قضايا وآراء

الانتقال السياسي والأمني في الضفة الغربية

حازم عيّاد
جولة المواجهة الأخيرة غيرت الكثير في واقع الضفة الغربية، فمركز الثقل انتقل من رام الله إلى جنين.. (الأناضول)
جولة المواجهة الأخيرة غيرت الكثير في واقع الضفة الغربية، فمركز الثقل انتقل من رام الله إلى جنين.. (الأناضول)
الصورة الختامية لانسحاب جيش الاحتلال من جنين ومخيمها انطبعت في أذهان الإسرائيليين كفشل عسكري وسياسي؛ وفي أذهان الفلسطينين كنجاح وانتصار على الاحتلال.

فالاحتفالات الكبيرة للفلسطينيين في مدن وقرى الضفة الغربية؛ قابلتها تصريحات باهتة لرئيس وزراء حكومة الاحتلال الفاشية بنيامين نتنياهو ادعى فيها أن "حاكما عربيا دعاه للمسارعة في إنهاء العملية"؛ علما بأن نتنياهو لم يعرف عنه مراعاة مواقف الحكام العرب وحساسيتهم وإلا لكان أوقف الاستيطان في الضفة الغربية مراعاة للهواجس المزعومة.

ما قدمه نتنياهو من مبررات لإنهاء العملية عكس عجزا وفشلا وإرباكا للقيادة العسكرية والسياسية التي أمضت ما يقارب الأشهر الستة في الإعداد لعملية دافع عنها قائد المنطقة الوسطى الجنرال "يهودا فوكس" بالقول: إنها جاءت لضمان الحركة الحرة لجيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية.

فجولة المواجهة التي لم تتجاوز الـ 72 ساعة غيرت الكثير في واقع الضفة الغربية، فمركز الثقل والتأثير في الضفة الغربية انتقل من رام الله إلى جنين بعد المعركة لتتحول المدينة ومخيمها لمحور اهتمام الفلسطينيين والاحتلال في الآن ذاته، بتكريسها كقاعدة للمقاومة والمواجهة مع الاحتلال ومستوطنيه وبديلا للتنسيق الأمني المتبع في رام الله، وهو نهج بات يكافح للبقاء حاضرا في المشهد رغم الصعوبات التي يواجهها وأخطرها فقدان الرؤية.

النهاية غير الحاسمة للعملية العسكرية في جنين وضعت نتنياهو والقيادة العسكرية في مأزق أمني وسياسي؛ فالأهداف العسكرية والنفسية بتحطيم الروح المعنوية للحاضنة الشعبية للمقاومة عبر تدمير المنازل والبنى التحتية في جنين ومخيمها واجتثاث المقاومة وإحلال نهج التنسيق الأمني فشلت؛ لتفشل معها الأهداف الاستراتيجة والسياسية الممثلة بضمان حرية الحركة لجيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية.

أهداف العملية تأكد فشلها أولا؛ بتراجع فاعلية نهج التنسيق الأمني وعزلته المتزايدة عن الشارع الفلسطيني، وثانيا بسرعة انتشار المقاومين في مخيم جنين واستئناف العمليات الفدائية ضد المستوطنات وآخرها مستوطنة (براخا) جنوبي مدينة نابلس؛ وثالثا تعقد حسابات وزير الأمن الإسرائيلي يؤاف غالانت وزلة لسانه التي قال فيها بأن "جيشه سيتعامل مع الضفة الغربية كما يتعامل مع قطاع غزة"؛  مؤكدا بذلك فشل الرؤية التي قدمها قائد المنطقة الوسطى الجنرال "فوكس" للحفاظ على حرية الحركة لقوات الاحتلال والمستوطنين.

ختاما..

لم يعد أمام الاحتلال والمستوطنين من خيارات للتعامل مع المقاومة في الضفة الغربية سوى التحصن خلف المزيد من الجدران أو مغادرة الضفة الغربية؛ فحرية الحركة للاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية التي وعد بها الجنرال يهودا فوكس قائد المنطقة الوسطى تبخرت وتحولت إلى سراب بعد معركة جنين، والأهم أنها أدخلت الضفة الغربية في مرحلة انتقالية بين زمنين، الأول ساد فيه التنسيق الأمني والثاني بات مرهونا بتطور الفعل المقاوم لمواجهة الاستيطان والاحتلال.

https://twitter.com/hma36
التعليقات (0)