بمجرّد الإعلان عن "تحرير
سوريا"، بدأ اللاجئون
الفلسطينيون في مُختلف المخيمات يتشبّعون بأمل متجدّد في العودة إلى وطنهم.
بحسب آخر الإحصائيات لوكالة أونروا، هناك أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في "دول الشتات"؛ يعيش حوالي 70 في المئة منهم في المخيمات في خضم ظروف توصف بـ"الصعبة"، جرّاء تهجيرهم من أراضيهم قسرا إبّان نكبة عام 1948.
تكشف "عربي21" في هذا التقرير، عن التحولات التي شهدتها المخيمات الفلسطينية في دول الشتات، من الأردن وسوريا ولبنان إلى مصر..، وكيف أثرت التطورات الجارية في سوريا في تفكير اللاجئين بخصوص مستقبلهم وحقهم في العودة؟ وما هي أبرز التخوّفات التي يواجهونها من قبيل: تهميش قضيتهم؟
من المخيمات إلى آمال العودة
نسبة
اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن، قد بلغت حوالي 40 في المئة من إجمالي اللاجئين الفلسطينين، فيما بلغت هذه النسبة في لبنان وسوريا حوالي 8 في المئة و10 في المئة على التوالي، وذلك وفقا لأرقام حديثة.
ولأن هناك عددا من اللاجئين غير مسجلين، فإن هذه التقديرات تمثّل الحد الأدنى فقط لعدد اللاجئين الفلسطينيين، حيث لا يشمل هذا العدد من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب حزيران 1967. ولا يشمل أيضا كافة الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم خلال عام 1967 على خلفية الحرب آنذاك والذين لم يكونوا لاجئين أصلا.
أمل الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، لم يخفت يوما، لكنّه تجدّد مع فجر اليوم الأحد، جرّاء الإعلان عن تحرير سوريا، فخلق مشاعر تمزج بين الأمل والتطلّعات نحو غد أفضل، عقب سنوات من الغربة والتشريد. وهو ما ظهر في عدد من منشوراتهم التي جابت مواقع التواصل الاجتماعي.
الحرب السورية ضاعفت معاناة الفلسطينيين
مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، تضاعفت مأساة اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في المخيمات، والتي كانت تُعدّ ملاذًا آمنًا لهم، حيث كانوا يتمتعون بحقوق اجتماعية مميزة مقارنةً ببقية اللاجئين.
ومع تصاعد حدّة الحرب، التي دام أثرها لسنوات طوال، فقد واجه الفلسطينيون نزوحًا قسريا إضافيًا سواء داخل سوريا أو نحو دول أخرى، ما جعلهم يفقدون أمنهم المعيشي وحملهم أيضا على المزيد من التطلع للعودة إلى وطنهم.
إلى ذلك، تداولت وسائل الإعلام والنشطاء، العام الماضي، خبرًا، مفاده وقف بيع العقارات للفلسطينيين في سوريا. هذا القرار استدعى ردود فعل فلسطينية واسعة، إذ قدّم اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين في سوريا، مذكرة، لمطالبة النظام المخلوع، بالتراجع عن القرار، معتبرين إياه تهديدا مباشرًا لحقوق الفلسطينيين في سوريا.
وبموجب القانون رقم 260 لعام 1956، يُستثنى الفلسطينيون من قوانين الأجانب المقيمين في سوريا، وهو ما يضمن لهم العديد من الحقوق المدنية. فمن حيث التعليم والعمل والتجارة، كان اللاجئ الفلسطيني يعامل معاملة المواطن السوري في الكثير من الحقوق الاجتماعية، باستثناء الحقوق السياسية مثل: الانتخاب والترشح للبرلمان.
ورغم هذه الحقوق، بات الفلسطينيون يعيشون حالة من الترقب والخوف في ظل الوضع الأمني غير المستقر، الأمر الذي زاد من تواتر معاناتهم اليومية وأصبح لديهم شعور متزايد بأن العودة إلى وطنهم قد تكون الحل الوحيد لاستعادة حقوقهم وأمنهم المفقود.
اظهار أخبار متعلقة
لاجئو الجوار: معاناة تتحدى الحدود
معاناة اللاجئين الفلسطينيين لا تقتصر على سوريا فحسب، بل تشمل المخيمات في الدول المجاورة مثل لبنان والأردن ومصر.
في لبنان، يعاني الفلسطينيون من حرمانهم من معظم الحقوق الأساسية مثل حق العمل والحركة والتملك، ما يساهم في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بينهم.
وفي الأردن، فإنه رغم منح الفلسطينيين الجنسية، إلا أن بعض اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة لا يحصلون على نفس الحقوق، وهو ما يعمّق من معاناتهم.
أما في مصر، فقد كان اللاجئون الفلسطينيون يتمتعون بوضع قانوني خاص حتى منتصف السبعينيات، لكنّ تغيّر الأوضاع السياسية أدّى إلى تدهور هذا الوضع، حيث إنه لا يعترف بهم كلاجئين تحت رعاية وكالة "أونروا"، ويُعاملون كأجانب، ما يفرض قيودًا شديدة على إمكانية العمل والإقامة.
وعلى الرغم من اختلاف الواقع القانوني في الدول المضيفة، فإن جُل المخيمات فيها تتّسم بالهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، وتجمعها هموم الاكتظاظ السكاني والبنى التحتية المهترئة، ونقص الخدمات الأساسية وتراجع المستوى الصحي والتعليمي، مع ارتفاع نسب الفقر.
بين الأمل في العودة والخوف من التهميش
في ظل كافة التطورات المُتسارعة التي تعيش على إيقاعها المنطقة العربية، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في قلب كافة المخيمات يعانون جُملة من التحديات، إذ بات كثيرون منهم يشعرون بأن القضية الفلسطينية قد تم تهميشها أمام أولويات أخرى، مثل الصراعات الإقليمية والتغيرات السياسية.
هذه الأوضاع تثير قلقاً كبيراً في نفوس اللاجئين الفلسطينيين، الآملين في معانقة العودة إلى وطنهم، خاصة مع نثر فرحتهم جرّاء تحرير سوريا على حساباتهم في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات القليلة الماضية.
تحرير سوريا قد يؤثّر بالنسبة لعدد من اللاجئين الفلسطينيين في "دول الشتات"، إذ يعتبر البعض أن هذا التطور يمثل بداية لتغيرات سياسية قد تسهم في تحسين أوضاعهم كما أنه يفتح لهم أفقًا جديدًا للعودة إلى وطنهم.
الأونروا واللاجئون الفلسطينيون: تحديات مستمرة
في ظل استمرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، لا يزال دور الأمم المتحدة ووكالة الأونروا أساسيا في تقديم الدعم الإنساني للاجئين.
وعلى الرغم من كافة الجهود المبذولة، فإن "الأونروا" باتت في خضمّ حرب الإبادة الجارية على قطاع غزة المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي، تواجه تحديات جمّة، مثل نقص التمويل، وضغوطات سياسية، ناهيك عن الاضطرابات الأمنية التي تؤثر على عملياتها في مناطق عدة.
ومع تزايد أعداد اللاجئين، فقد باتت المطالب لتحسين استجابة المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية، تتضاعف، سواء من خلال زيادة الدعم المادي أو تعزيز المساعدات التعليمية والصحية، خاصة في ظل الظروف المتغيرة والمتسارعة في المنطقة.
اظهار أخبار متعلقة
إلى ذلك فقد أصبحت المساعدات الدولية أكثر أهمية من أي وقت مضى. فيما يظل دعم المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية حجر الزاوية في مساعدة كافة اللاجئين. ويشمل ذلك مشاريع تنموية توفر فرص عمل وتدريب مهني للاجئين، بغية تحسين قدراتهم على التكيف في بلدان الشتات، إلى حين عودة قريبة إلى فلسطين.
وإن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، تظل جزءا من أمل لا يموت، في العودة إلى وطنهم الجريح.. رغم الصعوبات السياسية والإنسانية التي تواجههم. وإن تحرير سوريا أعاد لهم معانقة الحلم.