سارعت أمريكا وبريطانيا منذ الأيام الأولى من عملية طوفان الأقصى إلى تقديم دعم عسكري لامحدود، شمل إرسالة حاملات طائرات هي الأكبر في العالم، وسفن حربية في وقت لاحق، إلى جانب دعم دبلوماسي مطلق، حال دون وقف إطلاق النار أو حتى هدنة إنسانية أو إدانة المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في
غزة.
هذا الدعم اللامتناهي والمساهمة في التخطيط للحرب على قطاع غزة، فسره البعض بأنه ليس بسبب انهزام جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية فحسب، بل لأنه شكل هزيمة مباشرة لأمريكا وبريطانيا اللتين أوجدتا هذا الكيان في قلب العالم العربي.
واعتبر محللون في تصريحات لـ"عربي21" أن الاحتلال الإسرائيلي هو جزء مصغر أو قاعدة عسكرية أمريكية أوروبية قبل أن تكون دولة عبرية، والهدف من وجودها هو حماية المصالح الأمريكية
الغربية؛ وبالتالي فإن ما حدث كان بمثابة هزيمة ساحقة لدولتهم المصغرة التي حرصوا على تحويلها إلى قلعة حصينة لا يمكن اختراقها أو هزيمتها.
اظهار أخبار متعلقة
أساطيل الغرب حتى انتهاء المقتلة
أرسلت واشنطن حاملة الطائرات فورد العملاقة مع سفن داعمة لها إلى شرق البحر المتوسط، وهي أحدث حاملة طائرات في الولايات المتحدة والأكبر في العالم، ويوجد على متنها ما يزيد على الـ5000 بحار، وتم تشغيلها في عام 2017.
أما حاملة الطائرات "آيزنهاور" التي رافقت "فورد" في شرق البحر المتوسط، فتعمل بالطاقة النووية وعلى متنها 5 آلاف بحار، ويمكنها حمل ما يصل إلى تسعة من أسراب الطائرات وتم تشغيلها عام 1977، وكانت أولى عملياتها الحربية ضد دولة عربية، هي العراق، في أعقاب غزو العراق للكويت عام 1990.
أما بريطانيا فقررت إرسال سفينتين حربيتين وطائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لتقديم دعم عملي لجيش الاحتلال وتعزيز الأمن الإقليمي وضمان الردع.
أما الولايات المتحدة التي تخوض الحرب جنبا إلى جنب مع دولة الاحتلال تخطيطا ودعما لوجستيا وعسكريا وبشريا، فتعمل على إعداد خطط لعمليات تحرير الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، بحسب ما كشفت قناة abc الأمريكية نقلا عن مصادر مطلعة في إدارة جو بايدن.
وقالت القناة نقلا عن مصادرها إن إدارة الرئيس الأمريكي تعمل على تطوير خطط تكتيكية للعملية في حال تغير الظروف، على الرغم من أن مهمة إنقاذ الأسرى دائما ما تكون محفوفة بالمخاطر، وتؤمن الولايات المتحدة بأن الصفقة هي الخيار الأفضل للإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى.
اظهار أخبار متعلقة
الغرب يدافع عن نفسه عبر "إسرائيل"
الباحث في الشؤون الإسرائيلية في مركز رؤية للتنمية السياسية في إسطنبول، صلاح الدين العواودة، يرى أن "ما حدث في 7 أكتوبر ليس هزيمة لأمريكا وبريطانيا فحسب، بل لكل الغرب الذين تقاطروا لدعم الاحتلال سياسيا وماديا وعسكريا وتعهدوا له بالحماية، ومن المعروف تاريخيا أن الكيان الصهيوني هو مشروع استعماري في المنطقة، وبالتالي فإن هزيمته هي هزيمة للغرب".
ويضيف العواودة لـ"عربي21": "هذه المرة الأولى التي يتم فيها احتلال (استرداد) 20 مستوطنة وأكثر من 10 قواعد عسكرية واستخباراتية داخل الكيان المحتل، ولذلك فإنهم استنفروا جميعا لدعم الاحتلال رغم كل المجازر كما حدث في 1948".
ولفت إلى أن أبعاد ما حدث في 7 اكتوبر "أبعد بكثير مما يعتقد البعض على الصعيد الفلسطيني والعربي والدولي، فدولة الاحتلال هي رأس حربة الاستعمار في المنطقة، وإن تهديده من قبل المقاومة يماثل تهديد الربيع العربي للأنظمة العربية المؤيدة للغرب، لذلك فإن الغرب دعم الانقلابات في المنطقة".
أمريكا تدير المعركة بعد فشل "إسرائيل"
بدوره، اعتبر الباحث المتخصص في العلاقات المدنية العسكرية والدراسات الأمنية، ومدير وحدة الرصد والتوثيق في المعهد المصري للدراسات، محمود جمال، أن "انهيار المنظومة الأمنية الإسرائيلية كان بمثابة انهيار لأمريكا الصغرى في المنطقة، وهذا قد يشجع البعض أو يُجرئهم على ’إسرائيل’ أو حتى فتح قنوات لدعم المقاومة ما دامت قد انهارت الأسطورة العسكرية في سويعات قليلة".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف لـ"عربي21": "لذلك جاء الرد سريعا وكبيرا من واشنطن والعواصم الغربية وعلى رأسها بريطانيا للرد بالقوة الغاشمة مهما كانت التكلفة ماديا وبشريا لرد الاعتبار إلى دولتهم وكيانهم المصغر في المنطقة في رسالة للمحيطين بأنهم لن يرحموا من يتجرأ على الإضرار أو محاولة النيل من دولتهم الصغرى ’إسرائيل’، وهذا نابع عن التهديد الوجودي الذي شعرت به أمريكا وداعمو الكيان الذي صنعه الغرب وزرعه في القلب من المنطقة العربية".
وأكد الباحث في الشأن العسكري أن "ما حدث في 7 أكتوبر يختلف تماما عن ما حدث في عام 1973 وهذه آخر حرب نظاميه خاضتها ’إسرائيل’ بدعم من أمريكا ومساعدة منقطعة النظير، ولكنها كانت حرب تحرير الأراضي المصرية وليست حربا هجومية في عمق الأراضي المحتلة، حتى إن العسكريين يقيمون المعركة التي تدار منذ ذلك الوقت بأنها معركة هجومية".
وأوضح جمال أن "دولة الاحتلال لم تشعر ومن خلفها الولايات المتحدة والغرب بأن هناك تهديدا وجوديا على دولتهم في أي معركة سابقة منذ عام 1948 بما فيها حرب 1973 وحرب 1982 ولا في عام 2006 مع حزب الله، إلا بعدما نجحت المقاومة في احتلال مساحات واسعة دون أي معدات وتركت ’إسرائيل’ في تخبط واضطراب لساعات".
وأضاف: "المقاومة بدأت استراتيجيتها تختلف من الدفاع إلى الهجوم، وبالتالي فإن أمريكا مع ’إسرائيل’ تسعيان إلى القضاء على ’حماس’، لذلك فإن واشنطن قررت إدارة المعركة بعد فشل الموساد وجهاز أمان والجيش في توقع الهجوم أو حتى التعامل معه وإفشاله".