ملفات وتقارير

القصة الكاملة لأزمة مجلس الأمة الكويتي.. كيف عاد مرزوق الغانم رئيسا؟

مرزوق الغانم عاد إلى رئاسة المجلس بقرار المحكمة الدستورية- جيتي
مرزوق الغانم عاد إلى رئاسة المجلس بقرار المحكمة الدستورية- جيتي
قضت المحكمة الدستورية في الكويت الأحد، ببطلان الانتخابات البرلمانية التي جرت في أيلول/سبتمبر الماضي، وأسفرت عن فوز واسع للمعارضة، ما يعني قانونيا عودة البرلمان السابق برئاسة مرزوق الغانم.

وذكرت المحكمة الدستورية أنها قضت بـ"إبطال عملية الانتخابات برمتها في الدوائر الخمس، وعدم صحة من أعلن فوزهم فيها... وأن يستعيد المجلس المنحل سلطته الدستورية من تاريخ هذا الحكم كأن الحل لم يكن".

ويأتي هذا الحكم تعميقا للأزمة السياسية التي تشهدها الكويت منذ سنوات، والتي دفعت أمير البلاد إلى حل المجلس، والحكومة، عدة مرات خلال الأعوام القليلة الماضية.

واللافت أن حكم المحكمة الدستورية، يأتي بإبطال توجيه صدر صيف العام الماضي عن ولي العهد مشعل الأحمد الصباح.

وكان الأمير مشعل قال في حزيران/ يونيو الماضي، إنه قرر نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، حل مجلس الأمة (البرلمان) والدعوة إلى انتخابات عامة، وذلك "استنادا إلى حقنا الدستوري".

بداية الأزمة

في نهاية كانون أول/ ديسمبر 2020، أفرز مجلس النواب 50 نائبا، أكثر من نصفهم محسوب على المعارضة، إلا أن اصطدامهم بقانون تصويت مجلس الوزراء على منصب رئيس مجلس الأمة، حال دون مخططهم بإفشال مرزوق الغانم، الذي جدد فوزه بهذا المنصب.

التصادم بين غالبية النواب، ومرزوق الغانم، إضافة إلى تكرار الاستجوابات المقدمة من قبل أعضاء في المجلس للوزراء، أدى إلى حالة من الاحتقان الكبير وعدم تعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ما أفضى إلى تدخل أمير البلاد عبر خطاب ولي العهد بعد نحو عام ونصف فقط.

وقبل تدخل الشيخ مشعل في حل البرلمان، كانت حكومة صباح الخالد تقدمت باستقالتها في نيسان/ أبريل بعد سلسلة من الاستجوابات المقدمة من قبل نواب مجلس الأمة.

وقال الشيخ مشعل الأحمد في خطابه، إن حل المجلس بعد نحو عام ونصف فقط، هو "حق دستوري"، مضيفا "قررنا اللجوء للشعب ليقوم بإعادة تصحيح المسار السياسي".

وتابع أن "الاختيار غير الصحيح للممثلين في مجلس الأمة يضر بمصلحة البلاد ويعود بنا للمربع الأول"، متابعا "كنا نقوم فقط بالنصح والإرشاد للسلطتين بشأن إدارة الدولة ولم نتدخل ولم نمنع أحدا من القيام بأي إجراءات أو إصلاحات أو أعمال تحقق مصلحة البلاد والعباد".

اظهار أخبار متعلقة


بيد أن المجلس الجديد، الذي جاء وسط حالة تفاؤل واسعة، وبدا أنه على وفاق وتعاون مع الحكومة، ما لبث أن دخل في حالة نزاع، أدت بالأخيرة إلى مقاطعة جلساته.

واتهم نواب، الحكومة بعدم الوفاء بوعودها بتغيير النهج السائد منذ سنوات، والذي تسبب في تعطيل النمو في الكويت، وتفشي الفساد في مؤسسات عديدة.

المادة 107

اعتمد ولي العهد الكويتي صيف العام الماضي على المادة 107 في الدستور، عندما قرر نيابة عن أمير البلاد حل المجلس، وتنص المادة على أن "للأمير حل المجلس بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى.".

بيد أن المحكمة الدستورية، وبناء على طعون مقدمة من قبل نواب في المجلس السابق، وجدت في تطبيق المادة 107 من قبل ولي العهد والحكومة، ثغرة تسببت إضافة إلى بنود أخرى، في إبطال شرعية المجلس الحالي.

وبحسب قرار المحكمة الدستورية، الذي اطلعت "عربي21" على تفاصيله، فإن "العوار القانوني" الذي وقع فيه التوجه الأميري بحل المجلس استنادا إلى المادة 107، يكمن في أن الحكومة التي رفعت المرسوم كانت حديثة التشكيل حينها، ورأت المحكمة أنه "لا يتصور وجود خلافات بينها وبين المجلس، وبالتالي يكون المرسوم غير مسبّب بالمخالفة لنص المادة 107 من الدستور".

وأشارت المحكمة إلى أن الحكومة التي كانت على خلافات وعدم تعاون مع المجلس، هي التي حلها الأمير في نيسان/ أبريل 2021، بيد أن الحكومة التي تشكلت بعد ذلك، طلبت فور تشكيلها حل المجلس دون التحقق في إمكانية تعاونها معه من عدمه.
للاطلاع إلى نص قرار المحكمة الدستورية (هنا)

البطاقة المدنية

تضمنت مذكرة الطعن في البرلمان المنحل، بالإضافة إلى مخالفة تطبيق المادة 107، تفصيلا حول مخالفتين تتعلقان بالتصويت عبر "البطاقة المدنية"، وإضافة دوائر تصويت جديدة.

وبالرغم من عدم اتخاذ المحكمة الدستورية قرار بطلان الانتخابات، والمجلس، بناء على النقطتين هاتين، إلا أن مقدمي الدعوة استندا عليهن في تعزيز قوة موقفهم.

وتلخصت مخاوف الرافضين للتصويت عبر البطاقة المدنية في الانتخابات التي جرت بأيلول/ سبتمبر الماضي، في عدة أسباب، أبرزها أن هناك عدم دقة كافية في صحة سجل الناخبين بسبب عدم التحديث الدائم لنظام الهوية المدنية، ما يعني احتمالية وجود تزوير وتلاعب بالأصوات.

إضافة إلى وجود مخاوف باحتمالية التأثير على أصوات الناخبين، إذ أن استخدام بطاقات الهوية المدنية يعني أنه يمكن التعرف على الناخبين وتعقبهم، مما قد يجعلهم عرضة لضغوط المرشحين.

اظهار أخبار متعلقة


اقرأ أيضا: خلاف سياسي جديد بالكويت.. وباحث: "لا ديمقراطية دون أحزاب"

"فوضى قانونية" وسوابق
منذ استقالة حكومة أحمد النواف الصباح في كانون ثاني/ يناير الماضي وتكليفه بإعادة تشكيل حكومة جديدة، بات مجلس الأمة معطلا بشكل شبه تام.

وكان رئيس المجلس المنحل، أحمد السعدون، تحدث مطولا عن أن الحكومة تعطل انعقاد الجلسات، وأن وجود المادة 116 في الدستور الكويتي، هي السبب في عدم انعقاد المجلس دون حضور الحكومة.

وأوردت المادة 116 من الدستور عبارة "يجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها".

إلا أن المختلفين مع السعدون، والذين يرون أن تعطيل انعقاد المجلس هو "تعطيل للدستور"، قالوا إن المادة 97 من الدستور الكويتي، تعطي مشروعية لانعقاد المجلس دون حضور الحكومة.

وتنص المادة 97 على أنه "يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه"، دون التطرق إلى ضرورة تواجد وزراء من الحكومة.

رئيس وعميد كلية القانون الكويتية العالمية، محمد المقاطع، قال إن البلد سيمر بمخاض من المتواليات الدستورية، ونمط فريد للفوضى القانونية، بسبب إجراءات وتداخلات عودة المجلس المنحل، وتعامل مع مرحلة قانونية غير مسبوقة.

وأضاف في مقال بصحيفة "الجريدة"، أن "المحكمة الدستورية، جانبت الصواب القانوني، إذ تجاهلت أنها محكمة طعون انتخابية - محكمة موضوع - فتصدّت للفصل في الموضوع الدستوري الخاص بالمرسوم رقم 126 لسنة 2022 (مرسوم الحل)، وكأنه طعن بعدم الدستورية، وهو ما لم يُثره الطاعن ولم يورده في حيثياته".

واللافت أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها حل مجلس الأمة، إذ سبق لأمير البلاد الراحل صباح الصباح حل البرلمان عام 2011، بعد خطاب قال فيه إنه اتخذ هذا القرار "إزاء ما آلت إليه الأمور، وأدت إلى تعثر مسيرة الإنجاز، وتهديد المصالح العليا للبلاد مما يستوجب العودة إلى الأمة لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات القائمة وتحقيق المصلحة الوطنية".

وتكررت الحالة ذاتها بعد ذلك بعام، إذ أبطلت المحكمة الدستورية البرلمان المنتخب حينها، وقررت العودة إلى البرلمان الذي حله أمير البلاد.

اظهار أخبار متعلقة



عودة مرزوق الغانم

يعود مرزوق الغانم على رأس مجلس الأمة في ظل أوضاع سياسية متأزمة تشهدها الكويت، كان السياسي ورجل الأعمال الثري أحد أطرافها.

ويصطدم مرزوق الغانم بأغلبية نيابية تختلف معه بشدة، إضافة إلى أن عودته تأتي بقرار قضائي ينقض التوجيه الأميري الذي أشار بالنقد إلى حقبة الغانم وحكومة صباح الخالد التي كان على وفاق معها.

بيد أن مرزوق الغانم يطمح في المساهمة بالخروج من الأزمة، لا سيما عقب فشل ما وصفه ولي العهد بـ"العهد الجديد" في إخراج الكويت من أزماتها السياسية، والاقتصادية المتتالية.

وبدأ نواب سابقون في المجلس العائد، ببعث رسائل تحذيرية لمرزوق الغانم، بأنهم سيعودون لمواجهته، فيما قال آخرون إنهم لا يرون قرار المحكمة الدستورية صائبا.

محمد المطير، نائب رئيس المجلس المنحل، وأحد ألد خصوم مرزوق الغانم في المجلس العائد بقرار المحكمة، غرد في "تويتر": "(وإن عدتم عدنا)، ليس شعارا رفعناه فيما مضى، بل هو سلوك ونهج
تمسك به الكويتيون طيلة حياتهم، حماية لبلدهم، ولن يتركها الكويتيون أبداً، أسيرة مجموعة فاسدة
ينهبون خيراتها، ويعبثون بمقدراتها، فمهما حاولوا تفريغ الساحة لهم دون غيرهم، سيكون رد أهل الكويت: (وإن عدتم عدنا)".



تسلسل زمني
-  10 أيار/ مايو 2022: استقالة حكومة صباح الخالد.

- 22 حزيران/ يونيو: خطاب ولي العهد نيابة عن الأمير.

- 24 تموز/ يوليو: تعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد رئيساً للحكومة.

- 1 آب/ أغسطس: تشكيل الحكومة الجديدة.

- 2 آب/ أغسطس: مرسوم حل مجلس الأمة. (العوار الدستوري الذي أدى إلى بطلان القرار)

- 18 آب/ أغسطس: مرسوم قانون البطاقة المدنية.

-  28 آب/ أغسطس: مرسوم الدعوة للانتخابات.

- 29 أيلول/ سبتمبر: إجراء الانتخابات.

- 5 تشرين أول/ أكتوبر: تشكيل حكومة أحمد نواف الثانية.

- 26 كانون ثاني/ يناير: استقالة الحكومة.

- 5 آذار/ مارس: تكليف أحمد النواف بتشكيل الحكومة مجددا.

- 19 آذار/ مارس: حكم من المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الأمة 2022.
التعليقات (1)
الاكوان المتعددة
الإثنين، 20-03-2023 01:40 ص
مثلما عاد نتنياهو ونبية برئ اسم نتنياهو ذكرني بلياهو الايميل البائد yaho قالو الارقام والحروف اسرار