انتقد الاتحاد العام
التونسي للشغل بشدة
قرار الهيئة العليا للانتخابات في تونس التي ألغت قرارات المحكمة الإدارية بخصوص
قبول عدد من الترشحات إلى
الانتخابات الرئاسية وإصدار قائمة نهائية من جانب واحد
رغم قبولها التعاطي مع القضاء الإداري منذ الانطلاق.
ووصف الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر
منظمة نقابية في تونس وحائز على جائزة نوبل، في بيان له اليوم نشره على صفحته
الرسمية، قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الرافض لقرارات المحكمة الإدارية
بأنه "سابقة قانونية وخارج القانون"، معتبرا إياه بأنه "توجيه
ممنهج ومنحاز وإقصائي وتأثير مسبق على النتائج المرتقبة للانتخابات علاوة على أنه
ضرب صارخ للسلطة القضائية ولأحكامها".
وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل، أنه "يعتبر
هذا القرار، بغض النظر عن الأسماء المترشحة ودون انحياز إلى أحد، تأكيدا على غياب
المناخ الملائم والشروط الضرورية لانتخابات ديمقراطية وتعددية وشفافة
ونزيهة".
ونبه الاتحاد إلى أن "مثل هذه القرارات
تكرس النهج الانفرادي والتسلطي ولا تزيد الوضع إلا انغلاقا وتوترا، وحذر من
التمادي فيه ومن عواقبه على البلاد".
وندد الاتحاد في ختام بيانه، بما "اتخذته
الهيئة العليا للانتخابات من إجراءات تضييقية بعد إقصاء الهيئة المستقلة للإعلام
السمعي البصري للسيطرة على الإعلام وتوجيهه ومنع أصوات حرة كثيرة من أداء واجبها
في إنارة الرأي العام وإعطاء الفرص المتكافئة للمتنافسين"، وفق البيان.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد
أوضحت في بلاغ أمس الاثنين أنها توصلت بالأحكام الثلاثة الصادرة عن الجلسة العامة
القضائية للمحكمة الإدارية بالنقض في مادة الترشحات بالبريد الالكتروني مساء أمس
في حدود الساعة التاسعة ليلا.
وأضافت أن تلقيها لأحكام المحكمة الإدارية
تم بعد انعقاد مجلس الهيئة ومصادقته على القائمة النهائية للمترشحين المقبولين
نهائيا للانتخابات الرئاسية صباح الاثنين 2 سبتمبر 2024، أي بعد مرور 6
أيام من صدور الحكم الأول بتاريخ 27 أغسطس و4 أيام من صدور الحكم الثاني بتاريخ 29 أغسطس و3 أيام من صدور الحكم الثالث والأخير بتاريخ 30 أغسطس.
وأوضحت أن ذلك تم خلافا لمقتضيات الفصل 47 الفقرة الأخيرة من القانون الانتخابي الذي
يوجب على المحكمة إعلام الهيئة بنسخ الأحكام في ظرف 48 ساعة من تاريخ التصريح بها.
وأكدت الهيئة أن تاريخ 3 سبتمبر المحدد
بالرزنامة هو الأجل الأقصى للإعلان عن المترشحين المقبولين نهائيا ولا يمكنها في
كل الحالات تجاوز تاريخ 2 سبتمبر للمصادقة على القائمة النهائية للمترشحين، لضرورة
أن الهيئة مطالبة بالمصادقة عليها بعد مرور 48 ساعة من تاريخ صدور آخر حكم عن
الجلسة العامة القضائية الذي كان بتاريخ 30 أغسطس.
وفي وقت سابق أمس الاثنين، أعلنت الهيئة العليا
للانتخابات قبولها بشكل نهائي 3 مرشحين فقط للرئاسة، ما يعني رفض أحكام المحكمة
الإدارية بإعادة 3 آخرين إلى السباق الرئاسي المقرّر في 6 أكتوبر/ تشرين الأول
المقبل.
وقال رئيس الهيئة فاروق بو عسكر، في مؤتمر
صحفي: "الرئيس قيس سعيد، والعياشي زمال (حركة عازمون ـ معارض)، وزهير
المغزاوي (حركة الشعب- مؤيدة لسعيد)، الذين اعتُمدت ترشحاتهم في 10 أغسطس (آب)
الماضي، هم فقط المعتمدون نهائيا للانتخابات الرئاسية".
وأضاف أنه "تعذّر الاطلاع على نسخ
الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية في أجل 48 ساعة من تاريخ
التصريح بها، رغم مطالبة الهيئة بتلك الأحكام"، وفق التلفزيون التونسي الرسمي.
ويشير بو عسكر بذلك إلى أحكام أصدرتها المحكمة
بقبول ملفات 3 مرشحين سبق أن رفضت هيئة الانتخابات ترشحهم؛ بدعوى عدم استكمال
ملفاتهم.
وهؤلاء الثلاثة هم: عبد اللطيف المكي،
الأمين العام لحزب العمل والإنجاز (معارض)، والمنذر الزنايدي، وهو وزير سابق بعهد
الرئيس زين العابدين بن علي (معارض)، وعماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس الأسبق
المنصف المرزوقي (معارض).
ومن بين 17 ملف ترشح، أعلنت هيئة الانتخابات
قبول ملفات 3 مرشحين.
وعبّر المترشحون المقبولون بقرار المحكمة
الإدارية لخوض الانتخابات الرئاسية 2024، عن رفضهم واستنكارهم لقرار الهيئة العليا
المستقلة للانتخابات باستبعادهم من السباق الرئاسي.
وأعلن الفريق القانوني للمنذر الزنايدي في
بيان، عن عدم اعترافه بالقرار الصادر عن الهيئة، معتبرين إياه ''قرارًا غير قانوني''.
وأكد الفريق أن هذا القرار ''يتعارض مع
القوانين والإجراءات، ويؤثر سلبًا على نتائج الانتخابات''.
كما أعربت إدارة حملة عبد اللطيف المكي عن
استنكارها الشديد للقرار، معتبرةً أنه يعكس ''تجاوزًا قانونيًا''.
ودعت كافة المترشحين إلى ''التنسيق واتخاذ
الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التجاوزات''.
من جانبه، نشر المترشح عماد الدايمي مقطع
فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن فيه عدم اعترافه بقرار الهيئة، مشيرًا
إلى أنه سيعمل على الطعن في القرار وتقديمه إلى القضاء المحلي والدولي.
وفي أبريل/ نيسان الماضي أعلنت جبهة الخلاص
الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة، أنها لن تشارك في الانتخابات بدعوى "غياب شروط
التنافس"، بينما تقول السلطات إن الانتخابات تتوفر لها شروط النزاهة
والشفافية والتنافس العادل.
وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات التي
تضمنتها إجراءات استثنائية بدأها سعيد في 25 يوليو/ تموز 2021، وشملت: حلّ مجلسي
القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء
شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات
"انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما
تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت
بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987ـ 2011).
إقرأ أيضا: "الدفاع" عن المرشح التونسي الزمال يؤكد وجود مساعٍ لدفعه للانسحاب من الانتخابات