تزداد الضغوط التي يرزح تحتها المجتمع السوري، بعد عقدٍ من تحطيمه وقتله
وتهجير الملايين منه، والقبضة الأمنية للنظام في مناطق سيطرته والتي أعادها لسطوته
لم تُقدم للسوريين إلا الإفلاس الذي ظهر عليه النظام في تصديه للشعب السوري الثائر
على نظام قمعي ووحشي، وشعاراته عن تحقيق "النصر" على السوريين ومحاربته
للمؤامرة وغيرها من الذرائع؛ استخدمت لتغطية جرائم كبرى ارتكبها النظام بحق ملايين
السوريين الذين يراهم
الأسد في "نيفٍ" زاد عن المائة ألف متظاهر سوري
كما في أكاذيبه الاعلامية المتخشبة.
الظن أن هذه الشعارات ستملأ بطن الجائعين من حاضنته الشعبية، أدى لتململ تطور
نحو تحدي النظام من مؤيديه السابقين وقد تحولوا لمعارضين لسياساته الاقتصادية
والأمنية، وأطلقوا شعارات توحد مطالب السوريين. وللخروج من
أزمات مستعصية في
المعيشة والأمن والكرامة الإنسانية، لم يعد أمام السوريين سوى الانتظام في بوتقة
واحدة تكررت منذ أيام في دمشق وريفها، ومن الجنوب إلى الساحل السوري، بأن خلاصهم
يبدأ برحيل الأسد وعصابته، كما اتضح من الشعارات والهتافات المرفوعة ردا على ما
وصلت إليه أوضاع السوريين من قمعٍ وقتلٍ وتفقير وتهجير، وهدر للكرامة الإنسانية.
للخروج من أزمات مستعصية في المعيشة والأمن والكرامة الإنسانية، لم يعد أمام السوريين سوى الانتظام في بوتقة واحدة تكررت منذ أيام في دمشق وريفها، ومن الجنوب إلى الساحل السوري، بأن خلاصهم يبدأ برحيل الأسد وعصابته، كما اتضح من الشعارات والهتافات المرفوعة ردا على ما وصلت إليه أوضاع السوريين من قمعٍ وقتلٍ وتفقير وتهجير، وهدر للكرامة الإنسانية
في دورة الحقد والانتقام والثأر من السوريين، التي دار فيها نظام الأسد منذ
العام 2011، مستخدماً كل الجرائم والوسائل التي تمكنه من تدمير المجتمع الثائر
ضده، استمع الشعب السوري طيلة سنوات تحطيمه لسيل من بلاهة التصريحات والمواقف
العربية والغربية، والمراهنة على إعادة تعويم النظام. فعلى الرغم من تاريخ عذابات
السوريين مع نظام الأسد، لم يُنصف أحد السوريين إلى اليوم، بل زادت كل الصفات
المأساوية التصاقاً بهم، وتُشعرهم بالنقص والسلب والإهانة والعنصرية، قبل أن يعطف
عليهم انحطاط القيم الإنسانية بصفة "إرهابيين" في وطنهم وفي بلاد التشرد.
وقد قيل في الماضي القريب إن السوري الجيد هو القابع تحت سيطرة الأسد يمجده ويثني
على جرائمه. هكذا قدم الأسد حاضنته لبقية السوريين والعالم، وشوه بتزييف مماثل نزع
الكرامة الإنسانية والوطنية عنهم.
هذا السوري المنسي والمعذب، ينتسب لسهول القمح وأرض الزيتون والقطن والخضار
والحمضيات، وفي جوفها خيرات كثيرة من بترول وغاز وفوسفات، وقد أصبحت رهينة في أيدي
احتلال قايض مساندة وجود الأسد مقابل السيطرة على موارد الشعب السوري وفاقم من
معاناته اليومية. يرى هذا السوري كل لحظة السطو على جزء من أرضه وتاريخه وثرواته لمحاولة
طمس الحقائق وقتل روح التمرد بمعاقبته وسحقه وإذلاله، لكن لا يمكن لهذه السياسات
والإجراءات التي جرب معظمها الأسد على أجساد السوريين بمساعدة حلفائه، أن تضمن له
استمرارية في حياتهم ووجودهم المستقبلي. تقديم أساليب المراوغة لجأ إليها طغاة
ومحتلون كُثر في التاريخ لحماية أنفسهم، لكن الواقع قدم نتائج مغايرة لأوهام
المراغة والتزييف، وكان لها مفعول مختلف.
وإذا كان من المعترف به أن السوريين قدموا تضحياتٍ لمواجهة أعتى الأنظمة
وحشية في بلدهم، ومواجهة خذلان العالم كله، بما فيه خذلان من "واكب"
تضحياتهم لفظاً، فإن الطموحات والهمم عالية وعالية جداً، كما واكبناها في الجنوب
السوري من درعا والسويداء، وفي شجاعة من حطم أسوار الخوف في الساحل السوري، فتلك
من المنجزات التي حققها السوريون في ثورتهم وتضحياتهم، وبعد افتضاح وحدة الجبهة
المعادية لهم عربياً وإقليمياً، مع بروباغندا تحاول إثبات بطلان وزيف حرية
السوريين وربطهم بالمؤامرة، وتقديمهم كقاصرين لا يمكن لهم العيش دون أن يحكمهم
فاشي بوزن الأسد.
العالم يُدرك بشكل ملموس بأنه لا يمكن تحقيق سلام وعدل للسوريين، بدون معالجة جذرية لجرائم الأسد ونظامه، والتي تشكل مرتكز الكارثة منذ خمسة عقود
تبقى القضية الناشئة أمام الشعب السوري، في تجديد ثورته على الطاغية
الأسدي، رغم موجات القتل والدمار التي تُفسح المجال لمراكمة أسباب للتخلص من هذا
النظام وببدائل كانت مطروحة منذ البداية، لكن وحشية النظام غطت على كل شيء. ودون
الشعور بالحاجة لتضييق الخناق على النظام، لن يكون هناك خلاص قريب من كل الآلام
والأوجاع. وفي هذا المجال يمكننا التقرير بأن العالم يُدرك بشكل ملموس بأنه لا
يمكن تحقيق سلام وعدل للسوريين، بدون معالجة جذرية لجرائم الأسد ونظامه، والتي
تشكل مرتكز الكارثة منذ خمسة عقود.
والقضية السورية ليست مطلبية في يومياتها لخبزٍ وكهرباء وماء، مع أنها
أسباب لاندلاع ثورات في التاريخ، وعلى نظام أهدر مقدرات السوريين واستحوذ عليها مع
عائلته، بل هناك أسباب سورية بحتة متراكمة بأطنان الأدلة والبراهين بأن السوريين
لديهم الحق والرغبة في الحرية والكرامة والمواطنة والتخلص من الاستبداد، ومحاسبته
عن الجرائم المثبت ضلوعه بها.
أخيراً، التآكل البنيوي للنظام السوري، على الصعيد الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي والفكري والأخلاقي والأيديولوجي، ينهش قلب الأسد من الداخل، ولأن الشعب
السوري يمتلك منذ الأسد الأب آلاف الأسباب اليومية التي تدعوه للثورة على ديكتاتور
بحجم الأب، وأصبح في ذاكرة ووعي السوريين ملايين الأسباب التي تدفعهم للتفكير بأن
يكون مستقبل
سوريا حراً دون الابن المجرم.
twitter.com/nizar_sahli