قال المتحدث الرسمي
باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في
غزة، هشام مهنا، إن "الوضع في شمال
قطاع غزة أصبح كارثيا ولا يُطاق بأي صورة من الصور؛ إذ يصعب تحمله من قِبل الأهالي
في ظل محدودية الدعم الإنساني الذي يصل إلى شمال القطاع".
وأضاف، في مقابلة خاصة مع "عربي21":
"مع ارتفاع حدة الأعمال القتالية على مدار الأيام الماضية بات خطر
المجاعة يلوح في الأفق بشكل خطير، خاصة مع انعدام
نظام الرعاية الصحية، فضلا عن انتشار وتفشي الأمراض المعدية والفتاكة في أوساط
المواطنين هناك".
واستطرد المتحدث
باسم
الصليب الأحمر، قائلا: "بعد أكثر من أربعة أشهر من استمرار الأعمال
القتالية واتساع رقعة العمليات العسكرية في مختلف أنحاء قطاع غزة، نشهد تدهورا مرعبا ومتزايدا في الأوضاع الإنسانية".
مستشفيات
تصارع من أجل البقاء
وتابع: "الوضع
في الجنوب لا يقل خطورة أو مأساوية عن الوضع في شمال قطاع غزة، وتحديدا في محافظة
خان يونس، حيث يتواجد فيها ثلاثة مستشفيات تصارع من أجل البقاء، وهي: مستشفى غزة
الأوروبي، ومستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومجمع ناصر
الطبي، وإذا ما خرجت هذه المستشفيات عن الخدمة فسوف نشهد انهيارا تاما في نظم الرعاية
الصحية في قطاع غزة بأكمله، نظرا لتوقف منظومة عمل المستشفيات بشمال غزة".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح المتحدث باسم
الصليب الأحمر، أن "مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل يقعان في قلب العمليات
العدائية الحالية المنخرط فيها أطراف النزاع في جنوب قطاع غزة".
ولفت مهنا إلى
"استمرار وتيرة النزوح إلى محافظة رفح التي تُشكّل 20% فقط من المساحة الكلية
لقطاع غزة، حيث يتكدس فيها الآن أكثر من مليون ونصف المليون نازح ونازحة في ظروف
إنسانية بائسة جدا، حيث بات الأهالي عاجزين تماما عن الوصول لخدمات الصرف الصحي،
والمياه، والكهرباء".
وأكد أن "عملية إيجاد المياه والغذاء بشكل يومي هي أزمة حقيقية، وهناك ارتفاع حاد في أسعار مختلف
المواد الغذائية، أضف إلى ذلك أن الأهالي هناك يعيشون في خيام أو أشباه خيام بشكل
عشوائي، وتنتشر في أوساطهم العديد من الأمراض؛ فلا توجد أي مقومات للنظافة
الشخصية، ولا مراعاة للخصوصية".
وشدّد المتحدث
باسم الصليب الأحمر، على أن "هناك مئات الآلاف من المرضى
الفلسطينيين بحاجة ماسة للعلاج الفوري، في ظل إصابة الكثيرين منهم بأمراض فتاكة
وإصابات خطرة جراء القتال"، منوها إلى أنه "لا توجد بقعة واحدة آمنة في قطاع
غزة".
اظهار أخبار متعلقة
ونوه إلى أن "بعض الطواقم الإنسانية -بما فيها طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر-
تعرّضت لإطلاق نار في غزة، وبعض أفراد هذه الطواقم فقدوا أرواحهم أو أصيبوا أو تعرّضوا
لاعتقالات، وهذه ليست بيئة عمل مناسبة للفاعلين الإنسانيين والفرق الطبية على
الأرض، وأصبحت هناك حاجة ماسة لها كما لم يكن من قبل لتطبيق مبادئ القانون الدولي
الإنساني وبشكل فوريّ".
وحذّر مهنا من
خطورة استمرار محدودية الدعم الإنساني الذي يدخل إلى قطاع غزة، واستمرار الأعمال
القتالية، فضلا عن غياب التدابير الأمنية اللازمة من أجل ممارسة العمل الإنساني،
مشدّدا على أن تلك الأوضاع تنذر بتفاقم وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل مخيف، وإذا
ما انهار القطاع الصحي فسنفقد حتما آلاف الأرواح الجديدة".
وزاد: "الظروف
الإنسانية والعوامل التي ذكرتها تجعل من العمل الإنساني أشبه بالمستحيل، وتعجز
الفرق الإنسانية عن تحقيق أي استجابة إنسانية ذات قيمة فعلية على أرض الواقع في ظل
انعدام الأمن، وفي ظل عدم حماية الدعم الإنساني الذي يدخل، وفي ظل ارتفاع وتيرة
الأعمال العدائية، وبالتالي يترجم ذلك إلى احتياجات إنسانية أكبر وأكبر مع مرور
الساعة".
وواصل مهنا حديثه
بالقول: "بالرغم من الجهود التي تقوم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في
مختلف المجالات، لا تزال هناك حاجات إنسانية غير ملباة؛ لأن ما يدخل قطاع غزة من
دعم إنساني لا يتناسب بتاتا مع مقدار هذه الاحتياجات إذا ما استمرت الظروف بهذا
الشكل".
الحل السياسي هو الحل
ورأى مهنا أن "الحل العسكري لم ولن يجدي نفعا في إنهاء الأزمة
الحالية، وهذا بطبيعة الحال في مختلف النزاعات حول العالم، والحل الإنساني في
سياق هذه الحرب لم يجد نفعا ولم يضع حدا لتلك المعاناة الإنسانية المتفاقمة،
وبالتالي فالجهود السياسية وحدها هي الحل الآن، لأنها الكفيلة بإنهاء تلك الأزمة،
وهو ما نتطلع له اليوم قبل الغد".
اظهار أخبار متعلقة
وأردف: "اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تنخرط في المفاوضات
التي أدت لوقف إطلاق النار بشكل مؤقت سابقا، كما لا ننخرط في المفاوضات الجارية
حاليا؛ فهذا ليس دورنا لأننا نشدّد على أننا وسيط إنساني محايد بين كل أطراف
النزاعات المختلفة، وإذا ما تم التوصل لاتفاق بين طرفي الصراع وطُلب منا التدخل
بشكل أو بآخر فلن نتأخر بعد توفر شروط بعينها أهمها توفر البيئة الآمنة لأداء
مهمتنا الإنسانية".
ورفض التعليق
على قرارات محكمة العدل الدولية وتداعياتها، قائلا إن "اللجنة الدولية للصليب
الأحمر منظمة إنسانية مستقلة ومحايدة، ولسنا معنيين بالتعليق على قرارات العدل
الدولية، ولكن ما نؤكد عليه هو أن هناك حاجة ماسة للالتزام وتطبيق مبادئ القانون
الدولي الإنساني التي تنادي بحماية المدنيين، وحماية المستشفيات ومن فيها من مرضى
وجرحى، وحماية الفرق الطبية، وفرق الدفاع المدني حتى يسعها تقديم الخدمات
الإنسانية المختلفة".
في 26 كانون
الثاني/ يناير الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية،
إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع
أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، لكن
القرار لم يتضمن نص "وقف إطلاق النار".
وفيما لاقى قرار
المحكمة الدولية ترحيبا دوليا وإقليميا، بما في ذلك من حماس، حذّرت حركة الجهاد
الإسلامي من استغلال إسرائيل عدم صدور قرار بوقف إطلاق فوري للنار في غزة من
المحكمة، ما يتيح لها "التصرف كما تشاء".
وعقدت محكمة
العدل الدولية في لاهاي في 11 و12 كانون الثاني/ يناير الماضي، جلستي استماع
علنيتين، في إطار بدء النظر بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة
ارتكاب "جرائم إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
يأتي ذلك بينما تدخل الحرب الإسرائيلية على غزة
شهرها الخامس، ومعظم ضحاياها من الأطفال والنساء، وفق السلطات الفلسطينية، كما تسبّبت
في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.