المدينة لكي يراها المسؤولون على طبيعتها.. لقد تلقيت بعد ذلك مراسلة للمثول أمام محافظ بنزرت لمساءلتي حول هذا الموضوع.. وقد أجبت عن المراسلة بكتاب أوضحت فيه أن المحافظ لا يملك صفة الاختصاص ليسائل رئيس بلدية منتخب، كما أن ما جاء في رسالة الاستدعاء لا ينسجم مع الفصل 253، الذي ينص على أن المساءلة تجري في حالات قصوى كالإخلال بواجبات رئيس البلدية وهي في حالتي غير موجودة، هذا فضلا عن أن هذه المساءلة تمثل سابقة خطيرة".
وذكر بن عمارة أن قرار إعفائه يأتي أيضا بعد "إقدام المجلس البلدي ببنزرت على طلب التعويضات من فرنسا لضحايا معركة بنزرت من 19 تموز (يوليو) إلى 23 تموز (يوليو) 1961.. من باب الحق الشخصي للمجلس البلدي في المطالبة بتعويضات حول ملكه الخاص والعام، وهذا مسار يتقدم قضائيا ولن نتراجع عنه، بما أزعج السلطة المركزية".
وتابع: "الأمر الآخر الذي أزعج السلطة المركزية هو تفعيل قرارات المحكمة التونسية، ولا أقول المحكمة الأفريقية، لأن هذه الأخيرة جزء من النظام القضائي التونسي بعد توقيع البروتوكول، والتي بمقتضاها يتم إلغاء كل الفصول التي بنى عليها قيس سعيد مساره".
وأكد بن عمارة أن "هذه التصرفات تبعث على الأسف، وأن هذه القرارات لن تصبح سارية المفعول إلا بعد رفض الطعن الذي سنقوم به أمام المحكمة الإدارية في الآجال القانونية.. وبالتالي هذا القرار ليس له أي مفعول على الأرض"، وفق تعبيره.
وصدر أمس الخميس بالرائد الرسمي للجمهورية التونسيّة أمر يقضي بإعفاء رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة، من مهامه، وذلك لـ "ثبوت ارتكابه لأخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون والإضرار الفادح بالمصلحة العامّة"، وفق ما ورد في نصّ الأمر.
وجاء القرار، وفق إذاعة "موزاييك" المحلية بعد خلافات متكرّرة بين رئيس بلدية بنزرت كمال بن عمارة ووالي بنزرت بعد أن رفض بن عمارة طلب والي بنزرت تزيين المسلك الرئيسي الذي مرّ منه رئيس الجمهوريّة خلال عيد الجلاء، كما أرسل لفت نظر إلى رئاسة الجمهورية والحكومة والداخليّة حول رفض رئيس البلدية تنفيذ قرارات هدم ضدّ منازل أشخاص نافذة إضافة إلى رفضه الحضور إلى مقرّ الولاية للإجابة عن استجواب يتعلّق برفضه تزيين الشارع خلال عيد الجلاء.
وقد أدان الحزب الجمهوري القرار الرئاسي واعتبره تدخلا سافرا في شؤون سلطة محلية منتخبة ومواصلة لثقافة الانقلاب في الهجوم على كل الهيئات والمؤسسات المستقلة والمنتخبة.
وأكد الحزب في بيان له اليوم تضامنه الكامل مع كمال بن عمارة والمجلس البلدي ببنزرت ودعمه لكل الخطوات التي يتخذها للتصدي لهذا القرار الجائر وإبطال مفعوله.
وأكد أن إقدام رئيس سلطة الأمر الواقع على هذه الخطوة في خضم حملة انتخابية باهتة لتركيز مجلس نيابي صوري يؤكد استهتار هذه السلطة بكل قواعد ومبادئ النظام الديمقراطي وإصراره على إعادة تونس إلى أحلك فترات الحكم الاستبدادي.
وواجه التونسيّون الجيش الفرنسي في معركة الجلاء بمحافظة بنزرت شمال تونس في أحداث دموية اندلعت يوم 19 يوليو/تموز 1961، وتواصلت إلى يوم 22 من الشهر نفسه، تاريخ إصدار مجلس الأمن الدولي القرار 164 القاضي بوقف إطلاق النار، وخلفت تلك الحرب مئات القتلى والجرحى..
وكانت هيئة الحقيقة والكرامة، المكلفة بالعدالة الانتقالية قد طالبت قبيل انتهاء أعمالها، في تموز (يوليو) 2019، الجمهورية الفرنسية، وعبر مذكرة رسمية مرفوعة إلى رئيسها إيمانويل ماكرون، بالاعتراف والاعتذار عمّا ارتكبته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومنها انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين، وذلك بعد تحديد مسؤولية فرنسا خلال فترة احتلالها لتونس بين 1881 و1956 وما بعدها.
وطالبت الهيئة فرنسا ثانيًا باتخاذ التدابير اللازمة لجبر الضرر والتعويض المادي للضحايا أفرادًا أو جهات، عدا عن تعويض الدولة التونسية بصفتها ضحية استغلال اقتصادي غير عادل، مع المطالبة ثالثًا بإعادة الأرشيف التونسي من 1881 إلى 1963 ورابعًا بإلغاء الدين الخارجي التونسي لأنه "غير شرعي".