في أن لغز الإنسان هو عينه لغز القرآن
عرفت
القرآن الكريم في محاولة قراءته قراءة فلسفية ـ تنظر في مضمون
قضاياه وليس في موقفي القضوي منه ليس مطلبها الفصل بين الإيمان به والكفران ـ لأن
غايتي من المحاولة هو استخراج بنيته العميقة لتكون مادة للفكر وليس لعرض موقفي
منها.
فافترضت أنه استراتيجية
توحيد الإنسانية والسياسة الكونية للاستعمار في الأرض بقيم الاستخلاف. ذلك أن كل
من يقرأه ولا يدرك أنه بالجوهر تذكير للإنسان من حيث هو إنسان بشروط الاستعمار في
الأرض بقيم الاستخلاف لا يمكن أن يكون طالبا مضمون قضاياه بل عارض موقفه منها دون
العلم بطبيعتها.
ولهذه العلة فإني قد رفضت نظرية المقاصد بالمعنى السائد حصرا إياها
في قضية فقهية تتعلق بأحكام الأفعال دون أن يكون ذلك مندرجا في هذا المشروع الاستراتيجي
لتكوين الإنسان من حيث هو مستعمر في الأرض ومستخلف فيها ببعدي الفعل السياسي الذي
هو تربية وحكم. ذلك أنها ليست مقاصد بمعنى كونها قيما تؤسس الأحكام بل هي عين كيان
الإنسان مضمونا لمشروع استخلافه وعين مضمون القرآن:
فالأصل هو الحياة التي يتميز بها الإنسان وهي غير "حياة"
كما جاء في البقرة ومنها يستمد الإنسان ما يؤهله للاستخلاف في الأرض غائيا وللاستعمار فيها أداتيا. فتكون مؤلفة من هذا
الأصل ـ الذات الإنسانية أو الحياة ـ وفروعه الأربعة التي هي:
فرعان للشروط الغائية وهما: كرامة الذات متعينة في حرية الإرادة.
فرعان للشروط الأداتية: وهما رجاحة العقل متعينة في حرية الملكية.
فلا يكون الأمر متعلقا بمقاصد فقهية للأحكام المتعلقة بأفعال العباد.
بل هي عين مقومات كيان الإنسان وعين استراتيجية توحيد البشرية بقانون
التساخر في التبادل وعدله إنتاجا وتوزيعا لثمرة الاستعمار في الأرض وفي التواصل
وصدقه إنتاجا وتوزيعا لثمرة الاستخلاف فيها إذا وصل الإنسان آيات الآفاق والأنفس
بما تشير إليه من حيث هي بنية القرآن العميقة وبنية كيان الإنسان في صلة بعالميه
الطبيعي والتاريخي ولهذه العلة أطلقت عليها اسم المعادلة
الوجودية.
ذلك أن الإنسان لا يمكن أن يكون أهلا للاستخلاف في الأرض إذا لم يكن
مجهزا بمقومي كيانه اللذين يمكناه من الالتفات إلى مقومي شروط وجوده وبقائه:
فالتفاته الأداتي يكون إلى شروط قيامه العضوي في علاقة بالطبيعة.
والتفاته الغائي يكون إلى شروط قيامه الروحي في علاقة بالتاريخ وهما الالتفاتان
اللذان يجعلانه مدينا للجماعة في شروط قيامه الأول ومدينا للتاريخ في شروط قيامه
الثاني.
وكلاهما لا يتحقق من دون التساخر الناتج عن تقاسم عملية إنتاج النظر والعقد أداتيا في التعامل مع شروط وجوده
وبقائه وتقاسم عملية إنتاج العمل والشرع غائيا في التعامل مع شروط منزلة وجوده
الخلقي بين أفراد الجماعة.
ـ وإذن فيمكن أن نرد كل شروط قيامه
العضوي إلى الثروة التي يستمدها من الطبيعة الخارجية في علاقة بطبيعته الذاتية.
ـ ويمكن أن نرد كل شروط قيامه الروحي إلى
التراث الذي يستمده من التاريخ الخارجي في علاقة بتاريخه الذاتي.
لكن هذين المددين الطبيعي والتاريخي مشدودان إلى ما يدين به الإنسان
إلى مقومي كيانه حاجة إليهما وقدرة على سدهما فيصبح هو الدليل الحقيقي على علاقة
كيانه ببعديه وعلاقة كيان عالمه ببعديه علاقتهما بما يتعالى عليهما. وذلك هو
المشترك بين الديني والفلسفي الذي جعل منه القرآن مضمون الرسالة الخاتمة.
كل كلام عن الإعجاز في القرآن إذا تجاوز المعجزات التي رد عليه بها من تعود عليها في الأديان السابقة هو ما أفسد كل علوم الملة بدءا بأصلها أي التفسير الذي صار بالأساس فهم "أهل الذكر" بمعنى أصحاب الإسرائيليات والنصرانيات.
لذلك فهو يخلو من أدلة تستند إلى خرق العادات والإعجاز ويكتفي بأدلة
تستند إلى نظام العادات وقوانين الطبيعة وسنن التاريخ في سياسة الاستعمار
والاستخلاف.
ومن ثم فكل كلام عن الإعجاز في القرآن إذا تجاوز المعجزات التي رد عليه
بها من تعود عليها في الأديان السابقة هو ما أفسد كل علوم الملة بدءا بأصلها أي
التفسير الذي صار بالأساس فهم "أهل الذكر" بمعنى أصحاب الإسرائيليات
والنصرانيات.
وفي ذلك خلط بين ما يرويه القرآن وما يتبناه مما يرويه خلال نقده
للتحريف بمنطق التصديق والهيمنة. فملؤه بالإسرائيليات والنصرانيات علته عدم
التمييز بين المرويات وبين تبنيها.
فالقرآن رد بأن المعجزات ليست للتبليغ بل هي للتخويف والدليل الوحيد
هو النظام وليس خرقه وهو من ثم لا يخوض معتقدات السابقين تصديقا أو تكذيبا
لاكتفائه بالتصديق والهيمنة.
وتقاسم العمل في النظر والعقد وتقاسمه في العمل والشرع وشروطهما هو
الذي يمكن اعتباره لب المشروع. فيكون السياسي في الرسالة هو اللب وهو استراتيجية
تربية الإنسان وحكمه حتى يكون التساخر الضروري بين أفراد الجماعة محققا:
لشروط الاستعمار في الأرض بإنتاج ثمرته وتوزيعها بالتساخر في التبادل
والتعاوض العادل من حيث ما يستمد بالتعاون من الطبيعة.
ولشروط الاستخلاف فيها بإنتاج ثمرته وتوزيعها بالتساخر في التواصل
والتفاهم الصادق من حيث ما يستمد بالتعاون من التاريخ.
وهذان العلاجان يضعان الإنسان أمام ظاهرة عجيبة: فكل ما ينتجه الإنسان
بإرادته غاية وبعقله أداة يكون في آن عين دوره إزاء ذاته فرض عين لكنه في آن
مساهمة في دور الجماعة فرض كفاية. فلا يمكن الفصل بين الفرضين وخاصة في الإدارة
السياسية للجماعة كما تبين الآية الثامنة والثلاثون من الشورى:
فالأمر السياسي طبيعته هي أنه أمر الجماعة وأسلوبه هو تشاور الجماعة وغايته حسم الخلافات في الإنفاق من
الرزق بالاستجابة إلى
الرب أي تطبيق ما حدده من قيم.
ومن ثم فشرط الاستجابة ليس العبادات فحسب بل هو المعاملات التي شرطها
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرطا في الانتساب إلى الجماعة الخيرة.
فيكون كل فرد إنساني في آن في خدمة الجماعة التي هي في خدمته بحيث إن
كل فرد يكون وكأنه في تضايف دائم مع الجماعة يخدمها باختصاصه الذي تحتاج إليه
ويحتاج إلى اختصاص بقية أفرادها. وذلك هو التساخر التبادلي لإنتاج الثروة
والتواصلي لإنتاج التراث.
والإنتاج الثاني أساس الإنتاج الأول. وهذا هو ما يميز الإنسان عن
غيره من الحيوان. وبهذا المعنى فكل من يدعي التمحض للعبادة دون المعاملة بهذا
المعنى أي دون القيام بدوره في إنتاج الثروة وإنتاج التراث وفي سياسة الأمر
بالتشاور لا
يمكن أن يعتبر مؤمنا وعاملا صالحا ومتواصيا بالحق ومتواصيا بالصبر بالمعنى القرآني
(العصر) المحدد لشروط الاستثناء من الخسر والعودة إلى التقويم الأحسن المحرر من
الرد أسفل سافلين.
فلما انحطت الأمة كثر الدجالون الذين يكثرون من الكلام على الأخلاق
ويدعون التمحض للعبادات والتصوف. وفي ذلك كفر لشروط الانتساب إلى الأمة الخيرة (آل عمران من 104 إلى 110)
وهم عالة عليها وخاصة بحيادهم المزعوم في السياسة.
أمر الجماعة لا يستقيم بالحياد في مسائل حماية مقومات وجود الإنسان التي وصفت شروط بقاء العالم الطبيعي والتاريخي سليمين من الفساد والاستبداد الذي يفقد الإنسان شروط الحرية والكرامة بسبب غياب العدل في التبادل والصدق في التواصل واستفادتهم من التساخر المختل الذي يقسم البشر إلى سادة وعبيد: يكفي مقارنة هذه المواقف بحال شعوبهم لتتبين لك ولا مبالاتهم بحالها فتعلم مدى الدجل الذي يخفي خدمتهم الاستبداد والفساد..
فأمر الجماعة لا يستقيم بالحياد في مسائل حماية مقومات وجود الإنسان
التي وصفت شروط بقاء العالم الطبيعي والتاريخي سليمين من الفساد والاستبداد الذي
يفقد الإنسان شروط الحرية والكرامة بسبب
غياب العدل في التبادل والصدق في التواصل واستفادتهم من التساخر المختل الذي يقسم
البشر إلى سادة وعبيد: يكفي مقارنة هذه المواقف بحال شعوبهم لتتبين لك ولا
مبالاتهم بحالها فتعلم مدى الدجل الذي يخفي خدمتهم الاستبداد والفساد..
وهكذا نصل إلى الغاية في محاولة فهم لغز الإنسان ولغز القرآن. فلما
كان كلا الدورين ـ الاستعمار في الأرض والاستخلاف فيها ـ لا بد فيهما من ثمرتهما
وكانت ثمرة الاستعمار في الأرض هي الثروة وثمرة الاستخلاف هي التراث لما بين
الأمرين من تشارط أحدهما شرط وجود والثاني شرط بقاء، فإن السؤال الذي علينا الجواب عنه بصراحة هو: هل يمكن القبول بالفصل
بين العضوي والروحي بين البدني والفكري فيكون ما يقوله برجسون مثلا عن استقلال
"شيء" ما يمكن تسميته بالروح عن وظائف البدن شيء مفارق للبدن أم هو عين
وظائفه التي هي هذه العلاقة بينه وبين ذاته وبينه وبين عالميه الطبيعي والتاريخي؟
الجواب هو ما سميته المعادلة الوجودية التي يكون تطبيقها السياسي في
قيام الإنسان خلال وجوده في عالم الشهادة هو نظام المائدة والسرير وفنيهما وأصل
ذلك كله في النظر والعقد للمعرفة والعمل والشرع للقيم.
وكل فساد في هذا النظام علته دور الأداتين الرمزيتين اللتين تحولان
الثروة والتراث إلى أداتي استعباد بدلا من أن تكونا أداتي تحرير من طغيان الطبيعة
وطغيان التاريخ.
فهما قد تصبحان وسيطين بالسيطرة على التبادل والتواصل بحيث تصبح أداة
التبادل أي العملة وأداة التواصل أي الكلمة أداتي تحريف بتغيير دورهما من أداة
تبادل وأداة تواصل إلى سلطانين على المتبادلين والمتواصلين وتلك هي فاعلية الرمز
الذي يصبح وسيطا بين المرء والمرموز به:
ـ رمز الفعل أو العملة:
فهي التي يمكن أن تصبح هي الغاية بدلا من المائدة والسرير لذاتهما
وتحولهما هما بدورهما إلى أداتين من أجل الحصول عليها باعتباره شرط فني المائدة
والسرير. ومنه نتجت التجارة الأولى بالجنس واستعمال الجنس للحصول عليهما إما في
شكل التجارة الجنسية المباشرة أو في شكل استعمال علامات الجنس (جمل المطلوب جنسيا)
لتحصيل المال من أجل الوصول إلى فنون ومتع أكبر وألذ.
ـ فعل الرمز أو الكلمة:
وهي التي يمكن أن تصبح هي الغاية لأنها أداة خدمة أصحاب العملة ومن
ثم تحقيق ما يحققه أصحابها عن طريق خدمتهم بنفس الغايات خاصة والكلمة يمكن أن يكون
لها نفس الدور الذي للعملة بشكل الوعود والخداع مع بعض مظاهر الثراء في الملبس
والمسكن ووسائل النقل.
تقوم نظرية تفسير التاريخ الهيغلية والماركسية على تطور عنيف يؤدي
إلى التعارف بين السادة والعبيد غير المتساوين والمتعادين في غايته مقابل نظرية
التعارف التي استمد منها ابن خلدون من علاقة التعارف بين الرؤساء المتساوين
والمتآخين بحيث تكون العداوة طارئة بعد التعارف وليست هي البداية وعلتها هذا
التحريف الناتج عن انقلاب أداة التبادل وأداة التواصل إلى سلطانين على المتبادلين
والمتواصلين.
وبين أن العلاقة الأولى التي يقول بها هيجل وماركسي مستوحاة من رد
التاريخ الإنساني إلى التاريخ الطبيعي للحيوان من حيث هو حيوان وليس للإنسان من
حيث هو مستعمر في الأرض ومستخلف فيها. فعلاقة السيد والعبد تقوم
على تقديم سلطان القوة المادية والعنف بين البشر من حيث هم حيوانات على سلطان
القوة الروحية واللطف بينهم من
حيث هم حيوانات من شروط قيامها التساخر التبادلي شرطا في قيامهم العضوي والتساخر
التواصلي المشروط في التبادلي لكونه هو شرط تراكم التراث العلمي والعملي المحقق
لشروط الثروة الخدمية والبضاعية.
والرؤية التي تعتبر هذين الأمرين قابلين للحصول لو كانت القوة
المادية والعنف مقدمين على القوة الروحية واللطف لاستحال وجود النوع البشري وبقاؤه.
وإذن فهي رؤية بينة الخطأ حتى وإن كان يمكن القبول بها عندما يكثر البشر فيقع
التنافس في ظرف ينتج الندرة في ما يستمده الإنسان من منتجات الطبيعة للعيش.
لكن في البداية لو كان ذلك كذلك لما وجد النوع الإنساني أو على الأقل
لما بقي. فالطفل الإنساني بخلاف جل صغار الحيوانات لا يمكن أن يبقى من دون رعاية
تدوم سنوات وهو أضعف ما يكون. فكيف يضحي أبواه وأهله حتى يحصل على القوة المادية
والعنف. لذلك فلا بد أن يكون الروح واللطف متقدمين على المادة والعنف لأن الأوليين
شرط في وجود الثانيتين.
فمن دون حب الأم لرعايتها الأطفال وحب الأب لحمايتهم ومن دون وجود
القبيلة أو الأسرة الكبرى يمتنع أن للأسرة الصغرى أن تصمد أمام العدوان سواء من
البشر أو من الحيوانات أو حتى من الأمراض.
ومن دون تجمع القبائل والشعوب يمتنع أن تتراكم أدوات الرعاية
والحماية لأن للنوع البشري رغم ما بين البشر من صراعات. لكنها لا تلغي توارث
التجارب المحققة لشروط الاستعمار في الأرض (الثروة) ولشروط الاستخلاف فيها
(التراث).
وهذا التوارث في الثروة المادية بمعنييها الراعية والحامية وفي
التراث الروحي بمعنييه العلمي وتطبيقاته والعملي وتطبيقاته والثاني شرط الأولى من
حيث القدرة الإنسانية في إبداعه والثانية شرط الأول في القدرة الإنسانية على
تمويله يجعلان البشرية واحدة حتى في تعاديها لأن القوي ماديا يعتبر ذلك أداة للحصول
على القوة الروحية بمعنى أنه يعادي ما يريد أن يأخذ منه ما يسعى إليه وليس لمحوه
ثم يجعله أصلا من أصوله فيصبح مفاخرا بمن
حاربهم في الأصل فيعتبرهم آباءه لما يجعله مقوما من مقومات هويته.
من دون تجمع القبائل والشعوب يمتنع أن تتراكم أدوات الرعاية والحماية لأن للنوع البشري رغم ما بين البشر من صراعات. لكنها لا تلغي توارث التجارب المحققة لشروط الاستعمار في الأرض (الثروة) ولشروط الاستخلاف فيها (التراث).
وبذلك يتميز النوع الإنساني على بقية الحيوانات التي لا تتوارث إلى
بايولوجيا وليس لها توارث ثروة ولا تراث. وبهذا المعنى فالفصل بين البر تحريف
لطبيعة علاقتهم. فهي علاقة رؤساء بالطبع بمقتضى الاستخلاف الذي خلقوا له. فتكون
العلاقة سيد عبد تحريفا لعلاقة نسيت حقيقتها ما هي. وتلك هي أهمية التعريف
الخلدوني للإنسان من منطلق الرؤية القرآنية.
والانفصال بين الروح والبدن فصام مرضي. الروح هي الواعي من إدراك
الذات لذاتها دون سرائرها التي هي اللاواعي وهي جوهر البدني الذي يعيه الإنسان
وكأنه موضوع لوعيه مثله مثل الأشياء الخارجية لأنه يدركه بحواسه كما يدركها فيذهب
به الظن إلى أن روحه غير بدنه وبدنه غير روحه في حين أنهما أشبه بالوجه والقفا من
كيانه المتلفت إلى الآفاق والمتلفت إلى الأنفس وفيهما يريه الله آياته التي تثبت
أن القرآن حق.
ولذلك فالقرآن لا تجد فيه تنكرا أو ذما لحاجات البدن الغذائية
والجنسية بل هو ينكر التبذير والإفراط اللذين يفسدان كيان الإنسان ويعللان التنافس
عليهما الذي قد يجعل الأقوى يحرم الأضعف من شروط البقاء بمنطق الأخوة وتقاسم ثروات
الأرض التي هي ثمرة عمل الإنسان بالتساخرين.
والتربية الغذائية والجنسية وشروط التساخرين يرفعان من لما منزلتهما
شروطا للبقاء ولإضفاء المعنى كلما تحقق فيهما البعد الذوقي والفني مع التعاون
والتخادم بين الإخوة المتساوين الذين لا يتفاضلون عند الله إلا بالتقوى. فالبدن هو
ظاهر الروح وأعراضه. والروح هي باطن البدن وجوهره.
وهما وجهان لنفس الكيان الإنساني الذي كرمه الله فنفخ فيه من روحه
وعلمه الأسماء وكلفه باستعماره في الأرض واستخلافه فيها. وتلك هي العبادة والرئاسة
التي هي في آن طبيعته التي اقتضتها منزلته الاستخلافية.