أوضح شيخ
الأزهر الدكتور أحمد الطيب في برنامجه الرمضاني (الإمام
الطيب) أن الزوج يُوصف بالنشوز، كما أن الزوجة توصف بذلك، وأن الزوج يستحق هذا
الوصف إذا اعتدى على زوجته بالإيذاء والتعدي بالألفاظ، مشيرا إلى أن المساواة بين
الزوجين في النشوز لم تكن في الوصف فقط، بل إنها أيضا في العقوبة.
واستدرك بالقول: "غير أن العقوبة في ما يتعلق بنشوز الزوج يتولاها الحاكم
أو القاضي" إذا ما تقدمت الزوجة بالشكوى إليهما، لكن ثمة فوارق ـ كما هو
مذكور في كتب التفسير والفقه، وحسب باحثين شرعيين ـ بين نشوز الزوج والزوجة، منها أن نشوز الزوج لا
يسقط عنه قوامته، وأنه يحق للزوج تأديب زوجته الناشز، بينما لا يجوز للزوجة ولا
لأهلها فعل ذلك.
كما أن طريقة العلاج تختلف في كل منهما، ففي حالة نشوز الزوجة يمنح
الزوج حق معالجة الأمر بنفسه عن طريق (الوعظ، الهجر في المضاجع، الضرب..)، أما في
حالة نشوز الزوج فيكون بالصلح بين الزوجين بالاتفاق على إدارة الحياة الزوجية،
كتنازل الزوجة لتجنب التفريق بينهما، فإن تعذر ذلك فللزوجة أن ترفع أمر زوجها
الناشز للقضاء.
في بيان معنى النشوز قال الباحث اللبناني المتخصص في العلوم الشرعية،
عبد الناصر حدّارة: "النشوز له تعريف واحد في الزوج والزوجة، كما عرفه الفقهاء
وهو لا يخرج عن ترفع الزوجة عن زوجها، وترفع الزوج عن زوجته، وإن كان التعريف
واحدا، لكنه يختلف بين الرجل والمرأة، على حسب اختلافهم في الحقوق والواجبات".
عبد الناصر حدّارة، باحث لبناني متخصص في العلوم الشرعية
وأضاف: "فالرجل يسمى ناشزا في أمرين: الأول ما فيه نفور وكراهة
ورغبة بالفرقة، كترك معاشرتها ومكالمتها والرغبة في طلاقها بلا مسوغ، وهذا الحل
فيه يكون بأن تصالح الزوجة زوجها بما يبقيها زوجته بأي حل يتفقان عليه مالا أو غير
مال، وهو ما ورد في قوله تعالى (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا)".
أما الثاني، وفق حديث حدارة لـ
"عربي21"، فهو "ما
فيه اعتداء على حقوق الزوجة وظلمها كتقصيره في النفقة والسكنى والملبس والقسم إن
كان معددا، وضربها ضربا مبرحا وشتمها وشتم أهلها أو فسقه وفجوره، وهذا الحل فيه
يكون برفع الزوجة شكوى إلى القاضي، وهو الذي ينصفها برد مظلمتها، وقد يكون بوعظه
وتهديده، وقد يرتقي لضربه وحبسه وتغريمه، وبكل عقوبة مناسبة يراها القاضي ترجع
الزوج لإعطاء زوجته حقها وعدم ظلمها، ولها أن تطلب الفراق لهذه الأسباب إن أرادت
فراقه".
وأوضح أن "نشوز المرأة يكون بتركها طاعة زوجها أو تركها معاشرته
الزوجية أو الخروج من البيت بلا إذنه أو إدخال إلى بيته من يكره، أو إضاعة ماله أو
عدم التزين له، أو سوء خلقها معه.. وهذا النشوز قد وضع الشرع حق التأديب فيه بيد
الرجل بالوعظ ثم الهجر في الفراش، ثم الضرب غير المبرح وهو الضرب المشعر أنها
ناشز، ثم جلب حكم من أهلها وحكم من أهله لردها إلى صوابها وإلا فالطلاق".
وأردف: "وهذه طرق علاجية للزوجة محافظة على البيت الزوجي، وليست
طرقا عقابية تجريما لها.. وكأن الزوج في كل مرة من مرات العلاج يبين لها أنها
بنشوزها تدفع البيت الزوجي للخراب خطوة خطوة بالطلاق، فكما رأينا فإن تعريف النشوز
واحد للزوج والزوجة، ولكن تطبيقه يختلف باختلاف الحقوق والواجبات بين الزوجين".
وعن مسألة المساواة بين الجنسين، أبدى حدّارة تحفظه الشديد على إطلاق
ذلك، مبينا أنه "بكل صراحة لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة بشكل عام في الإسلام،
فللرجل طبيعة جسدية ونفسية تختلف عن طبيعة جسد المرأة ونفسيتها، فالمساواة بمعنى
المطابقة في نفس الحقوق والواجبات ظلم لأحدهما لأنه سيكون خلاف طبيعته سواء أكان
رجلا أو امرأة".
وأكمل: "لكن الله العدل قد عدل بين الرجل والمرأة فأعطى كلا
منهما من حقوق وواجبات ما يناسب طبيعته، وكذا بين الزوجين أعطى الله للزوج حقوقا،
وفرض عليه واجبات تناسب طبيعته الجسدية والنفسية، وأعطى للزوجة حقوقا، وفرض عليها
واجبات تناسب طبيعتها الجسدية والنفسية، وهو خالقهما وهو أعلم بهما من نفسيهما، ثم
جعل تأديب كل منهما في النشوز (وليس عقوبة كل منهما) متوافقة مع التقصير في
الواجبات والتعسف في استعمال الحق من كل منهما..".
من جانبه أوضح مدرس الفقه بجامعة الأزهر، وليد قاسم أن "أصل
النشوز هو الترفع أو التعالي من طرف على الآخر، وهو قد يقع من الزوج كما يقع من
الزوجة، وهذا ما بينه القرآن الكريم حين أضافه لكل منهما، فحقيقة النشوز واحدة،
وهو إخلال أي طرف من الزوجين بالواجبات المنوطة به".
وليد قاسم، مدرس الفقه بجامعة الأزهر
وتابع بيان طرق معالجة نشوز الزوجة، وفق ما ذكرته الآية الكريمة
(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُورُهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي
الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلا) فيكون بالوعظ والإرشاد، ثم الهجر في المضاجع، ثم الضرب، لافتا إلى أن
"الضرب ليس حتما لازما، ولا فرضا واجبا، إنما هو خيار لبعض الحالات التي لا
تنتبه إلا بالقوة والشدة كحال المعلم والأب الشفيق الذي يقسو أحيانا على أبنائه
وطلابه".
وأردف: "فإذا علم الزوج أن الضرب لن يجدي نفعا، بل ربما أدّى إلى
زيادة الشقاق والخلاف، فلا يحل له أن يُقدم عليه، وليس من الحكمة وضع الشيء في غير
موضعه، والعاقل من علم لكل داء دواءه، ولكل مرض علاجه، فاختار ما يصلح له، وترك ما
لا ينبغي لمثله، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم (ولن يضرب خياركم".
ولفت إلى أن "النشوز ورد ذكره في القرآن مضافا إلى الأزواج
والزوجات جميعا، إلا أنه يبقى مختلفا بين كل منهما في مظاهره وسبل علاجه، وهذا
يرجع إلى الاختلاف في طبيعة الدور المنوط بكل منهما، فنشوز الزوجة هو تكرر
عصيانها، وإبائها طاعة زوجها، أو تلبية حاجاته الزوجية، التي أمر الله بها، ونشوز
الزوج يتمثل في النفرة التي تظهر في الإعراض المتكرر عنها، أو العبوس المستمر في
وجهها، أو سوء عشرتها، أو الاعتداء اللفظي أو البدني عليها، ومن هنا اختلفت
التدابير الشرعية التي أوصى بها الإسلام في معالجة النشوز..".
بدوره أشار الأكاديمي الفلسطيني، المتخصص في الحديث النبوي وعلومه،
الدكتور محمد شعبان بعد توضيحه وبيانه لمعنى النشوز المضاف إلى الأزواج والزوجات
إلى أن "التعبير عن ذلك بالمساواة بين الرجل والمرأة فيه تسويق لنظرية المساواة،
وهذا خطأ فالرجل له حقوقه، والمرأة لها حقوقها، وهناك حقوق مشتركة، أما المساواة
المطلقة فكلام مرسل، وشعار لا حقيقة له".
محمد شعبان، أكاديمي فلسطيني، متخصص في الحديث النبوي وعلومه
وأضاف في حديثه لـ
"عربي21": "لو قلنا بالمساواة لترتب
على ذلك أن المرأة تعظ زوجها وتهجره في المضاجع وتضربه، وهو ما لا يقول به حتى الذين
يطلقون لفظ المساواة، لأنه يتعارض مع صريح القرآن الكريم في تحديد طريقة معالجة
نشوز الزوج في قوله تعالى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ
إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)".
في هذا الإطار ذكر المحامي الشرعي الأردني، فتحي البواب
لـ
"عربي21" أن قانون الأحوال الشخصية الأردني لا يتضمن أي مادة بشأن
نشوز الزوج، ولم يأخذ بأي مظهر من مظاهر نشوز الزوج، وأن أكثر ما يطرح في هذا
السياق إنما يرد في حالات الشقاق والنزاع".
وقد نصت المادة (69) من قانون الأحوال الشخصية الأردني على "إذا
نشزت الزوجة فلا نفقة لها، والناشز هي التي تترك بين الزوجية بلا مسوغ شرعي، أو
تمنع الزوج من الدخول إلى بيتها قبل طلبها النقلة إلى بيت آخر، ويعتبر من المسوغات
الشرعية لخروجها من المسكن إيذاء الزوج بها بالضرب أو سوء العشرة".