قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن
عبد الفتاح البرهان لقواته إن الجيش سيواصل الضغط للسيطرة على مزيد من الأراضي بعد
أن حقق أبرز تقدم له منذ 11 شهرا ضد قوات الدعم السريع.
واندلع قصف متبادل الأربعاء بمناطق عدة
من العاصمة الخرطوم، بعد سيطرت قوات الجيش أمس الثلاثاء على مقر الهيئة القومية
للإذاعة والتلفزيون في أم درمان الواقعة على الضفة الأخرى من نهر النيل وتمثل جزءا
من العاصمة الخرطوم.
ووسع التقدم نطاق نفوذ الجيش عبر وسط
مدينة أم درمان القديم، وهو ما اعتبره مراقبون ذا أهمية من الناحية الإستراتيجية؛
لأن المنطقة بها قواعد عسكرية وتمثل نقطة عبور لإمدادات قوات الدعم السريع.
ونقلت وكالة "رويترز" عن شهود
بأنهم رأوا مركبات مدمرة تابعة لقوات الدعم السريع وجثث مقاتلين من قوات الدعم
السريع قرب مجمع الإذاعة والتلفزيون اليوم الأربعاء.
اظهار أخبار متعلقة
وفي رسالة تهديد، قال البرهان للجنود في
قاعدة سلاح المهندسين في أم درمان في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء: "رسالتنا
لمتمردي الدعم السريع أن القوات المسلحة والأجهزة النظامية العسكرية ستلاحقكم في
كل مكان، وكذلك المواطنين حتى يتحقق النصر الكامل".
وأضاف البرهان، بحسب بيان صدر اليوم
الأربعاء، أن الجيش سيواصل قتال قوات الدعم السريع في أجزاء أخرى من العاصمة وفي
منطقة دارفور بغرب السودان وولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم، وهي مناطق حققت فيها
قوات الدعم السريع تقدما سريعا أواخر العام الماضي، "حتى تحقيق النصر
الكامل".
ونشر الجيش مقطعا مصورا يظهر فيه
البرهان وهو يتوقف في قافلة من سيارات الدفع الرباعي مع حراس مدججين بالسلاح
لتناول إفطار رمضان مع سكان على جانب طريق في أم درمان.
بشأن جهود الهدنة في رمضان، شدد الجيش على
أنه لن يأخذ في الاعتبار المناشدات الدولية لوقف إطلاق النار في شهر رمضان ما لم
توافق قوات الدعم السريع على انسحاب عسكري كبير.
والأربعاء، قامت قوات الجيش عبر المدفعية
الثقيلة بقصف مواقع قوات الدعم السريع جنوبي الخرطوم، إضافة إلى مواقع غربي وجنوبي
مدينة أم درمان، بينما قصفت قوات الدعم السريع وسط الخرطوم ومحيط القيادة العامة
للجيش السوداني.
اظهار أخبار متعلقة
إلى ذلك، بث الجيش السوداني صورا على
حسابه على الفيسبوك لطائرات مسيّرة قال إنها استهدفت سيارات عسكرية لقوات الدعم
السريع في أم درمان.
وبحسب الجيش فإن عملية الاستهداف جرت
أثناء محاولة قوات الدعم السريع الهروب من الطوق الذي فرضته قوات الجيش في محيط
منطقة الملازمين ومباني الإذاعة والتلفزيون، وفق بيان الجيش.
مرور المعركة بـ 3 مراحل
حول مسألة انقلاب الطاولة على الدعم
السريع في الميدان بعد سلسلة انتصارات منذ فترة، يقول الباحث السياسي ياسر محجوب
الحسين، إن "الاستراتيجية التي اعتمدها الجيش السوداني تختلف عن النهج
والطريقة التي تقاتل بها مليشيا الدعم السريع؛ فالأخيرة قوات قليلة التدريب ولا
تهتم قيادتها بحياة وسلامة عناصرها، فهم عندهم مجرد كم مثله مثل أي عتاد عسكري"،
حسب قوله.
وأوضح الباحث السوداني لـ
"عربي21"، أن "المعركة بالنسبة للجيش مرت بثلاث مراحل؛ الأولى
مرحلة امتصاص الصدمة حيث الميليشيا فاجأت الجميع بمغامرتها غير محسوبة النتائج، والمرحلة
الثانية التمركز وأخذ وضعية الدفاع، أما المرحلة الأخيرة هي مرحلة الهجوم وهي التي
بدأ الجيش يحقق فيها انتصاراته".
وأشار إلى أنه "في كل هذه المراحل
كان الهدف هو الحفاظ على أرواح المواطنين والجنود والبنيات الاساسية مقدم على هدف
تحقيق أي نصر محدود"، وفق حديثه.
وأكمل شرح الموقف الميداني، بالقول:
"خلال هذه المراحل قصد الجيش استنزاف قوة وعتاد الميليشيا وربما الدعم
الخارجي قد أسهم في طول أمد مدة الاستنزاف".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت إلى أن "ما ساعد الجيش كثيرا
قرار الميليشيا الهجوم على ولاية الجزيرة وسحب جزء كبير من قواتها من الخرطوم لدعم
ذلك الهجوم".
الحسين، ذكر أن "ولاية الجزيرة ولاية سهلية
مترامية الأطراف وليس فيها أهداف عسكرية كثيرة ولذا تورطت الميليشيا فيها واستنفدت
قوتها العسكرية دون أن يكون في مقابل ذلك تحقيق أهداف عسكرية ملموسة".
تضاؤل الدعم الخارجي
"مع مرور الوقت وطول مد الحرب التي
اعتقدتها الميليشيا وداعموها أنها ستكون خاطفة، واجه الدعم الخارج مشاكل لوجستية
ومع تحسن أداء الجيش كما ونوعا في استخدام الطيران التقليدي والمسيّر تمكن الجيش
من استهداف مخازن وقوافل الدعم الخارجي"، منوها إلى "انشغال دولة الممر
وهي تشاد بأزمة سياسية داخلية مسلحة".
ومضى بالقول لـ "عربي21"، بأن
"تورط الميليشيا في جرائم الحرب وتصاعد الإدانات الدولية جعل منها تنظيما بلا
مشروعية أخلاقية وغير ذي جدوى ليتبنى أي مشروع سياسي لحكم البلاد وكل هذا قلل من
تدفق الدعم الخارجي".
ورأى بأن المعطيات الحالية تمنح الجيش
السوداني الفرصة لتحقيق الانتصارات المتتالية كبيرة، مضيفا "أمرا أن يحدث
انهيار كلي وشيك في صفوف الميليشيا"، حسب قول الحسين.
بينما قرأ، الباحث الاستراتيجي علي
الذهب، المشهد بأنه "تحول خطير" في المعركة.
ولم يستبعد في أن يكون انسحاب قوات الدعم
السريع "قرارا تكتيكيا، وقد تعاود الهجوم مرة أخرى".
اظهار أخبار متعلقة
في نفس الوقت، لفت الذهب، إلى وجود "تنام
للقوة الصلبة لدى الجيش السوداني، خاصة في السلاح الجوي والمسيّرات التي أثبتت حضورها،
وكفائتها في إضعاف الدعم السريع"، وفق حديثه.
وذكر لـ "عربي21"، بأن "العامل
السياسي الخارجي الذي قام به البرهان، يظهر جلبه للمزيد من الدعم المادي الذي
استطاع من خلاله الحصول على الأسلحة والمعلومات والخبراء والدعم اللوجسيتي".
وأرجع سبب تراجع الدعم السريع إلى كونها
"قوات ميليشاوية وليست على قدر من التدريب والكفاءة لمواجهة الجيش".
وأردف: "لقد توفرت لها فرصة في
فترة ما لتباغت فيه الجيش، الذي قد يكون قد تعرض لانتكاسات داخلية وخيانات، وهو ما
مكن الدعم السريع من التقدم في الفترة القادمة".
انقسام داخلي بشأن الهدنة
ووجد الذهب بأن "إبداء الدعم
السريع المرونة في عملية السلام أحدث انقساما داخل بنيتها السياسية والعسكرية،
وأثر على أداء قواتها في الميدان".
اظهار أخبار متعلقة
ورجّح بأن "يكون هناك رأي رافض
داخل الدعم السريع للهدنة وعملية السلام بالشكل المطروح، مقابل رأي موالي، وهو ما
أحدث تأثيرا داخل الإرادة العسكرية".
وخلص إلى أن "قوات الحكومة
السودانية توفرت لديها عوامل، منها طبيعة تعامل الدعم السريع أمام جيش منظم، في ظل
غياب استراتيجية عسكرية تقليدية لديها لتتعامل مع التغيرات السياسية والعسكرية وجغرافية
وطبوغرافية المعركة، وهذه العوامل الناشئة مكنت الجيش السوداني من استعادة زمام الأمور".
ونوه إلى أن "الظرف الحالي يحتمل
أن يكون مؤقتا أو دائما، وقد يتطور إلى تمدد الجيش لمناطق أخرى".
تدور المعارك في السودان منذ
أبريل/نيسان 2023 بين قوات الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان
وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (
حميدتي)، الذي كان نائبا لرئيس مجلس
السيادة.
وتبنى مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة
الماضي قرارا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، مع تدهور
الأوضاع في البلاد حيث بات ملايين الأشخاص مهددين بالمجاعة.
وخلفت المعارك آلاف القتلى و8 ملايين
نازح حسب الأمم المتحدة، وقد أدخلت السودان في "واحدة من أسوأ الأوضاع
الغذائية في العالم" وفق ما قال المدير المحلي لمنظمة "سيف ذي
تشيلدرن" عارف نور في بيان.