هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تحليلا عن الأهداف التي تسعى السعودية إلى تحقيقها من خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وقال المعهد إن الصين تعد أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للسعودية، ومُورداً مهماً للتكنولوجيا العسكرية والنووية، إلّا أن الرياض تريد المزيد من هذه الشراكات.
ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية، تهدف الزيارة الحالية إلى تعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع بكين، وهي صياغة بحسب المعهد أثارت مخاوف واشنطن بسبب تأثيرها المحتمل على علاقات الرياض المتوترة مع الولايات المتحدة.
وعندما زار الرئيس الأمريكي جو بايدن المملكة قبل خمسة أشهر، قال للقادة العرب المجتمعين، "لن ننسحب ونترك فراغاً تملأه الصين أو روسيا أو إيران ... والولايات المتحدة لن تذهب إلى أي مكان." وستختبر أحداث هذا الأسبوع هذا التعهد.
علاقة بدأت بالصواريخ
يقول المعهد إن الصين والسعودية لم تقيما علاقات دبلوماسية رسمية حتى عام 1990، ويعزى ذلك بالدرجة الكبرى إلى اعتراف حكومة الرياض منذ فترة طويلة بالحكومة الصينية المنفية في تايوان بدلاً من حكومة جمهورية الصين الشعبية في بكين (بيجينغ). إلّا أن الاتصالات مع بكين بدأت قبل ذلك بعدة سنوات.
في عام 1988، زودت الصين السعودية بخمسين صاروخاً باليستياً متوسط المدى من طراز "سي إس إس-2"، وهي صفقة لم تعلم بها واشنطن إلا بعد أن لاحظ محلل استخباراتي أن أحد الأسلحة يتم سحبها من مطار خاص يملكه الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان وزير الدفاع السعودي في ذلك الوقت.
وتم تسليم الصواريخ ذات القدرة النووية إلى المطار بواسطة طائرات شحن، وبعد ذلك تم وضع تلك الصواريخ في موقعين صحراويين لإطلاق الصواريخ وفي قاعدة إمداد في منطقة جنوبية نائية. وتفاقمت مخاوف الولايات المتحدة بعد أن أدركت أن الصفقة قد تمت بترتيبات أجراها الأمير بندر، نجل الأمير سلطان، الذي كان سفير السعودية في واشنطن.
علاوة على ذلك، تبين من عمليات الاستطلاع بالأقمار الصناعية لمنصات الإطلاق الثابتة أن طهران وتل أبيب كانتا من أهدافها المحتملة، بحسب معهد واشنطن.
وتم عرض صواريخ "سي أس أس-2" مرة واحدة فقط، وذلك في عام 2014، ومنذ ذلك الحين تم استبدالها بنسخ صينية أكثر حداثة. بالإضافة إلى ذلك، تم رصد ذخائر قصيرة المدى، يبدو أنها صواريخ صينية من نوع "أم-11" في القواعد السعودية، وربما تم توفير معدات تصنيع هذه الأسلحة عبر باكستان. اظهار أخبار متعلقة
ويقول المعهد إن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للسعودية. ففي نيسان/أبريل، على سبيل المثال، استوردت الصين أكثر من مليونَي برميل من النفط السعودي يومياً، أي أكثر من ربع صادرات المملكة (على الرغم من انخفاض هذا الحجم منذ ذلك الحين).
فضلاً عن ذلك، يستثمر كلا البلدين بشكل كبير في اقتصاد بعضهما البعض. ووفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز"، تتصدر المملكة قائمة الاستثمارات الصينية المعلنة في منطقة الخليج العربي، حيث فاقت قيمتها 100 مليار دولار على مدى السنوات العشرين الماضية.
الملف العسكري والنووينقل معهد واشنطن عن تقارير قولها إن الصين زودت السعوديين ببعض المدفعيات والطائرات المسيرة التي استخدموها في حربهم المستمرة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. ففي عام 2017، منحت بكين المملكة ترخيصاً لإنتاج طائرات مسيرة صينية محلياً، في دلالة على محاولة التهرب من ضغوط الولايات المتحدة التي سعت منذ فترة طويلة إلى تقييد التكتيكات التي تستخدمها الرياض في الصراع.
كما تشعر واشنطن بالقلق من أن السعوديين قد يسمحون للصين ببناء منشآت مدنية تخفي غرضاً عسكرياً - على غرار التحرّك الذي أثار الخلافات الأمريكية الأخيرة مع إسرائيل (فيما يتعلق بالإدارة الصينية لأقسام من ميناء حيفا) ومع الإمارات العربية المتحدة (بشأن تقارير عن منشأة بحرية صينية محتملة بالقرب من أبو ظبي والاتفاقيات المشبوهة مع شركة هواوي العملاقة لشبكات الهواتف المحمولة). بالإضافة إلى ذلك، أجرت القوات الصينية والسعودية مناورات عسكرية مشتركة بينها مناورات بحرية عام 2021.
وبعد سرد لمسار دعم بكين للرياض في الشؤون النووية، قال المعهد إن "ما ينذر بالسوء هو أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان قد حذّر في عام 2018 من أنه إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أسرع وقت ممكن".
وخلال تواصل الرياض مع المحاورين الأجانب، أظهرت بوضوح أنها تدعي الحق في مضاهاة قدرات طهران على تخصيب اليورانيوم إذا رغبت في ذلك - وهذا تصريح مقتضب بعد أن اقترب الآن برنامج إيران النووي من عتبة حيازة الأسلحة النووية.
وعلق المعهد بأن الانخراط الصيني المحتمل مثير للقلق بشكل خاص بسبب بيعها صواريخ للرياض عام 1988 وعملها سابقاً في انتشار المواد النووية وتصميمات الأسلحة إلى باكستان.
وقبل انعقاد القمة، أصدرت وزارة الخارجية الصينية "تقريراً عن التعاون الصيني - العربي في العصر الجديد". وأكدت الوثيقة، من بين نقاط أخرى، أن الصين ستتعاون مع الدول العربية بما يحقق المنفعة المتبادلة للأطراف، لكنها ليست مهتمة بملء أي فراغ تتركه الولايات المتحدة.