لاقت المبادرة التي طرحها مبعوث الأمم المتحدة لدى
ليبيا، عبدالله باتيلي، بخصوص تمكين إجراء
الانتخابات ردود فعل وتساؤلات عدة حول مدى نجاحها وقبولها وقدرتها على إجبار مجلسي
النواب والدولة على حسم الإطار الدستوري.
وقدم باتيلي مبادرة تخص إجراء الانتخابات في ليبيا خلال العام الجاري، مؤكدا إخفاق مجلسي النواب والدولة في التوافق على إطار دستوري، معلنا أنه يعتزم إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا للجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية وأن اللجنة سوف تمنح منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين.
"رفض"
وفي أول رد فعل رسمي في ليبيا، أعلن مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح رفضه لهذه المبادرة، متهما
البعثة الأممية بالكيل بمكيالين وعدم الحياد، مستنكرا تحميل المبعوث الأممي للبرلمان مسؤولية تأخير القاعدة الدستورية وفشل الانتخابات دون إشارة لباقي الأجسام السياسية المنوط بها إجراء الانتخابات"، وفق بيان وصل"عربي21".
اظهار أخبار متعلقة
في حين التزم كل من المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الدبيبة الصمت تجاه المبادرة الأممية، وسط توقعات بعقد جلسة طارئة لمجلس الدولة لإعلان موقفه الرسمي من مبادرة باتيلي.
والسؤال: ما احتمال نجاح هذه المبادرة في هذا التوقيت؟ وكيف تابعها ساسة ومسؤولون وناشطون؟
"مشاركة الجيش"
من جهته، قال وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي إن "مبادرة المبعوث الأممي وما قدمه من إحاطة هي حقائق لا يمكن إنكارها، أما رفض مجلس النواب لها فهو عذر أقبح من ذنب كونه المعطل الأول لعملية الانتخابات ويشاركه في هذه المسؤولية مجلس الدولة".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بناء على ما تقدم به باتيلي من مقترحات فإنه ما لم يتوحد الجيش ويفرض إجراء الانتخابات، خاصة الرئاسية، ويردع المعرقلين ويحدد لها تاريخا بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة فإن المبادرة وبعدها الانتخابات لن تنفذ أو تجرى مثلما حدث في السنوات الماضية"، كما رأى.
"فيتو روسي"
في حين قال عضو لجنة المسار الدستوري بمجلس الدولة الليبي، محمد الهادي، إن "المبعوث الأممي لم يقدم شيئا في إحاطته أو مبادرته الأخيرة حول الوضع السياسي ولا يزال يبحث عن دعم دولي وهو ما لم يتحصل عليه ولا يزال الخلاف قائما بين الدول دائمة العضوية".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الموقف الروسي المتحفظ على المبادرة والذي يبحث عن مساومات للتسوية بين عدة ملفات وبالأخص حربه الدائرة على أوكرانيا وموقف بقية أغلب الدول المعارضة لها، وهذا الوضع الدولي لا يزال يمنح الأطراف السياسية الليبية وعلى رأسها مجلسا النواب والدولة فرصة لإيجاد حلول ناجحة للخروج من الأزمة ومعالجة الوضع الدستوري"، بحسب تقديره.
وتابع: "مسألة الانتخابات تحتاج للكثير من الإجراءات ومنها القوانين وحكومة موحدة تشرف على سيرها، وكذلك المناصب السيادية وهذه الأمور هي التي ستحدد متى يمكن أن تجرى الانتخابات والتى أستبعد إجراءها في الوقت القريب، هذا إذا ما استبعدنا موقف المترشحين لمنصب الرئيس وشروط الترشح له"، كما صرح.
"ضغط على المجلسين"
عضوة تأسيسية الدستور الليبي، نادية عمران رأت أن "المبادرة بمثابة ممارسة للضغط على مجلسي النواب والدولة لاستكمال المسار الدستورى وطرح مشروع الدستور للاستفتاء وهو الطريق الأنجع والأفضل حاليا، لكن البعثة الأممية تتبع نفس الخطوات التى اتبعتها في تشكيل لجنة الحوار السابقة".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أن البعثة ما زالت تختار شخصيات بدون معايير ولا قواعد ودون شرعية لهذه الأطراف وهم ما يسمون "أصدقاء البعثة"، وقد ضرب المال السياسي أطنابه فيها ولن يفضي ما تسعى إليه إلا إلى مزيد من الانقسام والفوضى.. وما حدث من ردود فعل تجاه مبادرة باتيلى يؤكد انقسام المجتمع الدولى ومصالحه تجاه ليبيا، كما صرحت لـ"عربي21".
"تساؤلات ومعايير"
الأكاديمية والأمينة العامة السابقة لحزب الجبهة الوطنية في ليبيا، فيروز النعاس، قالت إن "المبادرة كانت متوقعة بعد فشل تمرير التعديل الدستوري الـ13، وفكرة تجاوز المجلسين تم طرحها في العديد من المبادرات الوطنية لكن لم تلق أي اهتمام من البعثة، وتظل تساؤلات حول المبادرة: كيف سيتم اختيار هذه اللجنة وما صلاحياتها ومن سيشكلها؟"، بحسب تساؤلاتها.
وتابعت لـ"عربي21": "لنجاح هذه المبادرة يجب أن تعلن البعثة الأممية هذه النقاط قبل تشكيل اللجنة حتى تلقى قبولا شعبيا واسعا، وإذا ما اتبعت البعثة نهج الشفافية في النقاط السابقة فإن هذا سيساعد على قبولها من أطراف كثيرة وقد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح للخروج من الانسداد الحالي"، كما قالت.