على الأقل توجد في
فلسطين خمس مدن أو قرى يطلق عليها الطيرة منها:
قرية الطيرة إلى الشمال الغربي من مدينة بيسان، وقرية طيرة دندن شمال شرقي الرملة
وشرقي يافا، ثم طيرة حيفا، وحي الطيرة غربي رام الله، وطيرة بني صعب طولكرم.
وفي مقال سبق تحدثنا عن طيرة حيفا، وفي هذا المقام سنتحدث بتفاصيل
أكثر حول "طيرة دندن" التي قد يكون أسمها تحريفا لـ"طياره"
السريانية وتعني "حظائر".
ولا يعرف من هو "دندن" الذي نسبت إليه هذه القرية التي تقع
شمالي شرق الرملة وشرقي يافا. وعند الطرف الشرقي للسهل الساحلي والطرف الغربي
لجبال القدس، وهي من قرى "العرقيات"، وهي القرى والمدن الواقعة عند
نهايات السهل الساحلي الفلسطيني والمتصلة ببدايات الجبال، والعرق هو الجبل الصغير،
ومن العرقيات أيضا: قلقيلية، كفر برا، خربة خريش، مجدل الصادق، الطيبة (المثلث)،
بيت جبرين.
ووفقا لروايات متفق عليها فإنه يعود
تاريخ الطيرة إلى الحقبة الصليبية، إذ
أطلق عليها اسم "تايريا". وفي عام 1596، كانت الطيرة قرية في ناحية
الرملة، لواء غزة في تلك الفترة، وقدر وقتها عدد سكانها بنحو 160 نسمة. وكانت تؤدي
الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى أنواع أخرى من
الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
ووصفت في أواخر القرن التاسع عشر بأنها قرية متوسطة الحجم، مبنية بالطوب
أو بالحجارة والأسمنت على طرف أحد السهول.
زارها الباحث الفرنسي فيكتور غيران في عام 1870، ووصفها بأنها قرية
مصنوعة من الطوب اللبن، مع 700 نسمة. وبعد عقد من الزمان، وصف مسح لفلسطين، القرية
بأنها قرية الطين من حجم معتدل، مع الصبار المحيط بها، وتقع على حافة سهل، وارتفاع
وراء التلال على الغرب، من خلال الطريق السريع.
وضمت القرية مسجدين أحدهما عمري قديم، وتواجد في القرية مقامان
قديمان أحدهما تحت اسم الست بلقيس. ومن جملة الآثار الكثيرة الدالة على كون الموقع
استمر آهلا منذ القدم، أسس أبنية دارسة، وقبور منقورة في الصخر، وأعمدة مطروحة في
أرض القرية.
وبلغت مساحة القرية في عام 1945 نحو 45 دونما، ومساحة الأراضي
التابعة لها 6.956 دونما، لا يملك اليهود منها شيئا.
سكانيّا؛ كان في الطيرة 705 نسمات كلهم من العرب عام 1922، ارتفع عددهم
إلى 892 نسمة عام 1931 وإلى 1,290 نسمة عام 1945.
وكان في القرية مدرسة ابتدائية أسست في عام 1922، وكان فيها 110
تلاميذ و22 تلميذة في العام الدراسي 1947-1948.
وكانت القرية تستمد مياه الشرب من بئر مرتفع في الركن الغربي من
القرية ومن آبار خاصة أصغر حجما وكذلك من حوض الوقع، وكان هذا الحوض الذي يقع على
بعد كيلومترين إلى الشرق من القرية مرصوفا حجارة وكانت مياهه تستعمل لسقي المواشي
وللاستعمال المنزلي.
اعتمد اقتصاد القرية على الزراعة البعلية، وأهم المزروعات فيها
الحبوب والخضر. ويزرع الزيتون والتين في مساحات قليلة، وكانت تباع هذه المنتجات
يوميا في سوق القرية الموجود على الطريق الرئيسي بين طولكرم واللد والذي كانت
تسيير عليه ناقلات شركة الباصات الفلسطينية "سلمة". وتبعد القرية عن
مطار اللد وسكة الحديد بمسافة 4 كيلومترات. بالإضافة إلى الزراعة عمل السكان في
تربية المواشي والاتجار بها، وكانت تقام في القرية سوق يومية للماشية تشترك فيها
القرى المجاورة، مثل قولة، دير طريف، رنتيس، المزيرعة، شقبا وغيرها.
أُخليت الطيرة وشرد سكانها العرب في حرب عام 1948 من قبل لواء
الإسكندروني اليهودي والمدرعة الثامنة في إطار "عملية داني". تم تدمير
الطيرة في معظمها باستثناء عدد قليل من المنازل. وفي عام 1949 أسس يهود هاجروا من
شرق أوروبا واليمن موشاف "طيرة يهودا" على بعد كيلومتر جنوب غرب موقع
القرية، فوق أراض تابعة لقريتي الطيرة ودير طريف. كما أنشئت على أراضي القرية
مستعمرة "غفعات كواح" في عام 1952.
أحد البيوت القديمة التي سلمت من التدمير
يغلب على موقع القرية حاليا القائم في جوار طريق مرصوف بالحجارة
ومهجور جزئيا، تشكيلة متنوعة من الأشجار كالزيتون والنخيل والتين. ولا تزال أنقاض
بعض المنازل المدمرة بادية للعيان. إلا إن بعض المنازل الحجرية سلم وبعضها هُجِر وبعضها حل الإسرائيليون فيه وبعضها الآخر يستعمل زرائب للمواشي.
المصادر
ـ الطيرة، الموسوعة الفلسطينية، 26/8/2914.
ـ أنيس صايغ: بلدانية فلسطين المحتلة (1948 – 1967)، بيروت 1968.
ـ مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، بيروت، 1974.
ـ د. محمد عقل، مصطلحات في جغرافية فلسطين التاريخية، موقع دنيا
الوطن، 23/10/2013.
ـ وليد الخالدي وآخرون، "كي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها
إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها"، ترجمة حسني زينة، بيروت: مؤسسة الدراسات
الفلسطينية، 2001.