أعلن
رئيس النظام في
مصر عبدالفتاح
السيسي، عن حزمة قرارات جديدة للحماية الاجتماعية، وذلك خلال
زيارته لمحافظة بني سويف (إحدى محافظات الصعيد جنوب القاهرة)، الجمعة، لافتتاح مشروعات
"حياة كريمة".
إعلان
مجموعة القرارات الاقتصادية جاء في وقت تعاني فيه موازنة الدولة لهذا العام من عجز
تاريخي، وسط تساؤلات حول كيفية تدبير الأموال اللازمة، ومن يتحمل تكلفتها، ومدى تأثيرها
على الاقتصاد المصري من ناحية والفائدة التي ستعود على المواطنين منها رغم أنه تم اقتصارها
على فئة موظفي الدولة فقط.
تأتي
الحزمة التي تضمنت زيادة علاوة غلاء المعيشة، وزيادة الحد الأدنى للأجور للدرجة الأخيرة،
ورفع الحد الضريبي وغيرها من القرارات قبيل انتخابات الرئاسة المقبلة التي يفترض أن
تجرى نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل لاختيار رئيس للبلاد.
وتأتي حزمة القرارات الاستثنائية وسط أوضاع أزمة اقتصادية حادة تعاني منها الدولة والتي
انعكست بقوة على المصريين، حيث هوت قيمة الجنيه إلى أكثر من 50% رسميا و 75% في السوق
الموازية، وارتفعت
الأسعار بشكل حاد بأكثر من 200% منذ بداية الأزمة آذار/ مارس
2022.
اظهار أخبار متعلقة
لا تضم
القرارات العاملين بالقطاع الخاص وتضم فئات العاملين بالجهاز الإدارى للدولة والهيئات
الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام فقط والبالغ عددهم نحو 5 ملايين موظف
من بين 27 مليونا في القطاعين العام والخاص. وجاءت الحزمة كالتالي:
- زيادة
علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية، لتصبح "600" جنيه، بدلا من
"300" جنيه، (الدولار 30.9 جنيه).
- زيادة
الحد الأدنى الإجمالي للدخل للدرجة السادسة، ليصبح "4" آلاف جنيه، بدلا من
"3500" جنيه.
- رفع
حد الإعفاء الضريبي بنسبة "25%"، من "36" ألف جنيه، إلى
"45" ألف جنيه.
- زيادة
الفئات المالية الممنوحة، للمستفيدين من "تكافل وكرامة"، بنسبة
"15%" لأصحاب المعاشات.
- مضاعفة
المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات لتصبح "600" جنيه، بدلا من
"300".
- سرعة
تطبيق زيادة بدل التكنولوجيا للصحفيين المقيدين بالنقابة.
- إطلاق
مبادرة للتخفيف عن كاهل صغار الفلاحين المتعثرين مع البنك الزراعي قبل أول 2022 .
- إعفاء
المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، للهيئة العامة لمشروعات
التعمير والتنمية الزراعية بحد أقصى نهاية 2024.
هل تجدي
الزيادة الجديدة؟
يقول
إسماعيل جاد (موظفين على المعاش في قطاع التربية والتعليم) إن "قرارات الرئيس
الأخيرة مقبولة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة والناس، ولكن بشرط ألا
يعقبها زيادات أخرى في الأسعار لأننا تعودنا أن وراء كل قرارات استثنائية زيادات استثنائية".
وأضاف
لـ"عربي21": "أي زيادة في المعاشات أو الأجور لا يمكن أن تستوعب الزيادة
الكبيرة في الأسعار، ولكنها تساعد على تحمل الأزمة، وكما يقول المثل النواة تسند الزير،
لا نطلب سوى الإحساس بالناس البسطاء ومراعاة ظروفهم".
"من
يتحمل فاتورة قرارات السيسي؟"
أقر
السيسي خلال كلمته أنه لا توجد موارد لتغطية النفقات وبالتالي مثل تلك الزيادات العديدة،
وتعد هذه الحزمة الثانية من القرارات الاجتماعية خلال ستة أشهر بعد قرار زيادة الحد الأدنى
للأجور مطلع شهر آذار/ مارس الماضي، وزيادة دخل الموظف بحد أدنى 1000 جنيه شهرياً،
ورفع الحد الأدنى إلى 3500 جنيه اعتبارًا من أول شهر نيسان/ أبريل 2023.
ويتوجس
المصريون بناء على ذلك من تحرير رابع لسعر صرف الجنيه خلال أقل من عام ونصف إذ هوت
العملة المحلية من مستوى 15.5 جنيه إلى 31 جنيها في البنك المركزي ونحو 40 جنيها في
السوق السوداء، ولكن بنوك استثمارية ومؤسسات دولية تقول إن الجنيه يحتاج إلى مزيد من
الخفض.
وتقول
الحكومة المصرية إن حزمة القرارات الاقتصادية التي تهدف إلى تخفيف العبء عن المواطنين
ومساعدتهم في مواجهة التضخم ستكلف موازنة الدولة 60 مليار جنيه مصري أي ما يعادل نحو
ملياري دولار.
وتعاني
الموازنة المصرية لهذا العام عجزا كبيرا وغير مسبوق، ويصل حجم الفوائد + الأقساط إلى نحو
113.7% من إجمالي إيرادات الموازنة البالغة نحو 2.142 تريليون جنيه (69.3 مليار دولار)،
وتتوقع الحكومة المصرية أن يقفز الدين العام إلى 98 في المئة من الناتج المحلي، على
أقل تقدير، وفق تصريحات محمد معيط وزير المالية.
اظهار أخبار متعلقة
تداعيات
الحزمة الاجتماعية على الاقتصاد
حذر
رئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، أحمد خزيم من الجانب السلبي لكل زيادة دون موارد
تغطيها، قائلا: "تداعيات هذه القرارات ستكون سلبية على المدى القصير ولا أقول
المتوسط لأنها سوف تزيد السيولة في السوق وبالتالي سوف تزيد من معدلات التضخم، وهو
ما سوف تؤكد عليه أرقام الشهر المقبل، وبالتالي سوف ترتفع الأسعار وتحدث موجة غلاء
جديد".
ولم
يستبعد في حديثه لـ"عربي21" أن تقوم الحكومة المصرية "بسلسلة إجراءات
تحت مسمى الإصلاح الاقتصادي مثل خفض جديد للجنيه، وزيادة رسوم ودمغات الخدمات وهي الجباية
التي تفرضها الحكومة على كل شيء دون خدمات حقيقية، وفي تصوري فإن حجم الفائدة على محدودي
الدخل والفقراء قليل للغاية لأنه ليس كل الفقراء مشمولين ببرنامج تكافل وكرامة ومبلغها
زهيد جدا".
في تقديره،
يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد رزق: "هي إجراءات لامتصاص غضب الشارع المصري
خاصة الموظفين الذين يحصلون على أجور متواضعة بسبب انخفاض قيمة الجنيه بشكل حاد وما
صاحبه من تضخم كبير، وهي بالتأكيد لا تتماشى إطلاقا مع الزيادات الكبيرة في الأسعار
وغلاء المعيشة ولا تفيد سوى فئات محددة من المجتمع".
وبشأن
كيفية تدبير مثل الأموال لتمويل حزمة القرارات الاقتصادية، أكد رزق في حديثه لـ"عربي21"
أن "هذه القرارات العنترية يتحمل الشعب تكاليفها وحده لأنها من خزانة الدولة المفلسة،
وبالتالي فسوف تقترض الحكومة من البنوك لتدبير هذه الأموال، ومن المعروف أن المواطن
والأجيال المقبلة سوف تتحمل كل هذه الديون بسبب عدم وجود موارد كافية".
"حزمة
فئوية بامتياز"
لم
يستبعد البرلماني المصري السابق، الدكتور محمد عماد صابر، في حديثه لـ"عربي21" أن تكون هناك قرارات قاسية "تفوق تحمل الشعب
لها فيتم تمريرها بهذه الخدعة، وإما أن يكون اقترب بيع أصول هامة تمس الأمن القومي
في الصميم فيحاول إسكات الشعب الذي يغلي كالقدر لكن من الداخل وحتى يؤخر عملية انفجاره
فيؤخر ثورة الجوعى القادمة، فهو مرشح قوى إقليمية وغربية وليس مرشح الشعب".
ورأى
صابر أن "مثل هذا الحزمة على كثرتها ضئيلة ولا تحمي الموظفين من هبة الأسعار وارتفاع
معدلات التضخم"، مشيرا إلى أن "هذه الحزمة تخدم فئة الموظفين فقط البالغ
عددهم حوالي 5 ملايين موظف، وماذا عن باقي فئات الشعب العاملة والتي يتجاوز عددها هذا الرقم
5 أضعاف؟ ما هي الإجراءات والقرارات التي سوف تحميهم من التضخم وغلاء الأسعار... لا
عزاء لهم".