شهد التصويت على التعديلات
الدستورية إقبالا ضعيفا من قبل الناخبين في اليوم الثاني للاستفتاء الأربعاء، وبدا ذلك ملحوظا في العديد من اللجان بمختلف المناطق، خاصة محافظات الصعيد.
وخلت غالبية اللجان من الطوابير التي شهدتها الاستحقاقات الانتخابية الخمسة السابقة التي تلت ثورة يناير، وسط حضور أمني مكثف فاق في كثير من الأحيان أعداد الناخبين أنفسهم.
محاولات لجذب الناخبين
ولجأت السلطات إلى عدة وسائل قديمة لمحاولة زيادة الإقبال على التصويت، يعرفها
المصريون جيدا منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، منها قيام الفرق الموسيقية التابعة للقوات المسلحة بتنفيذ عروض فنية أمام مقر العديد من اللجان. كما طافت عدد من السيارات المحملة بمكبرات الصوت معظم الشوارع تدعو المواطنين للمشاركة في
الاستفتاء.
كما قامت المنظمات العمالية وأصحاب المصانع المرتبطين بنظام مبارك في حشد العاملين بشركاتهم بحافلات للمشاركة في الاستفتاء علي الدستور والتصويت بنعم. وأعلنت جمعية مستثمري مدينة العاشر من رمضان توفير وسائل نقل مجانية لتوصيل العمال للجان الاقتراع.
وتواصلت لليوم الثاني ظاهرة رقص المواطنين أمام عدد من اللجان علي أنغام أغنية "تسلم الأيادي"، رافعين صور وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي.
حشود زائفة وغياب السلفيين
ورصد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وجود حشود جماهيرية زائفة أمام اللجان بعدة مناطق، ليتم تصويرها أمام وسائل الإعلام.
ولجأت السلطات لعدة حيل لإظهار إقبال أكبر من الواقع أمام اللجان، منها تجميع عدد كبير من مؤيدي الدستور أمام لجان بعينها للتظاهر والهتاف للجيش والشرطة.
كذلك كشف مراقبون عن أن وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب كانت تنقل صورا حية فقط من لجان الوافدين، وهي اللجان التي خصصتها اللجنة العليا للانتخابات داخل كل محافظة للمغتربين، وتشهد هذه اللجان زحاما بسبب قلة عددها حيث توجد في المحافظة الواحدة بضعة لجان فقط مخصصة لتصويت مئات الآلالف من الناخبين، وهو ما يجعلها مضمونة من حيث الإقبال عليها، ويتم تصويرهم إعلامياً والتأكيد على أن نسبة الإقبال كبيرة.
وكان من الملاحظ أيضا في اليوم الثاني ضعف المشاركة الواضح من السلفيين، والذين يعرفون من مظهرهم الخارجي حيث يطلق الرجال لحاهم فيما ترتدي النساء النقاب.
وتعليقا على غياب السلفيين في عمليات التصويت، قال نائب رئيس الحزب نادر بكار إنهم نظموا حملات لتحفيز المواطنين للنزول والموافقة على الدستور في آخر أيام الاستفتاء، وإن النتائج سوف تظهر وجود السلفيين.
ويرى مراقبون أن حزب النور فشل في حشد قواعده للمشاركة في الاستفتاء، رغم بذله مجهودات لذلك، مرجعين ذلك إلى مواقف كبار شيوخ الدعوة السلفية الذي دعوا لمقاطعة الاستفتاء، ما تسبب في إحجام قطاع عريض من السلفين عن المشاركة أخذا بفتوى الشيخ أبي إسحاق الحويني.
تضارب نسب المشاركة
ووسط تضارب التقديرات حول نسب المشاركة في الاستفتاء، خرج وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب بتصريح غريب، حيث أكد أن أن نسبة الإقبال وصلت لـ80 % ومن المتوقع ان تصل لـ100 %، بالمقارنة بدستور 2012.
وأضاف لبيب، خلال مؤتمر صحفي الأربعاء، أنه تم زيادة لجان الوافدين فى عدد من المحافظات لزيادة نسبة المشاركة في التصويت.
من جهته، قال التحالف المصري لمراقبة الانتخابات، الذي يضم 128 منظمة حقوقية مصرية، في بيان الأربعاء إن "عمليات التصويت في اليوم الثاني للاستفتاء كانت أقل من اليوم الأول، وأن الإقبال كان ضعيفا على مراكز الاقتراع في مختلف المحافظات حتى ظهر الأربعاء".
وأكدت صحيفة التليجراف البريطانية أن أغلب لجان الانتخابات كان فارغا الأربعاء، بسبب مقاطعة أنصار ومؤيدي جماعة الاخوان المسلمين وقطاع كبير من الشباب والناشطين السياسيين للاستفتاء.
وقال المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" إن المتوسط العام للمشاركة في الاستفتاء 8% تقريبا.
توجيه ونقل الناخبين
ورصدت مراكز حقوقية عددا من التجاوزات في اليوم الثاني للاستفتاء على التعديلات الدستورية، كان أبرزها وقف التصويت لاستبدال عدد من القضاة الذين وجهت إليهم تهم بتوجيه الناخبين، وتأخر فتح اللجان، أو وقفها من أجل تناول وجبة الغداء، أو النقل الجماعي للناخبين.
كما تعددت الاتهامات التي تخص توجيه عدد من القضاة للناخبين والموظفين الإداريين للتصويت بـ"لا" أو نعم على الدستور.
واستمرت الدعاية للتصويت بـ"نعم" للدستور وصور السيسي داخل وخارج معظم اللجان دون أن يتدخل أحد من القضاة أو قوات التأمين لمنعها.
وقال التحالف المصري لمراقبة الانتخابات إنه "تم رصد عدد من الانتهاكات التي تنوعت بين التأخير في اللجان، ومحاولات التأثير على إرادة الناخبين والدعاية الانتخابية ووجود بعض الأخطاء داخل مراكز التصويت".
الصناديق حملت سفاحا
من جانبه، أكد التحالف الوطني لدعن الشرعية مقاطعة الشعب المصري للمشاركة في الاستفتاء لليوم الثاني على التوالي، مشددا على عدم شرعية الانقلاب العسكري.
وأوضح التحالف في بيان له الأربعاء أن ما رصده أعضاؤه والجهات المحايدة المنصفة يتفقان على سقوط "استفتاء الدم"، وأن المتوسط العام للمشاركة في الاستفتاء الثلاثاء بلغ 8% تقريباً، وأن نسبة الحضور حتى عصر الأربعاء اليوم تكاد تكون منعدمة.
وتابع البيان: "إن الصناديق التي تركت في أحضان الفساد ليلا، حملت سفاحا بملايين الأصوات الزائفة، كعادة عصابة مبارك التي لم تعرف استحقاقا إلا بطعم التزوير، وما حدث من تزوير ممنهج على مدار اليومين يضيف جرائم جديدة لسجل الانقلاب".