مع مرور
الوقت تزداد التقديرات الإسرائيلية المتشائمة من توتر العلاقة مع الأردن، الذي يخشى
تغيير الوضع الراهن في
القدس المحتلة والمسجد الأقصى، لاسيما في ظل تشكيل الحكومة الجديدة. ورغم أنها طولبت من أوساط إسرائيلية عديدة بأن تتبنى سياسة مدروسة ومتوازنة، وتتجنب
الأعمال التي يمكن أن تفسر على أنها تضر بمكانة الحكومة الأردنية في القدس، لكنها لم
تستجب لذلك، وسمحت للوزير إيتمار بن غفير باقتحام الأقصى، ما أغضب عمان كثيرا.
البروفيسور
رونين يتسحاق خبير الشؤون الأردنية ورئيس قسم دراسات الشرق الأوسط بالكلية الأكاديمية
للجليل الغربي، أكد أن "تحذيرات الملك عبد الله الثاني في مقابلته على شبكة سي
إن إن من أن "لدينا خطوطا حُمرا"، وتشمل أي تغيير في الوضع الراهن في القدس،
لم تكن عفوية، لأن الأردنيين يخشون أي تغيير مرتقب منذ فترة طويلة، في ضوء الربط القديم
بين الأردن والقدس، وهو بنظر الكثيرين من عوامل الشرعية الحاكمة للأسرة الهاشمية، وأحد
عوامل استقرار النظام".
وأضاف
في مقال نشرته "
القناة 13"، وترجمته "عربي21" أن "هذا الارتباط
التاريخي بسبب حراسة الأسرة الهاشمية للأماكن الإسلامية المقدسة، ما دفع الملك عبد
الله الأول للسيطرة على المدينة القديمة في حرب 1948، ووضع يده على أماكنها المقدسة،
ورغم
الاحتلال الإسرائيلي عليها في حرب 1967، فإنها منحت الأردن وضعًا خاصًا راسخًا
في اتفاقية السلام بينهما الموقعة في 1994، ومن المهم تذكّر أن دور الأردن الخاص في
القدس يمنحه مشروعية مواصلة الالتزام بهذه الاتفاقية".
ونقل
عن أوساط أردنية أن "المملكة هي الحاجز أمام سلطات الاحتلال لتهويد القدس، ومنذ
سنوات فإن سبب استمرارهم بالسلام مع إسرائيل، ورفضهم دعوات الشارع العربي لإلغائه،
هو أن هذه الاتفاقية ليست مهمة فقط للأردن، ولكن لجميع الأطراف، ورغم أن اقتحام الجماعات
اليهودية للأقصى، أو حتى وزير واحد أو آخر، لا يُنظر إليه على أنه سبب لإلغاء الاتفاقية،
لكن من شأنه إلحاق ضرر كبير بالموقف الأردني في الأقصى، وقد يفرغ الادعاء الأردني بتبرير
استمرار السلام مع إسرائيل من مضمونه".
وأشار
إلى أن "ما يحصل في القدس قد يؤدي إلى الإضرار باستقرار الدولة الأردنية من الداخل،
بجانب تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة حول نيته تشجيع التطبيع مع السعودية،
التي لا تساهم في تحسين العلاقات مع الأردن، لأن اعتقاده السائد أن أي تطبيع إسرائيلي
سعودي سيمنح الأخيرة السيطرة على الأماكن المقدسة للمسلمين في القدس بدلاً من الأردن،
وبالتالي فإنه سيحسم الصراع بين السلالتين السعودية والهاشمية في النهاية لصالح الأولى".
تكشف
هذه المخاوف الإسرائيلية عن إحباط من عدم تبني الحكومة الحالية سياسة مدروسة ومتوازنة
تجاه الأردن، لأنها على الأرض ترتكب أفعالا يمكن تفسيرها على أنها تمس بمكانته في القدس،
ومن شأنها أن تتسبب في عدم استقرار سياسي داخل من شأنه أن يؤثر على المنطقة بأسرها.
ورغم
أن حكومة الاحتلال في تشكيلتها الحالية تدرك ذلك، فإن من الواضح أنها لا تسعى للتوفيق
بين اعتبارات استراتيجية تخص دولة الاحتلال بأكملها، وبين المصالح الحزبية الآنية،
الأمر الذي يدفع وزراءها للقيام بمزيد من الخطوات التي يمكن تفسيرها بأنها خطر على
استقرار الأردن، وفي هذه الحالة قد لا يكون أمامه من خيار سوى اتخاذ خطوة رد فعل غير
متوقعة، قد تصل حدّ إلغاء اتفاق السلام من أجل استعادة واستقرار الدولة الأردنية من
الداخل، على الأقل وفق التقدير الإسرائيلي السائد.