بعد 32 عاما على انشائه، لا يبدو مجلس التعاون
الخليجي في احسن حالاته مع تفاقم الانقسامات الداخلية بين اعضائه والازمة في العلاقات مع الحليف التاريخي واشنطن فضلا عن الارتباك ازاء ايران التي تعزز موقعها.
ومشروع
الاتحاد الخليجي الذي يبحثه قادة مجلس التعاون الثلاثاء والاربعاء في قمتهم في الكويت يهدف الى تحقيق خطوة نوعية مقابل الانتكاسات الكثيرة بحسب محللين، الا انه بدوره قد يزيد من الشرخ مع تهديد سلطنة
عمان بالانسحاب في حال اعلان الاتحاد.
وقال المحلل السياسي المقيم في باريس انطوان بصبوص مدير مرصد الدول العربية "مجلس التعاون الخليجي يعيش عدة ازمات داخلية وجيوسياسية، من الانقسامات بين الدول، الى الغضب السعودي الكبير ازاء السياسة الاميركية بعد تحالف استمر 68 عاما، وصولا الى التفاوت في الموقف من ايران" بعد الاتفاق النووي مع الدول الكبرى.
وتؤكد مصادر سياسية ومحللون ان الشرخ السعودي
القطري كبير في ملفي مصر وسوريا.
وفي هذا السياق، قال بصبوص ان "
السعودية وقطر على طرفي نقيض في الملفين المصري والسوري" فيما "الامارات الى جانب السعودية".
ودعمت السعودية والامارات والكويت بقوة عزل الجيش المصري للرئيس المصري المنتخب محمد مرسي فيما تعد قطر داعمة للإخوان.
كما تدعم السعودية وقطر فصائل سورية معارضة مختلفة ومتناحرة احيانا.
واضطر امير الكويت لرعاية قمة سعودية قطرية كويتية الشهر الماضي في الرياض لتأمين الحد الادنى من الاجواء الملائمة لانعقاد القمة الخليجية في الكويت.
وقال مصدر خليجي مطلع لوكالة فرانس برس ان القمة الثلاثية جاءت في اعقاب طلب سعودي من دول مجلس التعاون "ادانة تصرفات" قطر في مصر واليمن.
في المقابل، اكد مصدر خليجي آخر لوكالة فرانس برس ان العلاقات بين قطر والامارات سيئة بسبب اتهام قطر بدعم الاخوان المسلمين بما في ذلك داخل دول الخليج.
وكأن كل تلك المواجهات الداخلية الصامتة لا تكفي، فقد اعلن وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي السبت خلال مؤتمر للامن الاقليمي في المنامة ان بلاده ضد قيام الاتحاد الخليجي الذي تطرحه السعودية، وهدد بالانسحاب من المجموعة في حال قيام الاتحاد في خطوة مفاجئة لا تتماشى مع الطبيعة الهادئة والمتكتمة للدبلوماسية العمانية.
وردا على الموقف العماني المفاجئ، قال الرئيس السابق للمخابرات السعودية الامير تركي الفيصل خلال المؤتمر نفسه في المنامة "لعمان كل الحق في التعبير عن رايها ولكن ذلك لن يحول دون قيام الاتحاد لان مواطني المنطقة يريدون الاتحاد" مضيفا "الاتحاد لا محال منه ويعود لهم ان يقرروا ما اذا كانوا يريدون ان ينضموا الان او لاحقا".
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الاماراتي عبدالخالق عبدالله "ان عمان لا تريد ان تكون جزءا من اي خطوة يمكن ان ينظر اليها على انها موجهة ضد ايران".
وتتمتع السلطنة بعلاقات جيدة تاريخيا مع ايران، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها مع ايران في اسوأ مراحل العلاقات الخليجية الايرانية.
كما يعتقد ان السلطنة لعبت طوال سنوات دور قناة التواصل بين الولايات المتحدة وايران، وهي استضافت في الاشهر الاخيرة المفاوضات السرية التي افضت الى اتفاق جنيف بين ايران والدول الكبرى والذي حصلت الجمهورية الاسلامية بموجبه على تخفيف للعقوبات مقابل تعليق بعض النشاطات النووية.
وقال انطوان بصبوص في هذا الاطار "ان سلطنة عمان تخشى ان تفقد في الاتحاد خصوصيتين هامتين جدا لها: الخصوصية الثقافية والخصوصية السياسية".
ولطالما اعتبرت سلطنة عمان نفسها متمايزة ثقافيا وطائفيا مع وجود الطائفة الاباضية فيها، كما انها لطالما تمسكت بهامش من الاستقلالية الدبلوماسية التي تسمح لها خصوصا بالابقاء على علاقات وثيقة مع ايران.
وترحب البحرين والكويت وقطر بالاتحاد الذي اقترحت السعودية اقامته في خضم الربيع العربي عام 2011، فيما الامارات ترحب من حيث المبدأ وانما تفضل عدم التسرع في اعلان الاتحاد بحسب المصدر الخليجي.
الا ان بصبوص يرى ان "دولا مثل قطر وان رحبت بالاتحاد، الا انها تخشى ان يضعها الاتحاد كليا تحت النفوذ السعودي، وهو الامر الذي سعت جاهدة طوال سنوات لتجنبه".
وبعد تحقيق طهران انجاز الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، سعى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى طمأنة دول الخليج وزار الكويت وقطر وسلطنة عمان والامارات، الا انه لم يزر السعودية بالرغم من اعلانه مرارا وتكرارا رغبته بزيارتها.
وقال بصبوص "السعودية مستاءة وغاضبة جدا من التقارب الايراني الاميركي وتعتبر انها طعنت في الظهر" من قبل واشنطن.
الا ان دولا خليجية اخرى "تهافتت للتعامل مع العنصر السياسي الجديد بالنسبة لوضع ايران" على حد قوله.
واكدت الامارات بالرغم من خلافها مع ايران حول الجزر الثلاث، ان رئيسها الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان قبل دعوة لزيارة طهران دون تحديد موعد للزيارة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، لم ينجح مجلس التعاون حتى الآن في تحقيق الاتحاد الجمركي او العملة.