ملفات وتقارير

بعد أكثر من شهر على قطع تركيا علاقتها التجارية.. ماذا حلّ باقتصاد الاحتلال؟

وقع الاحتلال الإسرائيلي مع تركيا اتفاقية التجارة الحرة عام 1996 - وكالة الأناضول
وقع الاحتلال الإسرائيلي مع تركيا اتفاقية التجارة الحرة عام 1996 - وكالة الأناضول
في الثالث من أيار/مايو الماضي٬ أعلنت تركيا رسميا قطع جميع العلاقات التجارية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأكدت أنه لن يتم التراجع عن هذا القرار إلا بعد ضمان عدم انقطاع إمدادات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وفي بيانها قالت وزارة التجارة التركية: "لقد تم اتخاذ المرحلة الثانية من الإجراءات على مستوى الدولة٬ حيث تم إيقاف عمليات التصدير والاستيراد مع إسرائيل، وتنطبق الإجراءات على جميع أنواع البضائع". وشمل البنود التالية:
-  تعليق جميع شحنات التصدير من تركيا إلى الاحتلال.
-  تعليق جميع البضائع المستوردة من الاحتلال إلى تركيا.
-  تعليق جميع بضائع الاستيراد إلى تركيا، مع إعادة الشحن في الاحتلال.
-  تعليق جميع شحنات البلدان الثالثة المتعلقة بالاحتلال، مع إعادة الشحن في تركيا.

وشددت الوزارة على أن الإجراءات ستبقى سارية وسيتم تطبيقها "بشكلٍ صارم وحاسم" حتى يضمن الاحتلال إمدادات كافية وغير منقطعة من المساعدات الإنسانية لغزة.  

ورد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على هذه الخطوة متهما الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بانتهاك الاتفاقيات مع بلاده، من خلال إغلاق الموانئ أمام الواردات والصادرات الإسرائيلية.

ما هو حجم الضرر؟
وبحسب تقديرات عدد من المحللين الاقتصاديين في دولة الاحتلال فإن وقف أنقرة لجميع أشكال التجارة مع تل أبيب سيلحق أضرارًا جسيمة بالتجارة والصناعة.

ووفقا للأرقام الرسمية يصل حجم واردات البضائع والمواد الخام من تركيا إلى ما يقرب من 5 مليارات دولار سنويًا. وتشمل التقديرات وقف استيراد المعادن، الآلات، السيارات، منتجات الطاقة، المطاط، البلاستيك، المنتجات الصحية والزراعية، بالإضافة إلى وقف صادرات تركيا من المواد الخام للبناء منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

 ويرى الخبراء أن هذه الخطوة أدت إلى توقف العديد من المصانع الإسرائيلية عن التصدير إلى تركيا، وأكدت أن ذلك سيؤدي إلى خسائر تصل إلى 1.5 مليار دولار سنويًا.

 وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي٬ فإن صادرات الاحتلال من البضائع إلى تركيا كانت تمثل 2.6%. تُعد هذه خسارة إضافية لرجال الأعمال الإسرائيليين.

وتعد تركيا هي خامس أكبر سوق استيراد للاحتلال الإسرائيلي، ووفقا لمكتب الإحصاء المركزي التركي، فإن دولة الاحتلال هي الوجهة الثالثة عشرة من حيث التصدير.  

وبحسب بيانات غرفة التجارة الإسرائيلية فإن أهم الواردات التركية إلى الاحتلال: (المعادن 27% - والآلات والمعدات الكهربائية 13% - والبلاستيك والمطاط 9% - والحجر والجبس والزجاج والأسمنت 8% - وقطع غيار السيارات 7% - والمياه المعدنية 5%).

المنتجات الزراعية الأقل تأثرا
وفي ردها على حجم العجز الحاصل قالت وزارة الزراعة الإسرائيلية٬ "منذ استلام الإخطار من تركيا، تقوم الوزارة بتقييم الوضع والاستعداد لبدائل للاستيراد، لضمان التوريد المنتظم للمنتجات الزراعية في شبكات التسويق، ومواصلة تشجيع وتعزيز الزراعة الإسرائيلية. وفي الوقت الحالي، لا يتوقع نقص في المنتجات الزراعية".

ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة الإسرائيلية، فمنذ بداية عام 2024، "كان استيراد الخضروات الطازجة من تركيا في انخفاض مستمر. والذي كان يشمل (البصل- الخيار - الفلفل - الكوسا - الطماطم) والكثير من هذه المنتجات كانت في تناقص مستمر منذ بداية الحرب".

وأضافت الوزارة أنه "في شهر نيسان/أبريل الماضي كان استيراد الخضروات الطازجة من تركيا شبه معدوم، حيث بلغ استيراد 70 طنًا فقط من الطماطم من إجمالي الاستيراد والذي كان يقدر بحوالي 3000 طن".

أما فيما يتعلق بالصادرات من الاحتلال إلى تركيا، فقالت إسرائيل "إن الضرر الذي لحق بتصدير المنتجات الطازجة محدود للغاية ويركز على منتجين: التمور (بحجم صادرات 16 مليون دولار سنويًّا)، وبذور الخضروات (حجم صادرات 11 مليون دولار سنويًّا).  

مواد البناء الأكثر تضررا
يستورد الاحتلال حوالي 70 ٪ من الحديد المستخدم في مواد البناء٬ وحوالي ثلث احتياجاته من الأسمنت من تركيا بشكل رئيسي للاستخدام في صناعة البناء والبناء المحلية، فضلا عن المنتجات الصحية للحمامات.

ووفقا لنائب المدير العام لجمعية البنائين الإسرائيلية٬ شاي بوزنر: "فإن تركيا ليست المنتج الوحيد لمواد البناء المصنعة الأساسية، ولكنها أرخص، أيضا بسبب القرب الجغرافي". "سيحتاج المستوردون الآن إلى البحث عن موردين بديلين مما سيجعل تكلفة البناء مرتفعة".

وأضاف بوزنر: "أن الحرب على غزة أدت إلى توقف 40٪ من مشاريع البناء التي كانت تعاني من نقص هائل في العمالة بسبب غياب العمال الفلسطينيين"٬ مما سيؤدي إلى تزايد أسعار الوحدات السكنية.

اظهار أخبار متعلقة


خوف من مقاطعة دول أخرى
وفي تصريحها لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، قالت كبيرة الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، غاليا ليندنستراوس، "إن إسرائيل وتركيا لديهما اتفاقات تجارة حرة منذ منتصف التسعينيات يتم انتهاكها الآن. نظرا لأن القيود تؤثر على العقود بين القطاع الخاص في تركيا والمستوردين في إسرائيل، فمن المرجح أن تكون هناك تداعيات اقتصادية وقانونية".

وأكدت "أن هناك قلقا من أن الانتقادات المتزايدة حول كيفية سير الحرب في غزة٬ ستدفع بلدانا أخرى مثل النرويج أو أيرلندا إلى أن تحذو حذوها بإجراءات المقاطعة".

وفي عام 1996 وقعت تركيا ودولة الاحتلال اتفاقية منطقة التجارة الحرة٬ والتي ينص أحد بنودها على أنه "يجوز لكل طرف إنهاء هذه الاتفاقية بإشعار كتابي للطرف الآخر عبر القنوات الدبلوماسية، خلال ستة أشهر من تاريخ الإخطار". وبموجب الاتفاقية، فإذا خالفها أحد الطرفين، فيحق له اللجوء إلى التحكيم الدولي.
التعليقات (0)