تتصاعد النبرة
الإيرانية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
المستمر منذ تسعة أيام، ذلك بالتزامن مع جولات مكوكية لوزير خارجيتها في المنطقة.
وحذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأحد، من أن حرب قطاع غزة ستتوسع في حال لم توقف "إسرائيل" هجماتها.
تحذير إيراني
جاء ذلك في محادثة هاتفية بين رئيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون،
حيث ناقش الزعيمان الوضع والتصعيد في فلسطين.
وفي هذا الخصوص، كتب نائب رئيس مكتب رئيسي للشؤون السياسية محمد جمشيدي،
على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إن "الرئيس الإيراني تلقى المكالمة من
ماكرون".
وكتب جمشيدي أن "رئيسي جدد تأكيده أنه إذا لم تتوقف فظائع إسرائيل،
بما في ذلك الحصار والقتل الجماعي، فإن الوضع سيصبح أكثر تعقيدا، وسوف يتوسع مسرح المعركة".
في حين أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون "حذّر"
الأحد نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في اتصال هاتفي من "أي تصعيد أو توسيع للنزاع"
بين إسرائيل وحماس "خاصة في لبنان".
اظهار أخبار متعلقة
لكن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ألمح إلى إمكانية اتساع
جبهات الحرب الدائرة في قطاع غزة ومحيطه، وأشار إلى أن هذا الاحتمال يزداد كل ساعة،
مع تأكيده أن طهران لن تبقى متفرجة على الوضع الراهن.
وبيّن الوزير الإيراني في حديث لقناة "الجزيرة"، أن اتساع جبهات
الحرب وارد "إن لم تنجح مساعي وقف العدوان على غزة"، وشدد على أن إيران والمنطقة
والفاعلين فيها "لن يبقوا متفرجين" إزاء هذا الوضع.
ولم يكتفِ عبد اللهيان بذلك، وقال إنه "إذا لم تتوقف أميركا وإسرائيل عن
هذه السياسة فلا يمكن وقف نطاق الحرب"، مضيفا أنه "إذا اتسع نطاق الحرب فإن خسائر
فادحة ستلحق بأميركا أيضا".
ومع ذلك فقد أعرب الوزير الإيراني عن أمله في أن تحول الجهود السياسية دون اتساع
الحرب، ولكنه استدرك بالقول "وإلا فلا أحد يعلم ماذا سيحدث الساعة القادمة".
وتابع: "أبلغنا الكيان الصهيوني عبر داعميه أنه إذا لم تتوقف جرائمه في
غزة فإن غدا سيكون متأخرا".
وأشار إلى أن استمرار العدوان وغياب الحل السياسي "يصبان الزيت على النار
وقد تخرج الأمور عن السيطرة".
جهود غربية لمنع اتساع رقعة الحرب
منذ اندلاع الأزمة شددت الولايات المتحدة أن هدفها هو منع اتساع رقعة
الحرب، وعليه فقد أرسلت حاملة طائرات للمنطقة لتحذير إيران وحلفائها من الدخول في
الحرب.
والأحد، أكد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض أن الولايات المتحدة تخشى أن
يشهد النزاع بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية "تصعيدا" إضافيا،
مبديا أيضا خشية من "تدخل إيراني" محتمل.
وقال جايك ساليفان في مقابلة مع شبكة "سي بي اس": "لا يمكننا
أن نستبعد فرضية أن تتخذ إيران قرارا بالتدخل مباشرة في شكل أو في آخر، وعلينا أن نستعد
لأي احتمال".
وتابع "إنه خطر نحن مدركون له منذ البداية"، مضيفا "لذا تحرك
الرئيس سريعا وبشكل حازم بنشر حاملة طائرات في شرق المتوسط"، مؤكدا أن هذه الخطوة
تبعث رسالة ردع واضحة إلى أي طرف يحاول استغلال الموقف، حسب تعبيره.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمس السبت إرسال حاملة طائرات أخرى
إلى شرق المتوسط بغية "ردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهد يرمي إلى توسيع
نطاق هذه الحرب".
بدوره، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الأحد،
"قلق" الولايات المتحدة حيال هذا النزاع.
وقال كيربي في مقابلة أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز": "لا نريد
أن تعمد مجموعة إرهابية أخرى مثل
حزب الله إلى توسيع نطاقه (النزاع) وفتح جبهات"
جديدة.
وفي ذات السياق قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد، إن حلفاء
الولايات المتحدة العرب "متمسكون بألا يتسع نطاق النزاع مع اسرائيل" بعد
جولة قام بها في ست دول عربية.
اظهار أخبار متعلقة
جبهة الجنوب اللبناني
شهدت جبهة الجنوب اللبناني الحدودية مع فلسطين المحتلة عام 1948 تصعيدا
ملحوظا في عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
والأحد، أعلن حزب الله أنه إنه استهدف مركزاً عسكرياً في منطقة شتولا الحدودية،
وذكر الحزب الله أن الهجوم جاء "في سياق الرد على الاعتداءات الإسرائيلية التي
استهدفت الصحفيين، وأدت إلى مقتل مواطنين اثنين في جنوب لبنان".
وبدت ساحة جنوب لبنان مفتوحة للمقاومة الفلسطينية التي شنت العديد من
الهجمات على المستوطنات الإسرائيلية الشمالية، كما استهدفت مواقع عسكرية.
وتنوعت الهجمات عبر إطلاق صواريخ وتسلل واشتباكات.
إلى أين ستذهب الأمور؟
ولكن هل ستفلح الجهود الغربية في منع اتساع رقعة الحرب في غزة؟
في الموقف الإيراني فإن ذلك يعتمد على عدم تدهور الأمور في غزة وتوقف
الجرائم الإسرائيلية ضد السكان في القطاع.
ولكن ماذا لو لم يتوقف الأمر وذهبت "إسرائيل" إلى اجتياح قطاع
غزة بريا؟
تمتلك إيران أذرعا في المنطقة على رأسها حزب الله، وقد صرح الناطق باسم
جيش الاحتلال، الأحد، أن تصعيد حزب الله في الجنوب يهدف لعرقلة الهجوم البري على
غزة وتخفيف الضغط على حماس، لكنه أكد جاهزية جيشه على خوض حرب في أكثر من جبهة في
نفس الوقت.
ذخر استراتيجي
يرى مراقبون أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس وذراعها
العسكري كتائب عز الدين القسام هي ذخر استراتيجي لإيران وطرف هام في معادلة محور
المقاومة، وهي لن تسمح بحال من الأحوال أن تخسر هذا الذخر الاستراتيجي الذي أنفقت
عليه الكثير.
إن خسارة هذا الذخر يعني أن إيران ستخسر واجهتها الفلسطينية، وهي الخاصرة
التي من خلالها تواجه الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتقد هؤلاء أن إيران تراقب الوضع عن كثب، وهي ستعمل بكل جهدها على أن
لا تسقط المقاومة، وهي على استعداد للذهاب بعيدا في خياراتها.
حزب الله
يمثل موقف الحزب اللبناني من الانخراط في المواجهة من عدمه عاملا حاسما في
مسار المعركة، وفق تحليل للباحث الدكتور عبد الله عقرباوي على موقع "الجزيرة
نت".
وكان رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين، أعلن منذ الساعات الأولى
أن "حزب الله لا يقف على الحياد في هذه المواجهة".
وتشكل معركة "طوفان الأقصى" هذه الأيام، بحسب عقرباوي" اختبارا
عمليا لإستراتيجية "تعدد الجبهات"، رغم أن هذه الإستراتيجية لم يعبر عنها
بشكل رسمي من أي من المكونات المعنية كونها إستراتيجية متبعة وذات سياق ميداني.
ومع ذلك فإن موقف حزب الله من الدخول في المواجهة الحالية يرتبط بعدة محددات
أبرزها؛ الموقف الأمريكي الأكثر تأثيرا على حسابات حزب الله.
كما تشكل وضعية المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقدرتها على الحفاظ على الإنجاز
الإستراتيجي الذي تم تحقيقه منذ بداية "طوفان الأقصى"، وقدرتها على التعامل
مع ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية، عوامل مهمة جدا.
اظهار أخبار متعلقة
ويقاس هذا الموقف بالقدرة على مواصلة القتال وإدارة العمليات والمحافظة على
القيادة والسيطرة.
كما أن الموقف الإيراني من المواجهة، وزاوية النظر وتقدير الموقف الإيراني
لردة الفعل الأمريكية والدولية تؤثر بشكل حاسم على موقف حزب الله.
فإيران ستكون أقرب للانخراط في المواجهة في حال تعرض كل من حزب الله وحماس
لحرب قاسية بغطاء أمريكي وغربي.
كما يضع حزب الله في حساباته مواقف الأطراف اللبنانية المختلفة، فالانقسام
السياسي والطائفي في لبنان معقد مع حسابات حزب الله، خاصة في حال أدت المواجهة لحالة
تدمير واسعة ونزوح للسكان، ومما يعقد الموقف أكثر الحالة الاقتصادية المتردية التي
يعيشها لبنان منذ سنوات.