قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن "إسرائيل" ارتكبت أكبر مجزرة
منذ تأسيسها عام 1948 خلال ساعات من الهجمات الجوية العنيفة والمكثفة على قطاع
غزة
الليلة الماضية تحت جنح الظلام وفي ظل قطع خدمات الاتصالات والإنترنت.
وقدر الأورومتوسطي، في
تقرير له اليوم الاثنين أرسل نسخة منه إلى "عربي21"، أن هجمات "إسرائيل" الليلة الماضية والتي تعد غير مسبوقة منذ
بدء حربها على قطاع غزة في السابع من تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، خلفت أكثر
من 1500 قتيل وجريح وتدمير مئات الوحدات
السكنية فوق رؤوس قاطنيها.
وذكر التقرير أن فريق المرصد تلقى شهادات صادمة من سكان مدينة غزة
بشأن الهجمات الدموية لاسيما في منطقة (الفوايدة حارة الريس) في غزة والتي تم
الإبلاغ عن قتل العشرات من سكانها جراء القصف المكثف لعدة ساعات متواصلة.
وتلقى المرصد شهادات مماثلة من سكان مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة
بتعرضهم لسلسلة من عشرات الغارات الإسرائيلية، أدت إلى تدمير مربعات سكنية بكاملها
ودفن العشرات من المدنيين تحت الأنقاض بعد قصف منازلهم.
وقالت الشهادات، إن هناك تقديرات بوجود المئات من الضحايا لا يزالون تحت
أنقاض ركام المنازل المدمرة، فيما شوهدت جثث وأشلاء متقطعة في الشوارع مع حلول
ساعات صباح اليوم.
وتزامن ذلك مع شلل كامل أصاب عمل فرق طواقم الإنقاذ من سيارات
الإسعاف والدفاع المدني الليلة الماضية، بفعل انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت
لأكثر من 15 ساعة متواصلة.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف أكثر من 450 هدفا خلال ساعات
الليلة الماضية، مواصلا التحريض على المستشفيات بزعم أنها تستخدم لأغراض عسكرية
دون أن يقدم دليلا واحدا على ذلك.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن غارات "إسرائيل" الليلة الماضية استهدفت
بشكل عنيف وغير مسبوق محيط عدد كبير من المستشفيات في مدينة غزة وشمالها بما في
ذلك مجمع الشفاء الطبي، والمستشفى الإندونيسي، ومستشفى العيون، ومستشفى القدس،
ومستشفى الطب النفسي الوحيد في القطاع.
ومنذ بدء حرب "إسرائيل"، توقف 16 مستشفى من أصل 35 مستشفى مزودة بقدرات
استيعابية للمرضى الداخليين عن العمل، وأغلق 51 (أكثر من 75%) من جميع مرافق
الرعاية الأولية في جميع أنحاء غزة أبوابها بسبب الأضرار الناجمة عن الغارات
الإسرائيلية أو نقص الوقود.
ومنذ ثلاثة أيام تم الإعلان أن مولدات الكهرباء الرئيسية في مجمع
الشفاء في مدينة غزة والمستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، توقفت عن العمل بسبب
نقص الوقود. ويقوم كلا المستشفيين بتشغيل مولدات ثانوية أصغر حجمًا، والتي توفر
فقط بضع ساعات من الكهرباء يوميًا للخدمات الأكثر أهمية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه بالتزامن مع تكثيف "إسرائيل" هجماتها
الجوية والبرية على قطاع غزة، ينعدم وجود أي ممرات آمنة سواء للنازحين ممن دمرت
مناطق سكنهم أو لإيصال الإمدادات الإنسانية لاسيما إلى مدينة غزة وشمالها.
وذكر المرصد الحقوقي أنه وثق عمليات تنكيل يتعرض لها نازحون
فلسطينيون لدى محاولتهم التوجه نحو جنوب منطقة وادي غزة من قوات الجيش الإسرائيلي
التي تطوق مدينة غزة بالكامل وتقسم القطاع.
وأفادت شهادات لنازحين لفريق الأورمتوسطي، بتجريدهم بأوامر من القوات
الإسرائيلية من ملابسهم بالكامل واحتجاز بعضهم كدروع بشرية فضلا عن إجبارهم على
عبور منطقة جنوب وادي غزة مشيا على الأقدام تحت دوي الانفجارات والغارات وإطلاق
القذائف.
ويتم ذلك في ظل تقديرات بوجود أكثر من 1.5 مليون نازح في قطاع غزة
نحو نصفهم يقيمون في 149 منشأة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (أونروا) وسط اكتظاظ شديد وظروف غير إنسانية وانعدام للاحتياجات
المعيشية.
ويبحث الآلاف من النازحين داخليا عن الأمان من خلال النوم في الشوارع
بالقرب من مباني الأمم المتحدة وفي ساحات المستشفيات في وقت ينعدم فيه وجود أي
ملجأ آمن وتستمر الغارات على كافة أنحاء قطاع غزة بلا هوادة.
وختم المرصد الأورومتوسطي بأن "إسرائيل" لا تدخر شيئا في هجماتها
الوحشية على قطاع غزة باستهداف شامل للبنية التحتية المدنية والمباني السكنية
والمساجد والمدارس والمستشفيات في إطار حرب إبادة جماعية في وقت تتجاهل فيه أي
دعوات دولية لوقف إطلاق النار وتحمل التزاماتها القانونية بشأن حماية المدنيين
وتأمين احتياجاتهم الإنسانية.
ويعاني سكان غزة من وضع إنساني وصحي كارثي، إذ نزح نحو 1.5 مليون
نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم، ومنعت "إسرائيل" عنهم إمدادات الغذاء والماء
والأدوية والكهرباء، في ظل قصف مكثف.
ومنذ شهر، يشن الجيش الإسرائيلي "حربا مدمرة" على غزة، قتل
فيها 9770 فلسطينيا، منهم 4800 طفل و2550 سيدة، وأصاب أكثر من 24 ألفا آخرين، كما أنه قتل 153 فلسطينيا واعتقل 2080 في الضفة الغربية، بحسب مصادر فلسطينية رسمية.