أعادت حادثة بلدة مجدل
شمس في
الجولان السوري المحتل، والتي قتل فيها 12 طفلا في ملعب لكرة القدم، بصاروخ
مجهول المصدر، إلى الأذهان تاريخ البلدة، وعلاقتها مع
الاحتلال، الذي دخل إليها في
العام 1967.
وللبلدة تاريخ مقاوم ورافض
لوجود الاحتلال على أراضي الجولان، وتعكس المشاهد التي بثت خلال اليومين الماضيين،
من هجوم السكان على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزرائه والهتاف بطردهم
من البلدة، واستعانة الاحتلال، بأطراف متعاونة معهم، لالتقاط صورة تسوق علاقتهم
الودية بالسكان، أبرز دليل على إصرار الأهالي على رفض الاحتلال ومكوناته.
ونستعرض في التقرير التالي، جانبا من تاريخ البلدة
خلال العقود الماضية.
معقل ضد الاستعمار
تعد بلدة
مجدل شمس،
إحدى المعاقل الهامة للثوار في الجولان، إبان الثورة السورية الكبرى، ضد الاستعمار
الفرنسي، بحكم الموقع الجغرافي المميز لها، حيث الجبال ووعورة التضاريس.
وتعرضت البلدة للحرق
على يد الفرنسيين، 3 مرات، انتقاما من سكانها، بسبب تقديمهم الدعم للثوار.
رفض للاحتلال
خلال حرب عام 1967،
خسرت
سوريا هضبة الجولان، بكافة بلداتها، وبقي السكان متمسكين بأراضيهم، ومنهم
سكان مجدل شمس، والذين خضعوا للحكم العسكري، منذ 1967 وحتى العام 1982، وهو تاريخ
إعلان الاحتلال، بسط الإدارة المدنية على المنطقة، بعد ضمه إياها بشكل كامل، رغم
أنها وفقا للقانون الدولي لا تزال أرضا محتلة.
اظهار أخبار متعلقة
عمل الاحتلال منذ
السيطرة على الجولان، على فرض الاستيطان عليها، وهدم العديد من القرى وهجر سكانها،
وبلغ عدد القرى المدمرة أكثر من 160 قرية، ولم يتبق منها إلا مجدل شمس وعين قنية
والغجر ومسعدة وبقعاثا.
ويرفض السكان الاحتلال
حتى يومنا هذا، ويصنفون أنفسهم على أنهم عرب سوريون، ولم يقبلوا أن يصبحوا مواطنين
لدى الاحتلال.
الحصار الكبير
بعد قرار الاحتلال ضم
الجولان، من خلال قانون في الكنيست، وفرض
الجنسية على السكان بالقوة، بدأ السكان ما عرف بـ"الإضراب الكبير" ووقعت
انتفاضة عارمة، بدأت بإعلان الإضراب المفتوح، ومواجهة السكان العزل مع الاحتلال
بواسطة الحجارة والعصي، والتي رد عليها الاحتلال باستخدام الأسلحة الثقيلة لقمع
السكان.
ومع تفاقم المواجهات، صعّد الاحتلال، من حملته
القمعية، وقام بفرض حصار امتد إلى 6 أشهر، ومنع السكان عبره من الحصول على الغذاء
والدواء ومورس التجويع بحقهم لكسر إرادتهم، والرضوخ لشروط الاحتلال.
ولجأ سكان مجدل شمس
إلى رفع العلم السوري آنذاك، من أجل التأكيد على هويتهم الأصلية، ورفض الرضوخ
للاحتلال في سلبهم أراضيهم، وأقر وجهاء الجولان ما عرف بـ"الوثيقة الوطنية
للمواطنين السوريين في مرتفعات الجولان السورية المحتلة".
ما الذي تضمنته
الوثيقة؟
أعلن وجهاء الجولان في
الوثيقة، اعتبار أراضيهم جزءا من سوريا، وتمسكهم بالجنسية السورية، وتجريم كل من
تسول له نفسه من سكان الجولان بيع أو التنازل أو التخلي عن أي جزء من أراضيها،
ووصمه بالخيانة الوطنية التي لا تغتفر.
عدم الاعتراف بأي قرار
يصدر عن الاحتلال، لضم أراضي الجولان، ورفض أي قرارات تهدف لنزع الهوية العربية
السورية.
رفض الاعتراف بالمجالس
المحلية والمذهبية، المعينة من خلال الحاكم العسكري للاحتلال، ورفض تلقي التعليمات
منها ورؤساء تلك المجالس لا يمثلون سكان الجولان.
اعتبار كل من يستبدل
جنسيته بالجنسية الإسرائيلية، مسيئا لكرامة أهالي الجولان وشرفهم الوطني وانتمائهم
القومي والديني ويعتبر خائنا للبلاد.
نبذ وطرد كل من يتجنس
بالجنسية الإسرائيلية، من الدين والنسيج الاجتماعي، وتحريم التعامل معه، إلى أن
يقر بالذنب ويتراجع عن فعلته، ويطلب المسامحة من مجتمعه ويستعيد الجنسية
الحقيقية.
تصد للاحتلال
على مدار العقود الماضية، وقعت العديد من
المواجهات والمصادمات، بين سكان مجدل شمس، وقوات الاحتلال، ضمن محاولاتها الضغط
عليهم للرضوخ لسيطرتها وخاصة خلال الإضراب الكبير.
وفي عام 2010، وقعت مواجهات كبيرة مع سكان
البلدة، بعد مداهمة أحد المنازل، من أجل تفتيشه، وهو ما أثار غضب السكان، والذين
اضطروا لاحتجاز عدد من عناصر الاحتلال، والمفاوضة للحصول على ضمانات بعدم تكرار
الفعلة والاعتداء على بيوت السكان، وهو ما حدث في نهاية المواجهات وانسحبت من مجدل
شمس.
اظهار أخبار متعلقة
وفي عام 2011، اعتدت قوات الاحتلال على سكان
بلدة مجدل شمس، بعد قيام آلاف المتظاهرين، بقص الشريط الفاصل واختراق الحدود في
ذكرى النكبة.
وقام سكان البلدة باستقبال الشبان الذين
اخترقوا الحدود، فيما عمد الاحتلال إلى إطلاق النار عليهم بصورة مباشرة، واستشهد
في تلك الواقعة 17 شخصا، أغلبهم من مخيمات اللاجئين في سوريا، فضلا عن اعتقال
العشرات من سكان البلدة والقرى المجاورة.
وفي عام 2023، تظاهر المئات في بلدة مجدل شمس يتقدمهم شيوخ
الطائفة الدرزية هناك، ضد مشروع للاحتلال الإسرائيلي، لبناء مراوح توليد كهرباء
بطاقة الرياح على أراضي السكان هنا.
ورفع المشاركون في
التظاهرة لافتات كتب عليها "لا للمراوح، لا للتفاوض.. مهما حاولتم جذورنا
أعمق ومشروعكم سيسقط.. الجولان العربي السوري المحتل".
وأصر المشاركون على
رفض أي مظاهر للاحتلال في التظاهرة، ورفضوا رفع علمه، واكتفوا برفع رايات الطائفة
الدرزية الملونة، التي تعتبر شعارا لهم، وقام الاحتلال بالاعتداء عليهم، عبر إطلاق
الرصاص الحي وقنابل الغاز، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات بينها خطيرة.
وكان المشروع سيؤثر
سلبا على أكثر من 3600 دونم من بساتين التفاح والكرز لسكان المنطقة، وتقليص مساحة
القرية من الناحية السكنية، ويؤثر على فرص توسيع المنطقة المأهولة مستقبلا.