ملفات وتقارير

سياسي تونسي: الغنوشي أبلغني أنه صائم منذ 7 أكتوبر نصرة لغزة.. وجدل

لزهر العكرمي: إن الإسلاميين أبناء هذه البلاد وفي أوج قوتهم لم يلغوا المربع الديمقراطي.. (فيسبوك)
لزهر العكرمي: إن الإسلاميين أبناء هذه البلاد وفي أوج قوتهم لم يلغوا المربع الديمقراطي.. (فيسبوك)
دعا الوزير والقيادي السابق في حزب "نداء تونس" لزهر العكرمي إلى الإفراج عن قيادات الإسلاميين المعتقلين في السجون التونسية، مؤكدا أنهم أبناء تونس، وأنهم احترموا المربع الديمقراطي يوم كانوا في أوج قوتهم على رأس السلطة.

جاء ذلك في تدوينة نشرها العكرمي على صفحته الخاصة على منصة "فيسبوك" اليوم بعد زيارة قام بها إلى رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي ونائبه وزير الداخلية الأسبق علي العريض كل على حدة في سجن المرناقية.

وقال العكرمي في تدوينته: "اليوم ذهبت إلى سجن المرناقية لزيارة الشيخ راشد الغنوشي الذي أقام معي فيه مدة أربعة أشهر، جاؤوا به مبتسما عانقني وشكرني، تحدثنا عن ظروف الإفطار، والأكل البارد، وما يمكن شراؤه من الكانطينة، قال لي إنه صائم منذ السابع من أكتوبر نصرة للمقاومة في غزة، وأبلغني أنه رفض الذهاب إلى الطبيب مقيد اليدين، تفحصني بتمعن وقال لي أنا جيت هنا بقرار سياسي وإذا خرجت باش نخرج بقرار سياسي، عمري ثلاثة وثمانين عاما ومانيش طالب من الطبة يزيدوني في العمر ونمشيلهم مكتف...".

وتعليقا على ذلك أضاف العكرمي: "لم أجد أي تعليق أقوله أنا الذي أفرغت نفسي من مخلفات معاركنا السابقة، ومن الحقد والتشفي، وأيديولوجية الاستئصال".

وحول لقائه بعلي العريض، قال العكرمي: "بعد ذلك ذهبت لأجلس مع سي علي لعريض زهاء ساعتين فوجدته هادئا، مطمئنا، محتسبا، علي لعريض الذي كونت عنه فكرة عن طريق السماع ولم تجمعنا قبلا غير مشاعر العداوة والقدح... لكني بحثت وتحققت أن الرجل ليس بالصورة التي رسمت له، فهو الذي قضى ستة عشر عاما سجنا زمن بن علي منها اثنتا عشرة سنة انفرادية وأذكر أنه تسلم منا في 26\12\2012 وزارة الداخلية، كانت قناعتي أنه سينتقم وينكل بمن عذبوه ونكلوا به إلا أنه لم يمسس أحدا ولا فكر في الانتقام كما قال لي اليوم.. وعلمت عنه أشياء يضيق بها المجال هنا عن الرجل".

وانتقد العكرمي ما وصفه بمنطق التشفي في التعامل مع الإسلاميين، وقال: "عدت بعد ذلك وإنسانيتي وتجربتي ورحلة العمر تعتصر قلبي، عما بلغته بلادي من قسوة وتشفّ وروح استئصال، هذا غير التملق والانتهازية لكثيرين ياما تملقوا للنهضة وزحفوا على بطونهم للحصول على أي كسب رخيص واليوم تسمعهم يجعجعون "المهم ارتحنا من النهضة"".

وأضاف: "خلاصة القول إن الإسلاميين أبناء هذه البلاد وفي أوج قوتهم لم يلغوا المربع الديمقراطي، اختلفنا، تصارعنا حد العداوة، وليس من حقنا ولا من حق غيرنا أن يمنحهم حقا أو ينزع عنهم حقا، والبلاد تتسع للجميع في نظام ديمقراطي يحكمه القانون.. الحرية كطائر الفينيق تحترق وتطير من رمادها فتبقى تحوم في الفضاء منتظرة الفرصة المناسبة لتعود إلى أرضها.. تونس أرض الحرية، قاصمة الجبارين، الحرية لمعتقلي الرأي والفكر والسياسيين".



وعرفت تدوينة العكرمي تفاعلا كبيرا بين النشطاء والمدونين، باعتبارها تأتي إنصافا للإسلاميين من خصم سياسي في وقت يواجهون فيه حرب استئصال لم تهدأ نيرانها بعد.

وبينما اكتفت صفحات "النهضة" ورئيس حركة النهضة وعدة صفحات بإعادة نشر التدوينة فقد أشاد بها نشطاء آخرون واعتبروها شهادة حق يستحقها الإسلاميون..



المحامي فوزي جاب الله كتب على صفحته قائلا: "بارك الله قلبك وحصنك من كل حقد بغيض صديقي لزهر العكرمي.. عندما كنت أنت موقوفا في قضية التآمر المفبركة وكنت أزورك مع بقية الموقوفين كنت أنتبه للطريقة التي تروي فيها تواصلك وحواراتك مع الشيخ راشد بحكم تجاور زنزانتيكما.. وكنت عندما أزوره في نفس اليوم أجد عنده نفس المودة لك ونفس الحديث الطيب عن حواركما وإن كان عن بعد لأن الجدار يفصل بينكما..".

وأضاف: "أضفت هاتين الفقرتين لأبين للكثير من المشككين (والشك طبيعي في مناخنا الموبوء) أن الحياة تعلم الناس وتنبههم وتفتح لهم آفاق الحقيقة في ظروف لا يتوقعونها.. وإن بعد فوات الأوان أحيانا.. وأن الشجاع هو من يتطور معها وخاصة من لا يخجل من قول ذلك".



الإعلامية خولة بوكريم كتبت قائلة: "المراجعات الحقيقية والعميقة للفكر الديمقراطي بكل معانيه، التخلص من مرض الأدلجة والانتماء الحدي المتطرف، تجربة الحكم سنوات الانتقال الديمقراطي ودروسها القاسية بعداواتها وتحالفاتها الكاذبة والمنافقة، زلزال 25 جويلية السياسي الذي أودى بحلم وطن للجميع دون قمع ولا تمييز، عواصف ظلمها بالبشر وحجر المؤسسات التي لم تستكمل بناءها، وآثارها المدمرة اليوم على إدارة الدولة".

وأضافت: "الإجابة الحقيقية عن سؤال: هل أنت ديمقراطي حقيقي تؤمن بكونية حقوق الإنسان لخصومك قبل ذويك أم أنت مٌدع وتريد فقط بالادعاء إقصاء خصمك من الحياة السياسية والمجتمع بشكل عام؟ تلخصت كلها في تدوينة الأستاذ لزهر العكرمي".



القيادي في حركة النهضة رضا ادريس، كتب هو الآخر قائلا: "أنصفت أستاذ، لا نضب لك فكر ولا تلعثم لك لسان ولا جف لك قلم، هذه تونس التي نتطلع، متعددة ومتعايشة، مختلفة وموحدة، تقاوم الظلم ولو جاءه الأقربون وتثمن العدل ولو انتصر له الأبعدون".



الصحفية والناشطة فادية ضيف كتبت قائلة: "أرجو بما كتبه محمد لزهر العكرمي  وما يكتبه مؤخرا عدد من الفاعلين في المشهد السياسي من كل الطيف السياسي أن ننهي مرحلة بغيضة من الصراع الأيديولوجي المراهق الأحمق والمتخلف ونكون بذلك نضجنا ودخلنا مرحلة شباب تونس المجيد والحقيقي".

وأضافت: "هذا الحقد الأيديولوجي، تمعش منه كل مصلحجي وأناني وإقصائي واستبدادي، وغبي ومرتزق. فإن هو تبدّد، تبددوا معه وكانوا هباء منثورا. وندخل فعليا عصر الاختلاف الفعال"، وفق تعبيرها.



يذكر أن المحكمة الابتدائية في تونس كانت قد أصدرت في مطلع شباط / فبراير الماضي حكما بالسجن لمدة 3 سنوات على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتهمة تلقي حزبه تمويلا من طرف أجنبي.

وهذا هو الحكم الثاني الذي صدر على الغنوشي حيث صدر عليه في 15 مايو/أيار 2023 حكم بالسجن لمدة عام واحد مع غرامة قيمتها ألف دينار (328 دولارا) بتهمة التحريض في ما عرف بملف "الطواغيت".

ويحاكم الغنوشي في قرابة 9 قضايا حسب هيئة الدفاع عنه، وكانت الشرطة قد قبضت عليه بعد مداهمة منزله في 17 أبريل/نيسان 2023، بشبهة التآمر ضد أمن الدولة.

أما رئيس الحكومة السابق، نائب رئيس الحركة علي العريض المعتقل منذ كانون الأول (ديسمبر) 2022 فقد أعلنت حركة "النهضة" التونسية أنه متابع في ما يُعرف بقضية "التسفير إلى بؤر التوتر".

وبدأت التحقيقات في الملف إثر شكوى تقدمت بها البرلمانية السابقة فاطمة المسدي (حركة "نداء تونس") في ديسمبر/ كانون الأول 2021، إلى القضاء العسكري قبل أن يحولها إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لوجود مدنيين بين المشتكى بحقهم.

ويشمل التحقيق في القضية (تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر خارج البلاد) عدة قيادات في حركة النهضة، بينهم رئيسها راشد الغنوشي والحبيب اللوز.

وتولّى العريض حقيبة وزارة الداخلية من ديسمبر/كانون الأول 2011 إلى مارس/ آذار 2013، خلال حكومة الائتلاف بين "حركة النهضة" و"حزب المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات".

كما تولّى العريض رئاسة الحكومة في الفترة من مارس 2013 إلى يناير/كانون الثاني 2014.

وتشهد تونس منذ فبراير/شباط 2023 حملة توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم الغنوشي وعدد من قيادات النهضة، منهم على العريض ونور الدين البحيري وسيد الفرجاني، وآخرون.
التعليقات (0)