كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عبر تحقيق، أنّ
شركات صينية تهربت من العقوبات المفروضة عليها، من أجل بيع تكنولوجيا توصف بـ"الحسّاسة" لصنع أسلحة عسكرية لروسيا.
وأكّد التحقيق أن: "إحدى هذه الشركات، هي شركة "سينو إليكترونيكس Sinno Electronics"، التي تعتبر جزءا من شبكة من شركات أرسلت شحنات بقيمة 200 مليون دولار تقريبا إلى
روسيا، منذ إدراج الشركة على قائمة العقوبات الأمريكية في أيلول/ سبتمبر 2022".
وأوضح أن الشحنات التي أرسلتها شبكة سينو، تضمنت رقائق دقيقة وكاميرات ومعدات ملاحية، وهي تكنولوجيا بالغة الأهمية للأسلحة الروسية المستخدمة في حربها مع أوكرانيا.
وبحسب التحقيق نفسه، فإن العقوبات الأمريكية، التي تهدف للحد من قدرة روسيا على تأمين المواد اللازمة لتصنيع أسلحتها، المقصود منها ردع الشركات الدولية عن العمل مع روسيا ــومعاقبة تلك التي تعمل معهاــ من خلال استبعادها من النظام المالي الأمريكي، وتقييد تعاملاتها التجارية على مستوى العالم وفي
الصين.
وتوصّل التحقيق إلى أنه "في الفترة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2022 نيسان/ وأبريل 2024، أرسلت شركة سينو ما يقرب من 25000 شحنة من السلع الحساسة إلى روسيا".
وبحسب تحليل "بي بي سي" لسجلات الجمارك الروسية "ImportGenius"، وهي شركة تجمع بيانات تجارية ومقرها الولايات المتحدة، فإن الرقائق الدقيقة، التي تستخدم في مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ عالية الدقة والطائرات دون طيار، شكّلت 76 في المئة من تلك الشحنات.
إلى ذلك "تعتمد روسيا بشكل خاص على استيراد الرقائق الدقيقة - أكبر الشركات المصنعة لها موجودة في تايوان وكوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة - لأن قدرتها على تصنيعها محلياً محدودة جدا".
كذلك، وجدت "بي بي سي" أنّ: "رقائق بقيمة ملايين الدولارات أرسلتها شركة سينو إلى روسيا، تم تصنيعها من قبل شركات أمريكية - بما في ذلك "Texas Instruments" و"Analog Devices" وهي علامات تجارية وجدتها الحكومة الأوكرانية في طائرات دون طيار وصواريخ كروز روسية".
وتابع التحقيق: "قالت الشركتان سابقا إن رقائقهما تُباع ويُعاد بيعها عدة مرات، مما يجعل من الصعب مراقبة المكان الذي تصل إليه في النهاية، لكن كلاها واجه انتقادات من المشرعين الأمريكيين لعدم بذل جهود كافية لضمان عدم وصول تكنولوجيتهما إلى الأسلحة الروسية".
اظهار أخبار متعلقة
وقالت شركتا "تكساس إنسترومنتس" و"أنالوغ ديفايسز" لـ"بي بي سي" إنهما تعارضان بشدة "التحويل غير المشروع" لمنتجاتهما إلى روسيا و"إساءة استخدامها".
ووجد التحقيق أن لين كوينغ وزوجته بينغ مينبو، وهما شخصان يظهر اسماهما بشكل بارز في جميع فروع شركة سينو؛ حيث إن لين هو مدير ومساهم في ثلاث شركات تتبع لشركة سينو، بينما تمتلك بينغ أسهما في شركتين أخريين، وتتشارك بعض هذه الشركات في عناوين المكاتب ولها أسماء متشابهة.
"أرسلت بينغ رقائق ذات العلامات التجارية الأمريكية وغيرها من التقنيات بقيمة تقرب من 26 مليون دولار إلى روسيا منذ فرض العقوبات على سينو، إما باسمها أو من خلال شركة أخرى" وفق التحقيق ذاته.
وأكد: "كما رعت شركة سينو أكبر معرض للإلكترونيات في روسيا في أبريل/ نيسان من العام الجاري، الذي حضره الزوجان لين وبينغ بشكل شخصي". فيما حاولت "بي بي سي" عبر عدة طرق اتصال، الاتصال بلين وبينغ وشركات أخرى تتبع مجموعة سينو، لكنها لم تتلق أي رد.
ويقول محام في شركة محاماة متعددة جنسيات، ويقدم المشورة للشركات بشأن العقوبات وضوابط التصدير، ألكسندر دميترينكو، إن "علامة حمراء تظهر عندما يكون اسم الشركة أو عنوانها مشابهاً جدا لأحد الأسماء أو العناوين المدرجة في قائمة العقوبات الأمريكية".
وبيّن أنه "من الشائع أن نرى ظهور "شركة فطرية"، لكن هذه الشركة تشبه إلى حد كبير الشركات الأخرى، ويضيف أن هذه الشركات تمّ إنشاؤها حديثاً ولا تخضع للعقوبات، مما يسمح لها ببيع ونقل وتصنيع السلع نيابة عن الشركة الخاضعة للعقوبات".
وتوصّل التحقيق إلى أنه: "منذ أن بدأت روسيا غزوها لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، اتهمت واشنطن الصين بدعم آلة الحرب الروسية من خلال توفير معدات أساسية؛ وفرضت الولايات المتحدة عدة حزم من العقوبات على شركات صينية ومن دول أخرى بهدف منعها من توريد التكنولوجيا الرئيسية لروسيا".
أيضا، "نفت بكين أكثر من مرة المساعدة في تسليح روسيا، ودعت إلى السلام والحوار في أوكرانيا". وردا على "بي بي سي"، قالت السفارة الصينية في لندن إن "بكين تمارس رقابة صارمة على الصادرات على المواد ذات الاستخدام المزدوج".
اظهار أخبار متعلقة
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 275 "فردا وكيانا" من المتهربين من العقوبات السابقة، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وشملت لين وبينغ وشركات تابعة لسينو. وتنصّ العقوبات على تجميد ممتلكات الخاضعين لها على الأراضي الأمريكية، والأهم من ذلك، منع البنوك الأمريكية من التعامل معهم.
وأكد التحقيق، أنه "عمليا، يعني ذلك أيضا أن الخاضعين للعقوبات سوف يواجهون صعوبات في التعامل مع البنوك الصينية، التي لا تريد من جهتها أن تكون هدفاً للعقوبات الأمريكية".
وأردف دميترينكو، "تجد السلطات الأمريكية صعوبة في فرض ضوابط تصدير على الشركات الصغيرة، التي تدير تجارة بين روسيا والصين، وخاصة تلك التي يمكنها تغيير أسمائها ومعلوماتها بسهولة".