أبدت المديرة التنفيذية لمركز ابن خلدون دهشتها من نتائج استطلاع قام به مركزها مؤخرا.
مبعث دهشة داليا زيادة أن 9% فقط من
المصريين، يريدون أن يكون الفريق عبد الفتاح السيسي هو الرئيس القادم.
ولم تخف وسائل إعلام مصرية مؤيدة لما جرى يوم 3 تموز/ يوليو دهشتها كذلك، حيث وصفت صحيفة "المصريون" نتائج الاستطلاع بأنها "مفاجأة من العيار الثقيل".
زيادة علقت على ذلك بقولها: كنا نتوقع أن المزاج العام في مصر يميل إلى تمكين شخصية عسكرية.
توقعات زيادة بنيت على أساس الضخ الإعلامي الهائل في مصر نحو تمجيد الفريق السيسي وما فعله منذ 3 تموز/ يوليو الماضي.
وأشار استطلاع المركز الذي يرأسه أستاذ علم الاجتماع السياسي سعد الدين إبراهيم، إلى أن 61% من المصريين يريدون رئيسا مدنيا.
ولم يعد أحد في مصر أو خارجها يناقش في سطوة الإعلام المصري وقدرته الكبيرة في تشكيل الرأي العام، خصوصا بعد الأحداث التي شهدتها مصر في الشهور الأخيرة من حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، لدرجة أن مثقفا وإعلاميا أردنيا بارزا يعتقد أن "الإعلام المصري بات هو من يقرر مسيرة الأحداث".
ويضيف وزير الإعلام الأردني الأسبق طاهر العدوان: "تحولت فضائيات مصرية ومقدمو برامج سياسية إلى قادة للرأي العام، لهم تأثير أكبر من تأثير قادة الأحزاب".
لكن نتائج استطلاع رأي مركز ابن خلدون ومراكز أخرى، تلقي شيئا من الشك على نظرية سطوة الإعلام المصري، وتدفع إلى نقاش النظرية، لا تقبّلها على شكل مسلّمات.
ففي الوقت الذي يسعى فيه الإعلام المصري لشيطنة جماعة الإخوان المسلمين ووصمها بالإرهابية، نقلت وسائل إعلام عربية نتائج استطلاع أجرته منظمة "إنفورم إي يو" الدولية في بروكسل، جاء فيه أن 79 % من المصريين يرون أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين "تنظيم سلمي"، في حين رأى 12% أنه "تنظيم متطرف".
وخلص الاستطلاع الذي أجري في الفترة ما بين 20 و27 آب/ أغسطس الماضي، على عينة مكونة من 1211 شخصًا، من 11 محافظة مصرية، إلى ارتفاع شعبية جماعة الإخوان المسلمين.
واستنادًا إلى نتائج الاستطلاع، فإن نتيجة الإجابة عن سؤال "لو جرت انتخابات حاليًا في مصر لمن ستعطي صوتك؟"، أظهرت أن جماعة الإخوان المسلمين تحظى بشعبية 57% من المستطلعين، في حين حصلت الأحزاب الليبرالية والمدنية على نسبة 29%.
استطلاع آخر أجراه المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" في القاهرة عقب فض اعتصام رابعة العدوية، أظهر أن 79% من المصريين يرون أنّ ما جرى هو جريمة ضد الإنسانية، وحمل 73% من المصريين الفريق السيسي المسؤولية عن تلك الجريمة.
وأجريت الدراسة يومي 15و16 آب/ أغسطس، على عينة مكونة من 3678 شخصا.
الاستطلاع الأكثر دهشة كان الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة زغبي البحثية لاستطلاعات الرأي، مؤسسة أمريكية، فقد أشارت نتائجها إلى ارتفاع شعبية جماعة الإخوان المسلمين في مصر من 23% إلى 34% في الوقت الذي تراجعت فيه الثقة في مؤسسة الجيش من 91% في تموز/ يوليو إلى 70% في أيلول/ سبتمبر.
وعلى صعيد القادة السياسيين، فقد أشار الاستطلاع الذي حصل موقع "عربي 21" على نسخة منه، إلى ارتفاع شعبية مرسي بعد الانقلاب إلى 44% مقابل 35% في أيار /مايو الماضي. ووصلت شعبية السيسي إلى 46%، فيما لم تتجاوز الثقة في الرئيس المؤقت عدلي منصور نسبة الـ 29%، فيما رفضه ما نسبتهم 58%.
وانخفضت نسبة مؤيدي حزب النور حسب الاستطلاع إلى 10% مقابل 86% لا يثقون فيه. ومثله جبهة الإنقاذ التي تدنى تأييدها إلى 13% بينما رفضها 84% وأعربوا عن عدم الثقة فيها. وحركة تمرد عانت بدورها من تراجع الثقة، فقد رفضها 62% من المصريين مقابل 35% أيدوها. أما نسبة المصريين الذين ليست لديهم ثقة في أي حزب فقد بلغت في شهر أيلول/ سبتمبر 17% بعد أن كانت في شهر أيار/ مايو 39%.
ويعتقد أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة بسيوني حمادة أن الإعلام المصري لا يزال يشكل الوعي لدى المصريين، خصوصا عندما تحتكر السلطة الكلمة المكتوبة والمذاعة والمرئية، وتغيّب الرأي الآخر، وتغيّب الدقة والموضوعية.
ويقر حمادة في حديثه لـ "عربي21"، بسطوة الإعلام المصري خصوصا والعربي عموما، وقدرته على توجيه الأحداث وقلب وتشويه الحقائق في ظل ما يصفه بغياب الوعي العربي.
ورغم اعتراف حمادة بسطوة
وسائل الإعلام وتشكيكه بوجود مراكز استطلاعات تتوفر على الحد الأدنى من شروط الموضوعية، إلا أنه يعترف بأن الرأي العام وفي لحظة معينة وأمام لحظة القتل والإجرام يمكن أن يتغير باتجاه معاكس لما يريده الإعلام، كما أن وسائل التواصل الحديثة (فيسبوك، تويتر، واتس أب)، ووسائل الاتصال المباشرة لها دور فعال في تقليص سطوة وتأثير وسائل الإعلام التقليدية، وفق حمادة.
ويرى مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن الدكتور عزام التميمي، أن نتائج الاستطلاعات تلك يمكن قبولها، ويقول بحذر لـ "عربي21"، إن "هذه الدراسات يمكن في أقل تقدير اعتبارها مؤشراً على فشل الإعلام المؤيد للانقلاب في غسل أدمغة أغلبية الناس، بالمقابل لا يوجد دراسات يمكن اعتبارها مؤشراً على العكس".
ويعتقد التميمي أن هذه الدراسات "قيّمة".
ويتفق معدو
استطلاعات الرأي تلك، أن نتائج دراساتهم تخالف رأي غالبية المحللين والمتابعين للشأن المصري، لكنهم يعتقدون أنهم قاموا باستطلاعات علمية.
وتضفي نتائج استطلاعات الرأي تلك غموضا على مصير
الاستفتاء على الدستور المقرر إجراؤه في 14 و15 كانون ثاني/ يناير الجاري. وقد تكون نتيجته -إذا استبعدنا تلاعب السلطة- صدمة مروعة لسلطات الانقلاب ووسائل الإعلام المؤيدة له.