منذ اليوم الأول لعدوان جيش
الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة الذي يسكن فيه أكثر من 2.3 مليون
فلسطيني محاصرين منذ 17 عاما داخل قطاع غزة، عمل على تدمير
المنظومة الصحية بكاملها.
وبعد حصار عسكري واستهداف مباشر، اقتحم الاحتلال فجر الأربعاء مجمع الشفاء الطبي الذي تأسس عام 1937 وسط مدينة غزة، وبدخله الآلاف من النازحين والجرحى والمرضى والأطقم الطبية، في انتهاك لكل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وأبسط الحقوق الإنسانية
ولليوم الـ40 على التوالي، يتواصل
العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة، حيث واصل استهداف وقتل المدنيين والأطفال داخل بيوتهم، ومنع سيارات الإسعاف من نقل الجرحى ودفن الشهداء الذي قضوا إما بالقصف بالصواريخ أو برصاص القناص الإسرائيلي.
كما عملت آلة الحرب الإسرائيلية منذ بداية العدوان الحالي ومن قبله عبر حصار قطاع غزة، على تدمير المنظومة الصحيفة بشكل مباشر، حيث استهدفت واستولت على العديد من المستشفيات والمراكز والمرافق الصحية التي تقدم خدماتها الطبية للمواطنين.
اظهار أخبار متعلقة
خطر تدمير المنظومة الصحية
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي، أن جيش الاحتلال "ارتكب عدة مجازر بحق المستشفيات والطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، وأوقع ما يزيد على 700 شهيد وجريح نتيجة الاستهداف للمستشفيات (بشكل مباشر)، وكان أفظعها مجزرة مستشفى المعمداني".
وذكر في بيانه الذي وصل "عربي21" نسخة عنه، أن "المستشفيات والطواقم الطبية هي في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي منذ بداية الحرب، حيث قتل جيش الاحتلال 198 طبيبا وممرضا ومسعفا، واستهدف 55 سيارة إسعاف، وأخرج 25 مستشفى عن الخدمة من خلال حربه الوحشية".
وخلال الأيام الماضية لحصار مجمع الشفاء الطبي، استهدفت طائرات الاحتلال وقناصته كل من يتحرك داخل مجمع الشفاء، ومنعت سيارات الإسعاف من التحرك لنقلل وإنقاذ جرحى العدوان، والآن حياة آلاف المرضى والجرحى والنازحين ومعهم الأطقم الطبية في خطر الموت، علما أن المجمع فقد الماء والغذاء والكهرباء التي يعتمد عليها في عمله الطبي.
وعن الأخطار والكوارث المترتبة على تدمير الاحتلال للمنظومة الطبية في قطاع غزة المحاصر، أوضح الخبير الفلسطيني البارز في وضع الاستراتيجيات والأنظمة الصحية، الدكتور يحيى عابد، أن "أقل كلمة يمكن أن تعبر عن ذلك، هي الموت، وهل هناك خطر أقل من موت المواطنين؟".
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "هدم المنظومة الصحية يعني تضييع فرص النجاة للناس الناجين (من القصف)، فالموت المحقق هو ما يتم بالفعل، فعندما تقطع الأوكسجين عن مريض هو بحاجة له، فمصيره الموت".
وذكر عابد أن تدمير الاحتلال للمنظومة الصحية في قطاع غزة "يساهم أيضا في انتشار الأمراض والأوبئة، اليوم هناك عدد كبير من الأطفال فاتت مواعيد الجرعة الطبية المستحقة من التطعيمات لكافة الأمراض المعدية، وهذا قد يتسبب بانتشار الأمراض في المجتمع، ويسبب الكثير من الأخطار".
وحذر بشده من "انتشار بعض الأمراض والأوبئة بين المواطنين، خاصة النازحين في المدارس وبيوت الإيواء، لأنه لا يوجد بها نظام صحي"، مؤكدا أن "الأمر والواقع معقد بشكل كبير، فمعدلات الوفاة ترتفع، خاصة بين الأطفال والشباب، فمثل هذا الأمر خطير جدا في أي مجتمع من المجتمعات"، منوها بأن الأمر الثالث والأخطر هو "الأذى النفسي الذي يفرض على الصغير والكبير".
اظهار أخبار متعلقة
وردا على سؤال: "هل ما يقوم به الاحتلال هو حكم بإعدام المواطنين في قطاع غزة سواء خلال الحرب وبعدها؟"، قال: "كل منا يختار التعبير الذي يناسبه، لكن حكم الإعدام وارد، ونحن لا نتمنى ذلك".
تهجير الناس هدف إسرائيلي
من جانبه، ذكر السياسي الفلسطيني والنائب العربي السابق في "الكنيست" الإسرائيلي، جمال زحالقة، أن "إسرائيل أطلقت كذبة، ومن فرط ما كررتها بدأت تصدقها؛ وهي أن عناصر المقاومة الفلسطينية متواجدة في أنفاق تحت المستشفيات في القطاع، ولكن في الحقيقة ليس هذا هو سبب هذا الاستهداف، وإنما هو التبرير لاستهداف إسرائيل المنظومة الصحية بغزة".
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "السبب الحقيقي أن استهداف المستشفيات هو جزء من طرد الناس وتهجيرهم من بيوتهم، لأن الناس لن يبقوا في منازلهم إذا لم تتوفر لهم الخدمات الصحية، خاصة في ظل القصف، وأن هناك جرحى كل يوم، ولنا أن نتخيل منطقة كاملة لا يوجد بها مستشفى يعالج الجرحى أو المرضى، وهذا قد يدفع الناس إلى الرحيل كما تريد إسرائيل".
ونبه زحالقة بأن "الكثير من الناس لجأوا إلى المستشفيات (هربا من القصف)، ظنا منهم أنها مأوى آمن، وأن إسرائيل لن تقوم بقصف المستشفيات، لكن هذا تبين أنه غير صحيح، وأن إسرائيل تقصف المستشفيات حتى يهجر الناس منطقة شمال القطاع ويتجهوا جنوبا، ريثما تقرر إسرائيل ماذا تفعل بهم".
ولفت إلى أنه "لا يوجد أي موقف رسمي إسرائيلي حول ماذا تريد إسرائيل أن تفعل بالمواطنين في غزة"، معتبرا أن "السبب المركزي والدافع الأساس لاستهداف المستشفيات هو تهجير الناس، وهم بعثوا برسائل للمستشفيات، طلبوا منهم (الطواقم الطبية والجرحى والمرض والنازحين) ترك هذه المؤسسات الصحية التي تتواجد في غزة وشمال القطاع".
وارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 11240 شهيدا، والجرحى لأكثر من 29 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة وصلت "عربي21"، حيث أكد أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها، وبلغ عدد المجازر 1153 مجزرة، إضافة إلى وجود أكثر من 3500 بلاغ عن مفقودين في مختلف مناطق القطاع، معظمهم من الأطفال.
ويشهد القطاع الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربع، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12 كلم، ترديا صعبا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ وخلال الأيام الماضية من العدوان، واصلت طائرات الاحتلال استهداف مختلف مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين بشكل متزامن، كما تواصلت الاشتباكات على بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال التي تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والآليات العسكرية المقتحمة لعدد من المناطق في القطاع.
واستهدفت صواريخ الاحتلال شديدة التدمير الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف، وأطقم ومقرات الدفاع المدني، والمساجد والصحفيين والمخابر والأسواق، ومخازن المياه، ومولدات الكهرباء واللوحات الشمسية الخاصة بتوليد الكهرباء، وتدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات، وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع، بالتزامن مع غياب شبه تام للكهرباء.
وفجر السبت 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى" بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لاسيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".