مدونات

هل هذا هو التوقيت الصحيح؟

موسى زايد
"استغلال ما حدث لحزب الله اللبناني وانشغال إيران في حروب المنطقة"- جيتي
"استغلال ما حدث لحزب الله اللبناني وانشغال إيران في حروب المنطقة"- جيتي
عندما قامت ثورات الربيع العربي اتخذت الثورة السورية والثورة الليبية الطابع المسلح بفعل عوامل كثيرة؛ لعل أهمها طبيعة النظام القمعي المتسلط في الدولتين، (القذافي على رأس السلطة في ليبيا منذ العام 1969 ونظام البعث في سوريا حيث عائلة الأسد منذ نفس التاريخ تقريبا)، وكلا النظامين كانت له طبيعته الوحشية العنيفة. ومن أسباب عسكرة الثورتين أيضا انتشار أفكار العنف مع ظهور تنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش، وكان على رأس أسباب عسكرة الثورة في الدولتين المخططات الخارجية (حلف الناتو في ليبيا، وأمريكا وروسيا وإيران في سوريا).

في عام 2015 شددت التنظيمات المسلحة ضرباتها على قوات الأسد وتمددت في أنحاء سوريا حتى باتت تسيطر على قرابة 85 في المئة من الأراضي السورية، وأصبح نظام الأسد قاب قوسين أو أدنى من السقوط، ولكن سرعان ما تراجعت فصائل الثورة السورية حتى اضطرت الكثير منها إلى عقد اتفاقات مع قوات النظام وأخلت أماكنها وانتقل معظمها إلى الشمال في محافظة إدلب التي أصبحت مكتظة بالنازحين والفصائل.

تعددت أسباب هذا التراجع، فكان منها التدخل الروسي بسلاح الطيران وهو الذي غير المعادلة، يليه التدخل الإيراني وجلب المليشيات الشيعية من باكستان وأفغانستان وحزب الله في لبنان. وكان من أسباب التراجع أيضا تعدد أفكار وأيديولوجيات فصائل الثورة والتناحر الداخلي فيما بينها وتقاتلها على مناطق النفوذ، وبالكاد هي اتفقت على مواجهة نظام الأسد واختلفت فيما سوى ذلك.

ومن أهم أسباب هذا التراجع أن هذه التنظيمات كانت تعتمد في تسليحها على دعم بعض الدول العربية والغربية، وهي دول ليس من مصلحتها أن تسيطر هذه المجموعات على سوريا، فاتفقت إرادة أمريكا والناتو وروسيا وإيران على خطورة سيطرة هذه المجموعات على سوريا فتراجعت الدول العربية الداعمة وبدأت تصل حبال الود مع النظام من جديد، واستثمرت أمريكا في مجموعات الأكراد وأعطتها مناطق النفط في سوريا وزودتها بكم هائل من السلاح رغم اعتراض تركيا.

كل هذه العوامل جعلت هذه الفصائل تتقهقر سريعا وتفقد ما انتزعته من أراض من قوات النظام.

هذه الفصائل تحاول الآن استغلال طوفان الأقصى وما حدث لحزب الله اللبناني وانشغال إيران في حروب المنطقة، ولهذا فتحت جولة جديدة من القتال ضد نظام المجرم بشار.

هذه الجبهة في هذا التوقيت ستصب في صالح الكيان ونتنياهو بالدرجة الأولى، وقد لا تعود بفائدة تذكر على الفصائل في سوريا.

فهي من ناحية، ستخفف التغطية الإعلامية للحرب في غزة وتأخذ جانبا من الأنظار إلى الشمال، ولن تعدم إيران الوسيلة لجلب مقاتلين من أفغانستان أو من باكستان وربما من العراق، وهنا قد يتسع الصراع ويأخذ منحى آخر.

ثم إن تسليح هذه الفصائل يأتي من الدول الداعمة وهي دول ليس من مصلحتها انتصار الثورة في سوريا وإلا لساعدتها في 2015 وكانت على أبواب دمشق، ومن يملك السلاح هو من يوجه القرار.

كذلك تعدد مشارب وأفكار هذه الفصائل التي تعد بالعشرات وسهولة التحريش بينها مما قد يمنعها من تحقيق أي إنجاز.

ثم إن حسم المعركة مع المشروع الصهيوأمريكي إنما هو في فلسطين، فلو فشل هذا المشروع في فلسطين فسيتراجع في كل المنطقة، وهذا المشروع في الحقيقة هو الذي يقف عائقا أمام حصول الشعوب على حقوقها الاقتصادية والسياسية حتى تبقى ضعيفة ممزقة تابعة.

وفي الخلاصة فإن رأيي -والله أعلم- أن هذه الجبهة التي فتحتها قوى المعارضة في سوريا سيكون لها أثرها العكسي على طوفان الأقصى، وربما لن تحقق هذه الفصائل ما تصبو إليه.
التعليقات (0)