يرى
إليوت أبرامز احد أعمدة المحافظين الجديد في إدارة جورج بوش، والباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أن
تونس هي "الأمل الأخير للربيع العربي".
وفي مقال نشره موقع المجلس، قال أبرامز إن هذا الربيع لم يؤد إلى انتشار الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي "والذي كان الدافع الحقيقي" لاندلاعه.
ويضيف موضحا "لا مصر أو سورية ولا ليبيا حصلت على الظروف التي حلم كل واحد بتحققها، وفي الوقت نفسه لم ينتشر الإصلاح في ممالك الخليج، لكن تونس لا تزال الأمل".
ويقول إن "تونس التي لبس فيها الربيع ثوبه، بدأت فيها الثورة فعلا بالإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/ يناير 2011. ومنذ ذلك الحين كان الطريق صعبا وشهد عنفا (لا يقارن بما حدث في سورية ومصر وليبيا)".
وينقل أبرامز ما كتبه ديفيد بولوك من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى معلقا على استقالة حكومة النهضة هذا الأسبوع كجزء من صفقة تم التوصل إليها، حيث قال بولوك: "تعتبر مناسبة نادرة، وربما أول مرة تحدث أن يتنازل حزب إسلامي طوعا عن السلطة السياسية بدون حدوث حرب أهلية، عنف جماهيري أو تدخل عسكري من أي نوع. كان تلك حالة النهضة، وهي التي قادت ائتلافا بعد فوزها بانتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2011 بنسبة 40 % من الأصوات في مرحلة ما بعد الثورة، لكنها تعرضت لضغوط شعبية متزايدة للتنازل عن السلطة والسماح بعقد انتخابات في ظل حكومة غير حزبية".
ويرى أبرامز أن "مهد
الربيع العربي يقدم دروسا هامة للمنطقة وهي أنه "يمكن، أقله من ناحية المبدأ، أن تقوم حكومة إسلامية منتخبة بالتنازل عن السلطة بشكل سلمي".
ويعتقد أن ما ساعد على تحقيق هذه الخطوة هي طبيعة المجتمع التونسي، العلماني بالمعايير الإقليمية، مما يجعل من تونس نموذجا لجيرانها، وهذه الميزة هي التي حرمت الإسلاميين من الحصول على غالبية في أول انتخابات حرة قبل عامين.
وأشار الكاتب إلى التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" قبل يومين عن "هذا البلد الصغير في شمال إفريقيا والذي يعبِّد طريقا جديدا، ويقدم نموذجا بعقد صفقة بين عدوين لدودين (الإسلاميون والعلمانيون)، والثناء يستحقه قادة الطرفين وهما: الإسلاميون في النهضة الذين مثّلهم الشيخ راشد الغنوشي، والعلمانيون الذين مثّلهم رئيس الوزراء المؤقت السابق الباجي قايد السبسي، زعيم حزب "نداء تونس"، واللذان يحمل كل منهما رؤية مختلفة للبلد".
ويعلق أبرامز "في الوقت الحالي وجد الطرفان رؤية نأمل أن تدوم، لأن الانقسام في تونس عميق بين العلمانين والإسلاميين. بين الذين تعاونوا مع النظام القديم والذين عاشوا في المنفى، وحتى بين القرية والمدينة".
ويضيف "تظل تونس كما يقول الكاتب "بلدا حديثا، فيه طبقة متوسطة كبيرة، وعلاقات قوية مع أوروبا، ودور كبير للمرأة أكثر مما في دول العالم العربي الأخرى، وتملك تونس إمكانية مواصلة السير على المسار الديمقراطي".
ويختم بالقول إن "التوصل لهذه الصفقة لم يكن سهلا، ولكن إن نجحت، فإنها ستذكّر العالم بالأهداف التي خرج من أجلها الكثيرون في الثورات العربية (كرامة وعدالة وأمل في تحقيق الديمقراطية)، ويجب أن نفرح للتونسيين ونتطلع لما يمكن أن تقدمه الولايات من دعم اقتصادي وسياسي، ومساعدة من المؤسسات النقدية الدولية، فالعرب بحاجة إلى نموذج ديمقراطي ناجح".