قضايا وآراء

الأقصى يعزز مسار المقاومة المسلحة في الضفة الغربية

حازم عياد
المواجهات التي خاضتها المقاومة المسلحة في الضفة الغربية أكدت أنها باتت أكثر رسوخا وصلابة.. (الأناضول)
المواجهات التي خاضتها المقاومة المسلحة في الضفة الغربية أكدت أنها باتت أكثر رسوخا وصلابة.. (الأناضول)
أكدت الساعات القليلة التي تبعت الاقتحام الوحشي للاحتلال للمسجد الأقصى ليلة أمس الأربعاء أن المقاومة المسلحة في الضفة الغربية دخلت مرحلة التعافي رغم الضغوط والمعوقات الكبيرة التي واجهتها على مدى الأشهر الماضية والتي كان أبرزها التنسيق الأمني والاجتماعات التي رعتها الإدارة الامريكية في العقبة وشرم الشيخ؛ والخطط التي طرحتها واشنطن وأبرزها خطة الجنرال الأمريكي (مايكل فنزل) أسوة بخطة سلفه الجنرال دايتون في العام 2005.

المواجهات التي خاضتها المقاومة المسلحة في الضفة الغربية أكدت بأنها باتت أكثر رسوخا وصلابة مما كان يتوقع المراقبون والخبراء الأمنيون؛ فالمواجهات المسلحة اتسع نطاقها بسرعة كبيرة لتشمل كافة المدن الفلسطينية بما فيها الخليل وبيت لحم وأريحا التي انضمت إلى مسار المقاومة المسلحة الذي بدأ مسيرته في جنين ونابلس وطولكرم.

العمليات انتقلت من مرحلة رد الفعل على الهجوم الليلي لجيش الاحتلال وشرطة في المسجد القبلي إلى مرحلة الفعل؛ باتصال الهجمات المسلحة على مدى يوم الأربعاء محققة بذلك نقلة نوعية لا تقل في أهميتها الرشقات الصاروخية التي استهدفت المستوطنات في غلاف غزة وأوقعت خسائر في عدد من المنشآت الاقتصادية التابعة للاحتلال.

مسار الأحداث ليلة الأربعاء وما تبعها تؤكد على أن مسار المقاومة في الضفة الغربية بات حقيقة تتسم بالديمومة والاتساع جغرافيا والتطور تقنيا  في الآن ذاته؛ مقدما بذلك قيمة مضافة لمسار المقاومة في غزة الذي اكتسب مكانة مرجعية وقاعدة خلفية داعمة للفعل المقاوم في الضفة الغربية.

يؤاف غالانت وزير الأمن الإسرائيلي أجرى تقييماً خاصاً للوضع الأمني مع رئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس شعبة العمليات اللواء عوديد باسيوك، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء أهارون حاليفا، ومنسق عمليات الحكومة اللواء غسان عليان في الضفة الغربية وغيره من كبار المسؤولين في المنظومة الأمنية بالتوازي مع إطلاق وساطات مصرية وأردنية لاحتواء الوضع المتدهور بفعل الاعتداء على المعتكفين في الاقصى.

في مقابل التقديرات العسكرية تصدر وزير المالية الفاشي  بتسلئيل سموتريتش المشهد بالدعوة إلى إطلاق عملية حارس الأسوار في الضفة الغربية خصوصا جنين ونابلس؛ في حين طالب المتطرف الفاشي إيتمار بن غفير خلال اجتماع الكابينت (الحكومة المصغرة) بتوجيه ضربات عنيفة داخل قطاع غزة وإطلاق عملية عسكرية واسعة وعدم الاكتفاء بقصف الأراضي الفارغة بحسب زعمه.

المعادلة الجديدة في الضفة الغربية رسمت ملامحها وستمر أسابيع وأشهر قبل أن يدرك الاحتلال بأنه بات مستنفرا ومستنزفا إلى أقصى الحدود؛ فالكلف الاقتصادية والأمنية أكبر بكثير مما يتوقع وهي كلف ستعمق بمرور الوقت الانقسام والتصدعات داخل المجتمع والنخبة الصهيونية.
النشوة والرغبة في الاندفاع قدما في أجندة اليمين الفاشي في القدس والضفة الغربية ورغبة نتنياهو في  تكريس نفسه كزعيم قوي لا تعكس الحقائق المتغيرة على الأرض؛ التي أكدت تعمق مسار العمل المقاوم في الضفة الغربية وتنامي المخاوف لدى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من إمكانية اتساع نطاق المواجهة وخروجها عن السيطرة لتشمل لبنان وسوريا؛ وهو ما دفع رئيس الأركان في جيش الاحتلال الجنرال هرتسي هاليفي لاستباقه بالقول مساء يوم أمس الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي أصبح مستعداً لمواجهة إيران في اشارة منه لحالة الاربتاك التي أفضت إلى تفعيل القبة الحديدية وإطلاق الصواريخ على أهداف وهمية شمال فلسطين.

هليفي أكد على أن الكيان الإسرائيلي أصبح مستعدا لتنفيذ عمليات في العمق الإيراني دون الاعتماد على أحد مضيفا القول: "من الجيد أن تكون الولايات المتحدة إلى جانبنا، ولكن هذا غير ضروري فنحن دولة مستقلة".

تصريحات هليفي تعكس قلقا إسرائيليا ورغبة في رسم معادلة ردع تمنع من توسعة دائرة الاشتباك في الأراضي المحتلة فالجبهة الشمالية مثار قلق حقيقي للاحتلال كحال الجبهة الجنوبية في قطاع غزة؛ يدفعه لمحاولة الاستعانة بالحليف الأمريكي وقوة الردع الأمريكية في سوريا بعد أن حشدت واشنطن حاملة الطائرات جورج بوش قبالة السواحل السورية ودفعت بالغواصة الأمريكية متعددة الأغراض SSN 751 من نوع لوس أنجلوس إلى ليماسول في جزيرة قبرص.

ختاما..

بحث الاحتلال عن معادلة ردع لن يغير الحقيقة المؤكدة بأن الضفة الغربية رسمت مسارا مقاوما مسلحا خرج من نطاق السيطرة والتحكم؛ مسار أسهمت فيه الانتهاكات اليومية للاحتلال وكرسته الاعتداءات على المسجد الأقصى وحرمه الشريف؛ فالمعادلة الجديدة في الضفة الغربية رسمت ملامحها وستمر أسابيع وأشهر قبل أن يدرك الاحتلال بأنه بات مستنفرا ومستنزفا إلى أقصى الحدود؛ فالكلف الاقتصادية والأمنية أكبر بكثير مما يتوقع وهي كلف ستعمق بمرور الوقت الانقسام والتصدعات داخل المجتمع والنخبة الصهيونية.

hazem ayyad
@hma36
التعليقات (0)