زاد الظهور الجديد للرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة (76 عاما)، الأسبوع الجاري، من درجة الغموض السياسي الذي تعيشه البلاد، بتجاهله الحديث عن مشروع تعديل الدستور، وانتخابات الرئاسة المقررة في أبريل/ نيسان القادم، خلافا للتوقعات التي سبقت هذا الظهور بحدوث انفراج للوضع، وفقاً لما يراه مراقبون.
الإعلان عن الاجتماع الذي عقده بوتفليقة في مجلس الوزاء، الإثنين الماضي، صاحبه تحليلات في وسائل الإعلام المحلية، ولدى مراقبين تفيد بأن الاجتماع سيشهد الإعلان عن مشروع تعديل الدستور الذي أعدته لجنة خبراء قانونيين قبل أشهر وأودعته لدى الرئاسة.
كما ذهبت التوقعات إلى إدلاء بوتفليقة بتصريحات بشأن
انتخابات الرئاسة القادمة ترفع الغموض الحاصل في الساحة بشأن قضية ترشّحه أو مغادرته الحكم، وكذا موقفه من مطالب المعارضة بإنشاء لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات بدلاً من وزارة الداخلية، إضافة إلى مطلبها بحكومة توافق، بدلا من حكومة عبد المالك سلال، كـ"ضمانات لنزاهة الانتخابات".
لكن بوتفليقة، وفي ظهوره باجتماع مجلس الوزراء، تجاهل مطلب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بتعديل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة، كما لم يتطرق بالحديث لهذا الحدث المهم وهو الانتخابات الذي تنتظره البلاد.
واكتفى بوتوفليقة أمام وزرائه بالتأكيد على ضرورة احتواء الاشتباكات المذهبية التي شهدتها محافظة غرداية، وأعلن دعمه للزيارات التي يقوم بها رئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى المحافظات، رغم انتقاد المعارضة للخطوة التي اعتبرتها "حملة دعائية مسبقة لترشيح بوتفليقة لولاية رابعة".
وشهدت مدينة القرارة، الشهر الماضي، مواجهات مذهبية بين سكان ينتمون إلى قبيلة "الشعانبة" العربية، وآخرين من الميزابيين الأمازيغ الأباضيين، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 100 جريح، بينهم 40 شرطيًّا، بحسب مصادر طبية، وتخريب واسع للممتلكات والمحلات التجارية.
ويقترب بوتفليقة من إنهاء ولايته الثالثة في أبريل/ نيسان القادم، غير أنه لم يعلن حتى الآن ترشحه لولاية رابعة رغم ترشيحه رسميًا من قبل حزبه الحاكم، ويحق لبوتفليقة الترشّح لولاية رابعة، بحكم أن الدستور الحالي ينص على أن رئيس الجمهورية يمكنه الاستمرار في الحكم لولايات غير محددة.
ولا يخوض بوتفليقة في الشأن السياسي إلا نادرًا، وخاصة منذ تعرّضه لوعكة صحية في أبريل/ نيسان الماضي، حيث يرى مراقبون أنه "يستغل في كل مرة اجتماع مجلس الوزراء والذي عقد مرتين فقط عام 2013 بسبب المرض، لتمرير رسائل سياسية".
ويقود حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، حملة منذ أشهر؛ للمطالبة بتعديل الدستور قبل انتخابات الرئاسة، "من أجل توسيع صلاحيات البرلمان لتمكينه من الرقابة على عمل الحكومة، ما يخلق توازنًا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية"، حسب أمينه العام عمار سعداني.
ورفضت أحزاب وشخصيات معارضة تنضوي تحت لواء تكتل سياسي معارض يسمى "مجموعة العشرين"، مشروع تعديل الدستور، وقالت إن هدفه الرئيسي هو "استحداث منصب نائب للرئيس يحل محل بوتفليقة، الذي مازال يعاني من المرض، في الإشراف على حملته الدعائية للظفر بولاية رابعة، وكذا تسيير شؤون البلاد بعد الانتخابات".
وأعلن الحزب الحاكم منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ترشيح بوتفليقة رسميًّا لانتخابات الرئاسة، ودعمه ثاني أكبر حزب في الجزائر، التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده عبد القادر بن صالح، الرجل الثاني في الدولة، رئيس مجلس الأمة، معتبرًا أن بوتفليقة هو "الضمان الوحيد للحفاظ على استقرار ووحدة البلاد".
كما أعلن الحزب الثالث في الحكومة، وهو تجمع أمل الجزائر، بقيادة وزير النقل عمار غول، دعمه لولاية رئاسية رابعة لبوتفليقة، شأنه شأن حزب الحركة الشعبية، بقيادة وزير الصناعة عمارة بن يونس.
كما أعلن "التكتل التوافقي"، الذي يضم 5 أحزاب سياسية، يوم 29 كانون الأول/ ديسمبر 2013، دعمه ترشح بوتفليقة لولاية رابعة؛ لـ"إكمال المشاريع السياسية والاقتصادية التي بدأها".
ويرى الصحفي الجزائري المتخصص في الشأن السياسي، محمد مسلم، أن "السلطة أجّلت على ما يبدو مشروع تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وهو المطلب الذي كان ولا يزال من مطالب المعارضة، وبذلك يكون الرئيس قد استجاب لها رسميًّا، وهذا الأمر لا يؤثر على إمكانية ترشّحه إن سمحت له ظروفه الصحية بذلك".
ومضى مسلم معتبرا أن "الصمت عن تعديل الدستور قد يكون رسالة إلى المعارضة بالتخلي عن مطلب آخر أكثر أهمية، وهو إسناد الانتخابات إلى هيئة مستقلة وإبعادها عن وصاية وزارة الداخلية".
وبشأن الغموض السياسي الذي تعرفه الساحة، رأى أن "بوتفليقة ليس من مصلحته، من باب الحسابات السياسية الشخصية، الكشف عن جميع أوراقه حالياً، حتى لا تبدو الانتخابات مغلقة كما تقول المعارضة بحكم أن إعلان نيته الترشح سيجعله الأوفر حظاً للفوز بها".