لا يزال آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، والرافّضين لما يستمرّ الاحتلال الإسرائيلي في اقترافه داخل قطاع
غزة المحاصر، يصدحون بأصواتهم، في عدّة دول غربية؛ مُقابل تراجع نسبة
المظاهرات المتضامنة مع الأهالي في القطاع المحاصر، في عدّة دول عربية، ما بات السؤال يفرض نفسه:
ما الذي يحصل؟
مظاهرات لا تتوقّف
عكس ما كان يروج من توقّعات، منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، من حركة حماس، على دولة الاحتلال الإسرائيلي، للرّد على سنوات طويلة من العدوان والحصار المتواصل على كامل الأهالي في القطاع، بأن تنتفض الشعوب العربية بشكل صارخ، رفضا للإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال على غزة؛ فإنه سُرعان ما خفت الصوت، وظل البعض فقط متواصلا في الاحتجاج.
في المُقابل، رصدت "عربي21" تواصل الحشود البشرية، في عدّة مدن أوروبية، في الخروج في مظاهرات لا تتوقّف، لدعم الشعب الفلسطيني، والمطالبة بتوقّف الإبادة في حق أهالي غزة، مع محاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي على كافّة ما تقترفه من جرائم، أمام مرأى العالم، ضاربة عرض الحائط بكافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.
في لندن وفيينا وبرلين وتورينو، وغيرها من المدن الأوروبية، خرج الآلاف، السبت، في مظاهرات وصفت بـ"العارمة" لتأكيد الدعم للشعب الفلسطيني، فيما تراجعت نسبة المسيرات والمظاهرات الغاضبة في عدد من المدن العربية.
برلين.. احتجاج رغم التضييق
خلال مظاهرة شارك فيها الآلاف، في قلب العاصمة الألمانية برلين، للتضامن مع الغزّيين، أوقفت قوات الأمن 20 متظاهرا على الأقل؛ وعلى الرغم من ذلك، استمرّت موجة الغضب، وعلت الأصوات الصّارمة الرافضة لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل القطاع المحاصر.
ومن الشّعارات التي لا يزال المحتجّون يؤكّدون عليها في مظاهراتهم: "وقف إطلاق النار الآن"، "إسرائيل تقتل الأطفال"، "ألمانيا تمول، إسرائيل تقصف"، "إسرائيل دولة إرهابية"، "فلسطين حرة". فيما يتلحّف جُل المتواجدين في المظاهرات بالكوفية، ويحمل باقي الأشخاص العلم الفلسطيني، ناهيك عن صور ولافتات توثّق الجرائم التي يستمر الاحتلال الإسرائيلي اقترافها داخل غزة.
فيينا.. صامدة
أمام أحد فروع مطاعم "ماكدونالدز" المعروفة بدعمها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، احتجّ المتظاهرون، في قلب فيينا، وهي عاصمة النمسا، للتأكيد على جدوى المُقاطعة.
وعمل المتظاهرون، على توزيع عدّة مأكولات على المّارة، في دعوة منهم إلى إبراز البدائل، والتعريف بالثقافة الغذائية الفلسطينية المُتنوّعة والغنّية، بجُملة أطباق، تجعل المارة مستمتعين بالتذوّق، أبرزها: الفلافل والحمص.
كذلك، رفع المحتجون، عدّة شعارات، تؤكّد رفضهم واستنكارهم لجرائم الإبادة التي يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي عليها داخل القطاع المحاصر، الذي لم يُرحم فيه أحد، لا بشر ولا حجر، وبات الوضع الإنساني فيه، أقل ما يقال عنه أنه: "مُزري".
إيطاليا.. حاضرة بقوّة
في احتجاجات لا تتوّقّف، لا يزال الدّاعمون للشعب الفلسطيني، يُعبّرون عن غضبهم، ويعملون بكل ما فيهم من جُهد على إبراز جرائم الاحتلال الإسرائيلي، على
قطاع غزة.
ويحمل المتظاهرون الغاضبون، في مدينة تورينو، المتواجدة في شمال إيطاليا، عدّة لافتات وصور كتب عليها بالخط البارز: "أوقفوا الإبادة الجماعية"، فيما ردّدوا جُملة من الشعارات، أهمّها: "فلسطين حرة" و"كلنا مناهضون للصهيونية".
هنا البيت الأبيض
آلاف المؤيدين للشعب الفلسطيني، خرجوا للتضامن مع كامل الشعب الفلسطيني، وخاصة الأهالي في قطاع غزة، من أمام البيت الأبيض؛ فيما رفعوا شعارات تؤكّد رفضهم لكافة المجازر والانتهاكات وجرائم الحرب التي يستمر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، داخل غزة.
ومن جميع المناطق القريبة من العاصمة الأمريكية، واشنطن، تجمّع المحتجّون، السبت، لإعلان رفضهم لما وصفوه بـ"صمت الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن ما تقترفه دولة الاحتلال الإسرائيلي، داخل قطاع غزة".
وصدح المحتجّون بالصوت عاليا، بعدّة شعارات، بينها: "من العاصمة إلى فلسطين، نحن الخط الأحمر"؛ فيما رفعوا لافتة طويلة كتبت عليها أسماء الشهداء ممّن ارتقوا خلال العدوان المتواصل على غزة.
كذلك، طالب المحتجون، من أمام البيض الأبيض، بوقف العدوان وحماية الشعب الفلسطيني وتوفير المساعدات اللازمة للمواطنين، وهم يحملون العلم الفلسطيني، ويتلفّح جُلّهم بالكوفية، التي تعبّر عن نضال فلسطيني طويل.
أين العرب من مجزرة "النصيرات"؟
جُل المظاهرات والمسيرات الغاضبة، في عدد من الدول الغربية، خلال الساعات القليلة الماضية، أتت جرّاء اقتراف الاحتلال الاسرائيلي مجزرة جديدة، ضد الفلسطينيين المدنيين بمخيم النصيرات، وسط غزة المُحاصرة، وذلك خلال عملية استعادة أربعة من المحتجزين؛ في مقابل عدد قليل من المظاهرات في المدن العربية، أبرزها في المغرب والأردن. وقد خرجت مسيرة حاشدة وقوية في مدينة المضيق غضبا من مذبحة النصيرات والأحداث في كامل فلسطين.
وبحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإنه بسبب دعم بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي، فقد "ترك أكثر من ستة أشخاص من مختلف إدارات الحكومة الأمريكية وظائفهم علنا، بالقول إنهم لم يعد بإمكانهم العمل في الإدارة، بل إن المزيد غادروا بهدوء"؛ وهو الأمر الذي جعل سؤالا آخر، يتردّد بين عدّة نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي:
أين الغضب العربي من تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؟ وأين المسيرات الغاضبة من المجزرة الجديدة؟
كذلك، فإنه مع انطلاق طلاب وأكاديميين، من عدّة جامعات أمريكية، أبرزها جامعة كولومبيا في نيويورك، في 18 نيسان/ أبريل الماضي، في عدّة اعتصامات، للمطالبة بوقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية، وسحب استثماراتها من شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية.
وعلى الرغم من تدخّل الشرطة واعتقال عشرات المحتجين، فإن الاحتجاجات قد توسّعت، لتصل إلى جامعات أخرى، وتمتد أيضا إلى كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا والهند؛ وفي المقابل لم تصل عدوى الاحتجاجات الغاضبة إلاّ إلى بعض جامعات عربية، وُصفت بـ"القّلة".
اظهار أخبار متعلقة
وكانت "عربي21" قد رصدت أنّه بعد ما يناهز الثمانية أشهر من الحرب الشرسة على قطاع غزة، فقد بات الغضب والشعور باليأس من الدول العربية، يتصاعد على مختلف هذه المنصات، خاصّة من الشباب الفلسطينيين أنفسهم، ممّن يعبّرون عن خيبة أملهم من مواقف الدول العربية، بمن فيهم الشعوب، فيما يطالبون بشكل مُتسارع بالتحرّك الحقيقي لوقف الإبادة الجماعية التي يعيش على إيقاعها كافة المتواجدين في قطاع غزة.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي، حربه الهوجاء، على كامل قطاع غزة المحاصر، لليوم الـ247 على التوالي، متعمدا استهداف المدنيين والمنازل المأهولة، في حين بات قادة الاحتلال ضمن لائحة "العار" التي أدرجت الأمم المتحدة، "إسرائيل" فيها، إثر الجرائم المتواصلة بحق الأطفال الفلسطينيين.