أثار دفع
المعارضة المصرية بثلاثة مرشحين لخوض انتخابات الرئاسة في مصر مرة واحدة تساؤلات حول هذا الزخم غير المسبوق بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية واستمرار حالة القمع الأمني لأية أنشطة سياسية في البلاد.
آخر المنضمين لمضمار الترشح لانتخابات الرئاسة كان رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، الذي أعلن ذلك بعد موافقة الهيئة العليا للحزب على الدفع به مرشحا، في اجتماع طارئ مساء الأربعاء 20 أيلول/ سبتمبر 2023.
وتعد هذه المرة الأولى التي يترشح فيها هذا العدد من المرشحين للمنافسة في انتخابات الرئاسة المصرية منذ عقد أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد عام 2012 بعد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
ولم تشهد آخر انتخابات رئاسية في مصر عامي 2014 و2018 أي منافسة حقيقية على منصب الرئيس، ولم يتقدم في الانتخابات الأولى سوى مرشح واحد هو حمدين صباحي، الذي خسر أمام وزير الدفاع عبد الفتاح
السيسي، وجاء ثالثا بعد الأصوات الباطلة وحصل على نحو 3 بالمئة فقط.
اظهار أخبار متعلقة
وكرر السيسي فوزه في الانتخابات الرئاسية الثانية وحصل على أكثر من 97 بالمئة واكتسح منافسه السياسي المغمور مصطفى موسى مصطفى، الذي سبق وأعلن نيته التصويت لمنافسه في الانتخابات التي حصل فيها على نحو 3 بالمئة.
وقال زهران، في فيديو عبر صفحة الحزب الرسمية على "فيسبوك"، إن "نقاش الهيئة العليا للحزب دار حول عدة محاور، على رأسها أن أجواء المعركة الانتخابية ينقصها الكثير من الضمانات التي طالما طالب بها الحزب"، ووصف الخطوات التي تمت، سواء الإفراجات المحدودة أو التعهدات التي تم اقتراحها في جلسة الحوار الوطني تبدو لهم غير كافية لإجراء الانتخابات التي يصبون إليها.
وأعرب زهران عن أمله في أن يكون هو مرشح الحركة المدنية وكل القوى الديمقراطية والمدنية التي تسعى إلى تغيير آمن وسلمي وديمقراطي، لافتا إلى أن الحزب سيواصل الحوار والتشاور مع كل الأصدقاء والحلفاء لكي تكون هذه المعركة الانتخابية خطوة في سبيل التحول الديمقراطي.
وكان النائب البرلماني المعارض السابق أحمد طنطاوي، ورئيسة حزب الدستور المعارض جميلة إسماعيل، أعلنا في وقت سابق أيضا نيتهما الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المقرر أن تجرى في مطلع عام 2024.
ورغم إعلان ثلاثة معارضين عن ترشحهم لانتخابات الرئاسة فلا تزال القائمة مفتوحة لإعلان آخرين نيتهم الترشح مثل رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، وهشام قاسم (محبوس حاليا) الأمين العام للتيار الحر المعارض (يضم 3 أحزاب) ليرتفع العدد إلى 5 مرشحين محتملين.
من هم المرشحون الثلاثة
فريد زهران سياسي مصري (66 عاما) مواليد القاهرة عام 1957 وهو اشتراكي ديمقراطي، انخرط في النشاط السياسي في سبعينيات القرن الماضي ضمن الحركة الطلابية التي نشطت في تلك الفترة.
وتولى رئاسة الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي في عام 2016 والذي تأسس في 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير، وشارك في تأسيسه عدد من رموز المعارضة، ويملك 7 مقاعد فقط في البرلمان الحالي من بين 568 مقعدا.
أحمد الطنطاوي (44 عاما)، صحفي مصري وبرلماني سابق، مواليد كفر الشيخ 1979، كان عضوا في حزب الكرامة (ناصري) الذي تأسس أيضا في أعقاب ثورة 25 يناير.
وخسر الطنطاوي مقعده النيابي عن دائرة قلين بمحافظة كفر الشيخ عام 2020 بعد خوضه جولة الإعادة وذلك رغم حصوله على أعلى الأصوات في الجولة الأولى للانتخابات، وكان الطنطاوي فاز في أول ترشيح له في دورة 2015- 2020 وانضم إلى تكتل المعارضة 25-30.
جميلة إسماعيلإعلامية وسياسية مصرية (57 عاما) مواليد عام 1966 والزوجة السابقة للمرشح الرئاسي الأسبق الدكتور أيمن نور.
وتترأس حاليا حزب الدستور (ليبرالي ديمقراطي) الذي أسسه الدكتور محمد البرادعي مع عدد من السياسيين القدامى والشباب عام 2012، وتم انتخاب جميلة رئيسة للحزب عام 2022.
توحيد الأعداد والأصوات
إزاء هذا العدد من المرشحين أو الراغبين في الترشح لانتخابات الرئاسة، يعتقد رئيس حزب غد الثورة الدكتور أيمن نور، أن "من حق قيادات أعضاء وأحزاب الحركة المدنية الترشح لانتخابات الرئاسة لكن تبقى المشكلة في وجود ضمانات حقيقية لإجرائها بشكل شفاف ونزيه".
ورأى نور في حديثه لـ"عربي21"، وهو مرشح رئاسي سابق، أنه "في ظل المعطيات الحالية سياسيا، ليس باستطاعتهم على الحصول على تأييد 20 عضوا بالبرلمان لأنهم غير ممثلين أو مدعومين بمثل هذا العدد الذي يشترط توفره وتحقيقه أو جمع 25 ألف توكيل من 15 محافظة بسبب القمع الأمني".
واقترح "التوافق حول مرشح واحد في حال توافر ضمانات حقيقية، واختيار الباقين نوابا للرئيس، وتشكيل طاولة رئاسية سداسية واختيار هيئة استشارية من 20 من مرشحي الرئاسة السابقين والشخصيات السياسية العامة، والأكاديمية وآخرين من الشباب والمرأة والمصريين بالخارج".
ظاهرة غير صحية
اعتبر الأمين المساعد بحزب المحافظين، مجدي حمدان موسى، ترشح أكثر من شخص من صفوف المعارضة لانتخابات الرئاسة ظاهرة "غير صحية"، واستبعد أن "يؤدي إلى تفتيت أصوات المعارضة بقدر ما هي منافسة بين المعارضة، وعند تقييمنا للمرشحين الثلاثة، فأشهرهم وأوفرهم حظا أحمد الطنطاوي، أما باقي المرشحين فلا يسمع عنهم إلا عدد قليل من الشارع المصري باستثناء أحزابهم".
وأعرب عن اعتقاده في حديثه لـ"عربي21" أن "الأولى الالتفاف حول صوت واحد، وترشح هذا العدد لا يصب في صالح السيسي في حال قرر الترشح؛ لأن مجموعة داعميه معروفة وخاصة من أحزاب الموالاة ومؤسسات الدولة وغيرها، ولكن سوف يظهر قدر كبير من الناخبين غير الراغبين في انتخاب السيسي لدورة جديدة وأخيرة".
وتوقع حمدان أنه "في حال أجريت الانتخابات في أجواء من العدالة والنزاهة والتزام مؤسسات الدولة التنفيذية وغيرها من المؤسسات الإعلامية بالحياد فإن المرشح أحمد الطنطاوي سوف يحقق مفاجأة ربما تكون غير متوقعة لكثيرين".
مرشحو السراب
وقال السياسي المصري، محمد شريف كامل، إن "قراءة الواقع المعلوم للجميع يؤكد أن الأسس اللازمة لتحقيق عملية انتقال سلمي للسلطة غير متوفرة بل ومستحيل تواجدها في مصر اليوم؛ لذا فإن العملية الانتخابية غير مجدية من الناحية العملية".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف لـ"عربي21": "وفي ظل تلك الصورة القاتمة وغياب المناخ المناسب فلا يوجد فارق بين عدد المرشحين أو جديتهم أو حتى إمكانية أن يتقدموا رسميا للترشح فلا ضامن لأي من ذلك بأي صورة من الصور، وليس هناك أهمية لمن هو المرشح أو كم عددهم".
واختتم كامل حديثه بالقول: "يستحيل أن تكون هناك انتخابات ديمقراطية سليمة دون شفافية للعملية السياسية بالكامل من حرية الحوار وحرية الاختلاف دون عواقب ظالمة، ودون قضاء عادل وإعلام حر محايد، ودون حرية الترشح للجميع، وتكافؤ الفرص لجميع المرشحين لن تكون هناك انتخابات حرة".