وصل
الحوار الوطني باليمن إلى فصله الأخير، لكنه لا يزال حائرًا في صياغة شكل الدولة؛ فبينما يتمسك الشماليون بالوحدة، فإن القوى الجنوبية منقسمة بين من يدعو للانفصال ومن يدعو للمشاركة العادلة في السلطة والثروة.
وتشير مداولات مؤتمر الحوار الذي تعثر في وقت سابق بانسحاب مجموعة من القيادات الجنوبية على رأسها محمد علي أحمد، إلى انقسام بين الأطراف الشمالية والجنوبية.
وفي حين تطالب شخصيات جنوبية بحكم ذاتي واسع وفيدرالية من إقليمين، ترى القيادات الشمالية أن هذا المطلب يمثل خطوة نحو الانفصال وإنهاء الوحدة بين
اليمنين الشمالي والجنوبي التي دشنت عام 1990.
لجنة (8+8) المنبثقة عن فريق القضية الجنوبية ضمن الحوار الوطني، التأمت الاثنين الماضي وبدأت مباحثاتها التفاوضية حول الشكل الأنسب للدولة الجديدة في اليمن.
والتأمت اللجنة بأعضائها الجدد بعد اختيار رئيس جديد واستبدال الممثلين السابقين بممثلين جدد، وذلك بعد إعلانهم الانسحاب نهائياً من مؤتمر الحوار الأربعاء 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
يقول مستشار الرئيس اليمني للدراسات الاستراتيجية فارس السقاف، إن الرئيس عبدربه هادي منصور "حسم الموضوع بعبارات صريحة، بأن الدولة ستكون اتحادية من عدة أقاليم، ما يعني أن شكل الدولة الجديدة لليمن حسم على هذا الأساس".
وأوضح السقاف في حديث خاص لــ"عربي21" أن هذا التوجه هو الذي سيتم الاتفاق عليه داخل لجنة (8+8) المنبثقة عن فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار، وبالتالي فإنه سيتم عرضه على الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار لإقراره، "حتى نتمكن من إنهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل قبل نهاية كانون الأول/ ديسمبر الجاري".
وتوقع السقاف أن "يكون الأسبوع القادم حاسماً لقضية شكل الدولة المثير للجدل، وستترك الكيفية التي ستكون عليها، لما بعد مؤتمر الحوار الوطني ليحسم خلال الفترة التأسيسية القادمة".
في المقابل، شدد الدكتور أحمد ياسين عضو الحراك الجنوبي، المنسحب من مؤتمر الحوار، على أن خيار الدولة الاتحادية ذات الأقاليم المتعددة مرفوض جملة وتفصيلا من قبل الشارع الجنوبي، الذي لا يقبل بأقل من استعادة الدولة وفك الارتباط.
ويعتقد ياسين أن "خيار الفيدرالية من إقليمين، شمالي وجنوبي، هو تنازل عن خيار فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية، الذي نادى به الحراك منذ انطلاق مؤتمر الحوار".
وأكد ياسين أن خيار الأقاليم المتعددة "سيلقى مقاومة من قبل أبناء الجنوب، وبسلمية تامة، حتى يتمكنوا من تحقيق الهدف الذي يسعون إليه، وهو حق تقرير المصير وفك الارتباط مع الشمال" على حد قوله.
واعتبر ياسين أن أيّ موافقة من قبل أعضاء الحراك الجنوبي المشاركين بمؤتمر الحوار على الفيدرالية من عدة أقاليم، خيانة للقضية الجنوبية.
من جانبه يرى سلطان الرداعي عضو "فريق بناء الدولة" بمؤتمر الحوار الوطني أنه "ليس لأحد الحق المطلق بالتحدث باسم الجنوب أو باسم الشمال".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "من أبناء الجنوب من يرفضون فكرة الإقليمين، ويطالبون بفك الارتباط، وبالمقابل فإن هناك من يطالب بإقليمين، وهناك من يطالب بخمسة أقاليم"، وأشار إلى أن "المعيار الحقيقي للقبول أو الرفض من قبل أبناء المحافظات الجنوبية للخيارات السابقة هو الاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد؛ والذي ستبين نتائجه إلى أي خيار يميل الشارع الجنوبي".