يشهد
الدينار العراقي منذ أسبوع، تراجعا غير مسبوق أمام
الدولار الأمريكي، الأمر الذي استدعى من البنك المركزي العراقي خفض قيمة بيع الدولار خمسين دينارا، ليصبح 1465 للدولار الواحد، وسط ارتفاع مستمر لأسعار السلع في الأسواق المحلية.
ووصل سعر صرف الدينار العراقي حتى وقت كتابة التقرير إلى 1520 للدولار الواحد، بعدما كان يساوي 1470، قبل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الذي تعهد قبل توليه منصبه بإعادته إلى ما كان عليه في عام 2020.
وقرر البنك المركزي العراقي في أواخر عام 2020 رفع سعر الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 دينارا، بدلا من 1182 دينارا للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط.
أسباب التراجع
وبخصوص الأسباب التي أدت إلى تراجع الدينار أمام الدولار، قال الخبير الاقتصادي العراقي عامر الجواهري لـ"عربي21"؛ إن "التوترات السياسية والحرب على الفساد ومقاومته، كلها عوامل غير منظورة وليس من السهل البحث عنها بدقة، كانت سببا في تدهور الدينار العراقي".
وأضاف الجواهري، قائلا: "انخفاض كميات الدولار التي يبيعها البنك المركزي بشكل يومي عبر نافذة بيع العملة، ومن ثم انخفاض المباع من الدولار للتحويل الخارجي، الأمر الذي تسبب بطلب كبير لأغراض التحويل، أدى إلى رفع سعر الدولار في السوق".
وأشار إلى أن "تأخر إقرار الموازنة المالية للبلد أدى إلى حدوث تقاطعات وآراء مختلفة تتحدث عن احتمالية تغيير سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار من عدمه، وهذا كله أدى إلى تذبذب سعر الدولار محليا".
إظهار أخبار متعلقة
وتابع: "كذلك معاقبة العديد من المصارف العراقية، وحصر بيع الدولار عبر المنصة الجديدة، وكذلك ضعف الاقتصاد والاعتماد على بيع النفط فقط، أيضا من الأسباب التي أدت إلى تراجع سعر الدينار العراقي أمام الدولار".
ورأى الجواهري أنه "من الصعب على الحكومة معالجة تدهور الدينار العراقي، طالما هناك تدهور في الاقتصاد وعدم وجود تنوع فيه، لذلك؛ إذا جرى إقرار الموازنة وحرّكت بعض المشاريع، سيحصل شيء من التحسن المؤقت البسيط".
وأشار إلى أن "البنك المركزي على استعداد لبيع كميات كبيرة أكثر من الدولار، لكن المنافذ التي تشتري الدولار قليلة، لذلك الأمر يتعلق بمحاربة الفساد والتوترات السياسية في البلد".
سيناريوهات محتملة
وفي السياق ذاته، رأى المصرف العراقي عمار الأعظمي في حديث لـ"عربي21"، أن "تأثر الدينار العراقي يعود سببه إلى معاقبة ثلاثة مصارف تعود إلى رجل الأعمال علي غلام، الذي سبق أن عاقبته وزارة الخزانة الأمريكية؛ لأن مصارفه كانت تحصل على نصف مبيعات البنك المركزي يوميا".
وأوضح الأعظمي أن "مصارف أخرى تعرضت للعقوبات لأسباب مختلفة، والمجموع قد يصل إلى نحو 19 مصرفا معاقبا من مجموع 42 تعمل داخل العراق، الأمر الذي أثر بشكل كبير على مبيعات الدولار، وأدى إلى حصول شحّ في السوق تسبب بتراجع الدينار العراقي".
وأكد المصرفي أن "الدينار العراقي لا قيمة حقيقية له، وإذا رفع الدعم من البنك المركزي أي جرى تقليل بيع الدولار، فإنه قد يتراجع إلى 3 آلاف دينار للدولار الواحد، لأنه لا يرتكز على اقتصاد قوي حقيقي، وإنما فقط على بيع النفط".
وتوقع الأعظمي أن "تلتف هذه المصارف المعاقبة على العقوبات- وربما بمساعدة بعض الشخصيات والقوى السياسية النافذة في البلد- ومن ثم تعود أسعار الصرف إلى ما كانت عليه؛ لأن هذه المصارف لها كبير تأثير في التحويلات الخارجية، وليس من مصلحة المستفيدين توقفها".
ولفت إلى أن "سوق العملات حاليا يشهد جمودا واضحا؛ لأن هناك تخوفا من انهيار أكثر للدينار أو انتعاش بشكل مفاجئ. لذلك؛ الكل متردد في البيع والشراء، فكل شيء متوقع أن يحصل؛ لأن الأمور تسير بشكل غير مخطط له في العراق، والقرارات تُتخذ بشكل ارتجالي".
وأعلن عضو اللجنة المالية البرلمانية، جمال كوجر، الجمعة، في تصريح لموقع "رووداو" العراقي، أن "تذبذب قيمة الدينار أمام الدولار، يعود لسببين، الأول هو إبعاد 7 مصارف من مزاد بيع العملة للبنك المركزي، بعدما كان يشارك فيه 42 مصرفا".
وأضاف كوجر أن إبعاد المصارف هذه جاء نتيجة "الضغوط الأمريكية على البنك المركزي العراقي بسبب الفساد وتبيض الأموال"، و"تشديد الرقابة على المصارف الـ 35 المشاركة في المزاد الآن"؛ لأن الأمر يتعلق بسمعة البنك المركزي والثقة الدولية به.
والسبب الآخر، بحسب جمال كوجر، هو "انخفاض سعر النفط بمقدار 20 دولارا للبرميل، وهذا يدفع الحكومة الجديدة كي لا تكون جادة في ضبط سعر الصرف؛ لأنها قطعت وعودا للمواطنين".
وكان البنك المركزي العراقي، قد أصدر توضيحا، الخميس، بشأن ارتفاع سعر صرف الدولار، أوضح فيه أن "الارتفاع يعود لعوامل عدة، منها بناء منصة إلكترونية ترفع المصارف طلبات زبائنها عبرها".
بدورها، أكدت الحكومة العراقية في بيان لها، الخميس، التزامها باستقرار السوق المحلية واستقرار سعر صرف الدولار أمام الدينار، مبينة أن ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية حالة مؤقتة.