يتصاعد الغضب الشعبي
في الضفة الغربية ضد
السلطة الفلسطينية على وقع الأحداث في قطاع غزة، مع خروج تظاهرات
تضامنية خلال الأيام الماضية مطالبة برحيل رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس، وقمع
قوات الأمن الفلسطينية لها.
وتراجعت مكانة
السلطة الفلسطينية التي انبثقت عن اتفاقات أوسلو في العام 1993، والتي كان من المفترض
أن تعمل على قيام دولة فلسطينية، الأمر الذي وصل إلى طريق مسدود منذ أكثر من عشر سنوات.
بعد مرور ثلاثين
عاما على اتفاقات أوسلو، توسّع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، حيث ينفّذ الجيش
الإسرائيلي بانتظام مداهمات دامية، وتتكرّر المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين،
فيما تتمسك السلطة الفلسطينية بحل تفاوضي. مع اندلاع الحرب بين "إسرائيل"
وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، إثر هجوم مباغت وغير مسبوق في تاريخ
الدولة العبرية نفذته حماس، لم تتخذ السلطة الفلسطينية وعباس موقفا حازما وواضحا، على
عكس الكثير من الفلسطينيين من المؤيدين وغير المؤيدين لحماس، ما اعتبروه "هزيمة
مذلة" ألحقت بـ"إسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
ونشرت وكالة أنباء
"وفا" الرسمية الفلسطينية الأسبوع الماضي تصريحا لعباس أثار انتقادات، قال
فيه إن سياسات وأفعال حماس "لا تمثل الشعب الفلسطيني"، قبل أن يتمّ حذف هذه
التصريحات.
وكان عباس أدان
قتل المدنيين من الطرفين قبل لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في عمان الأسبوع
الماضي.
وبعد قصف المستشفى
الأهلي العربي في غزة، الذي قالت حماس إنه إسرائيلي، ألغيت قمة رباعية كانت مقرّرة في
عمّان بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني
محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وأدان عباس القصف، وأعلن الحداد لثلاثة أيام، وعاد إلى رام الله من الأردن، إلا أن المئات خرجوا مرددين
شعارات تطالب برحيل عباس، ووقف "التنسيق الأمني" مع "إسرائيل".
وقمعت قوات الأمن
الفلسطينية التظاهرات.
ويرى المدير التنفيذي
لمركز "بيسان للبحوث والإنماء" أبيّ العابودي أن الرئيس الفلسطيني
"راهن على المجتمع الدولي والشرعية الدولية، بأنها ستلزم إسرائيل بالانسحاب إلى
حدود 1967، وتعطي الفلسطينيين دولة".
وقال لوكالة فرانس
برس: "أثبت المجتمع الدولي أنه لا يكترث لدماء الفلسطينيين ومعاناتهم، وهذا طبعا
سبب الغضب الشعبي".
قبل اندلاع الحرب،
ذكر استطلاع رأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في أيلول/ سبتمبر
الماضي، أن 58% من الفلسطينيين عبروا عن تأييدهم "العودة إلى المواجهات والانتفاضة
المسلحة"، مقابل 20% يؤيدون المفاوضات، و24% يؤيدون المقاومة الشعبية السلمية.
وبحسب الاستطلاع،
يطالب 78% من الفلسطينيين باستقالة عباس (88 عاما) الذي يترأس السلطة الفلسطينية منذ
أكثر من 18 عاما، وانتهت ولايته في العام 2009، لكنه بقي في منصبه من دون إجراء انتخابات
تطالب بها حركة حماس وشريحة واسعة من الفلسطينيين.
"خسارة على
كل الجبهات"
ويرى الباحث المتخصص
في الأراضي الفلسطينية كزافييه غينيار أن المواجهات بين القوات الفلسطينية والمتظاهرين، الذين رفع بعضهم أعلام حماس، تؤشر إلى أن "السلطة الفلسطينية بنظر (المتظاهرين)
باتت متماهية بصورة متزايدة، سواء من حيث عدم تحركها أو من حيث تنسيقها الأمني، مع
سياسة إسرائيل، بما في ذلك في أسوأ الأوقات كالوقت الراهن".
وبحسب الباحث في
معهد نوريا، "ثمة حقا تنديد بأن عباس كان عاجزا على الردّ بمستوى ما يجري في غزة،
وهذه حقيقة جلية".
بالنسبة لهيو لوفات
من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن السلطة "عالقة بين الرأي العام الفلسطيني
وانتظارات الولايات المتحدة"، ما أدى إلى "تجنبها اتخاذ موقف واضح"،
مشيرا إلى أنها في وضع "تخسر فيه على جميع الجهات".
وتشهد الضفة الغربية، التي تحتلّها "إسرائيل" منذ العام 1967، منذ فترة تصاعداً في وتيرة أعمال
العنف شمل عمليات عسكرية إسرائيلية متكرّرة ضدّ أهداف فلسطينية، وتنفيذ فلسطينيين هجمات
ضدّ إسرائيليين.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب لوفات، فإنه "مع اتساع المزاج العام الفلسطيني الداعم للمقاومة المسلحة، تخاطر السلطة
الفلسطينية بالانهيار إذا ظلت بعيدة عن الشارع الفلسطيني".
وقال الشاب عمر
الخطيب، الذي شارك في تظاهرة دعما لغزة، الجمعة، لوكالة فرانس برس: "كما يواجه
الناس الاستعمار في الداخل (فلسطين الـ48)، وكما المقاومة تواجه في غزة، لدينا نحن
هذه السلطة نواجهها، لأنها ببساطة أداة الاستعمار التي تقمع الناس في الضفة".
أما ثائر الشايب، فيرى أن المطلوب من السلطة الفلسطينية أن "تدع الناس يقولون ما يرغبون بقوله على
الأقل. نعلم قدرات السلطة الفلسطينية’ ولا نطلب منها الكثير. دعوا الناس يمثلون أنفسهم
كما يريدون".