وجه تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية
الأخير، الذي حمل قوات النظام السوري مسؤولية الهجوم الكيماوي في دوما عام 2018، ضربة
للدول المطبعة أو الراغبة في
التطبيع مع النظام، سيما أن التقرير ذكر المجتمع
الدولي بجزء من المجازر المرتكبة بحق الشعب السوري.
ودعا الائتلاف الوطني السوري المجتمع
الدولي إلى تطبيق إجراءات تحقق العدالة للشعب السوري، من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن
2118، وفرض تدابير ضد النظام السوري بموجب البند السابع، لتكرار استعمال السلاح
الكيماوي ضد الشعب السوري.
وأصدرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي وبريطانيا وتركيا وقطر بيانات، أكدت خلالها ضرورة محاسبة مرتكبي جرائم
الحرب في
سوريا.
وأثار غياب الدول العربية -باستثناء قطر- عن دعم تقرير منظمة
حظر الأسلحة الكيماوية تساؤلات كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالموقف السعودي، الذي حمل
خطابا يدعو لإيجاد صيغة للتواصل مع النظام السوري.
وفي 19 كانون الثاني/ يناير الجاري، قال
وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في تصريحات على هامش المنتدى الاقتصادي
العالمي في دافوس، إن
الرياض تعمل مع شركائها لإيجاد طريقة للتواصل مع الحكومة في
دمشق، على نحو يؤدي لتحركات ملموسة باتجاه حل سياسي.
لكن مراقبين تواصلت معهم
"عربي21"، استبعدوا وجود أي خطوة يمكن أن تقدم عليها
السعودية تجاه
النظام السوري، مؤكدين أن الرياض لا تزال متمسكة بتطبيق القرار الأممي 2254 في
سوريا.
اظهار أخبار متعلقة
إبراهيم الجباوي، عضو هيئة التفاوض
السورية، رأى أن عدم عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية دليل على عدم تغير
موقف السعودية تجاه بشار الأسد.
وأكد لـ"عربي21" أنه لولا
الفيتو السعودي لعاد النظام إلى الجامعة العربية منذ 3 أو 4 سنوات، مشيراً إلى أن
ابتعاد السعودية عن الملف السوري مؤخرا لا يعني تخليها عن الالتزام بتطبيق
القرارات الأممية للوصول إلى حل في سوريا.
ورجح أن تكون السعودية قد قررت العمل بشكل
جدي مع الدول المعنية بالملف السوري من أجل إجبار النظام على الانخراط بالعملية
السياسية، مشددا على أن الرياض لا يمكن أن تسعى للتطبيع مع بشار الأسد، لأن الخلاف
متجذر بين آل سعود وعائلة الأسد منذ القدم.
واعتبر أن أي حركة تطبيع مع النظام لا
يمكن أن تنجح إلا بعد الحصول على ضوء أخضر أمريكي، مشيرا إلى أن مسار التقارب
التركي مع النظام تجمد بعد زيارة مولود تشاووش أوغلو إلى واشنطن.
وخلال الأسابيع الماضية، شهدت
الدبلوماسية السعودية حراكاً مكثفاً تجاه الملف السوري، حيث التقى وزير الخارجية
السعودي مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، غير بيدرسن، كما بحث وزير الدولة
السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، مع مبعوثة فرنسا الخاصة إلى سوريا، بريجيت
كورمي، المستجدات على الساحة السورية.
اظهار أخبار متعلقة
الصحفي والكاتب درويش خليفة، استبعد
وجود أي تقارب بين السعودية والنظام السوري، مشيرا إلى أن المملكة ورغم كل
التحولات التي جرت في سوريا، لا تزال تنادي مع الدول الغربية بتطبيق الحل السياسي
في سوريا وفق القرار 2254، وليس من خلال المسارات الأخرى التي انخرطت فيها المعارضة
السورية في سوتشي وأستانا.
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن السعودية
لن تتواصل مع النظام السوري لإيجاد حلول للوضع في سوريا، لكن يمكن أن تشهد المرحلة المقبلة
تقاربا في ملفات محددة وفق استراتيجيات واضحة.
وأوضح أن السعودية تسعى لتنويع حلفائها
في الوقت الحالي، لكن الحلفاء الجدد للرياض هم حلفاء للنظام أيضا، في إشارة إلى
روسيا والصين.
وأضاف: "هنا يتوجب على المعارضة
السورية الانفتاح والتوجه نحو السعودية، وإيجاد أي مدخل للوصول إلى المملكة
والتواصل معها".
ولفت إلى أن السعودية ترفض فتح أي تواصل
مع المعارضة السورية، منذ توجه الأخيرة إلى أستانا وسوتشي برعاية روسيا وتركيا
وإيران، لكن المعارضة معنية بإعادة التواصل مع المملكة؛ لأنها ذات وزن إقليمي كبير.
وتابع: "للأسف.. المعارضة السورية
اختارت حليفا واحدا فقط، وابتعدت عن جملة من أصدقاء الشعب السوري".
ومنتصف كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلنت
لجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية المصرية، التي عُقدت في الرياض، دعم
البلدين لـ "الحل السياسي في سوريا وفق القرار 2254، ورفض أي تهديدات بعمليات
عسكرية تمس الأراضي السورية، وتروّع الشعب السوري".
وأشارت اللجنة إلى أن الطرفين اتفقا على
"ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، ومكافحة الإرهاب، وعودة
اللاجئين والنازحين، والتوصل لحل سياسي للأزمة القائمة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم
2254"، مؤكداً على دعم جهود المبعوث الأممي "لدفع العملية السياسية في
سوريا".
اظهار أخبار متعلقة
المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي،
أكد أن موقف السعودية من النظام السوري ثابت وواضح، وليس هناك أي نوايا للتواصل مع الأسد.
وبين أن الموقف السعودي تجاه الأزمة
السورية يتمثل بتطبيق القرارات الدولية للوصول إلى حل سياسي، مع التأكيد على
محاسبة المسؤولين على المجازر بحق الشعب السوري.
وتوقع أن تسلك الرياض في جميع المسارات
التي من شأنها أن تحفظ حقوق الشعب السوري، وتضمن عودة ما يقارب 12 مليون مهجر إلى
منازلهم، وهي نقطة استراتيجية بالنسبة للرياض.
وأضاف لـ"عربي21": "المملكة
تسعى للتواصل مع الدول في سبيل تسريع إيجاد حل سياسي للأزمة السورية التي طال
أمدها".
وأشار إلى أن السعودية معنية بترتيبات
الأمن الإقليمي في المنطقة، ولذلك عندما تسعى لإيجاد حل في سوريا فهي تأخذ على عاتقها
حماية مصالحها وحماية حلفائها، خصوصا أن المجتمع الدولي يشجع على إعادة ترتيب
التموضعات في المواقع المتأزمة، بما فيها سوريا.
وكانت السعودية من أبرز المقاطعين
للنظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، وتعدّ من أوائل
المبادرين لإغلاق السفارة السورية وطرد السفير من الرياض، عقب قرار الجامعة
العربية في العام 2012.