بعد عام من غيابه عن المشهد السياسي في سورية وسط تكهنات حول مكان وجوده، عاد المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية
جهاد مقدسي للظهور في دبي حيث التقت معه صحيفة "
نيويورك تايمز" هناك.
وقالت الصحيفة إنه مع قرب انعقاد مؤتمر السلام في سويسرا هذا الأسبوع خرج مقدسي للعلن مع أنه لا يزال كما تقول متشككا في الانتفاضة المسلحة، ولكنه مع ذلك يريد تغييرا في بلاده.
وقدم مقدسي نفسه بأنه يعبر عن صوت الغالبية الصامتة أو المركز الذي لا يثق بالمعارضة المسلحة.
وقال إن ما دفعه في المقام الأول للرحيل عن سورية أو تركه وظيفته هو "الشعور بأنه لم يعد قادرا على تغيير أي شيء".
وأكد في لقاء استمر ساعات في إحدى مقاهي دبي إنه يتحدث نيابة عن تيار سوري وسط يضم الكثيرين من المسيحيين مثله، تيار يخشى النزعات المتطرفة داخل الجماعات المتطرفة، وكان يتمنى لو ظلت الانتفاضة كما بدأت سلمية.
ولا يزال مقدسي يؤمن بأن الانتفاضة لا تزال ذات مطالب شرعية وعادلة "مطالب الشارع السوري كلها مشروعة". وفي غياب الإجماع السياسي بين أطراف المعادلة السورية لا يزال مقدسي يتمسك بالأمل، حيث يقول إنه حتى أي بارقة حل سياسي قد تساعد في التخفيف من حدة الطائفية في نزاع جذوره سياسية ويمكن حله من خلال الحلول الوسط .
ونقلت الصحيفة عنه قوله "الناس اليوم غاضبون وحانقون بسبب ما خسروه والدم الذي سال" وعلينا والحالة هذه عدم "الحكم عليهم في هذه المرحلة التاريخية، وعندما توقف الحرب وتقدم لهم عقدا اجتماعيا أحسن فالأمور ستهدأ لاننا لم نزيف حقيقة تعايشنا، هكذا كنا".
وعبر مقدسي عن أمله عن حل سياسي يتوصل إليه المؤتمر الدولي "جنيف-2" حيث ينتج عنه حكومة ممثلة وتضم أعضاء تمثل "الفسيفساء" السورية، وعندما سئل عن مصير الأسد قال إن التغيير لا يمكن تحقيقه إن "ربطنا مصير البلاد بشخص واحد". وأكد ان الخطة الرسمية لجنيف لإنشاء حكومة انتقالية تضم أعضاء من الطرفين، مع استبعاد "العناصر المثيرة للجدل" ممن "باركوا قطع الرؤوس " من الجهاديين او "قادوا الأجهزة الأمنية" وبعدها يمكن لسورية اختيار برلمان جديد ورئيس في انتخابات مفتوحة لكل شخص.
وقال مقدسي إن المسيحيين السوريين مثل بقية السوريين "يؤمنون بالتغيير لكن هذا التغيير يجب أن يكون تدريجيا وليس عبر الثورة المسلحة".
وأضاف أن معظم المسيحيين في سورية مع صعود العامل الجهادي قرروا أن يقفوا مع "الغالبية الصامتة، وهذا يختلف عن دعم جانب على آخر". وفي الوقت الذي يصور النظام وقوف المسيحيين إلى جانبه، باعتباره حامي الأقليات يقول مقدسي إن المسيحيين يمكنهم الحصول على الحماية ضمن أي دستور تطبقه حكومة جيدة "عندما تكون سورية في وضع جيدـ يكون المسيحيون في وضع جيد"، ويجب أن يكون هذا هو ما نركز عليه.
وعندما سئل إن كان يبحث عن موقع في الحكومة الانتقالية أجاب بأنه يبحث عن طرق لمعالجة الانقسام الذي تعاني منه البلاد. وقال "أو موضع نفس في مركز الوسط حيث أشعر بالراحة بالانتماء لاناس عقلانيين لا متطرفين".
بالنسبة للظروف التي أدت به للخروج من سورية في كانون الأول (ديسمبر) 2012 قال مقدسي إن عملية الاستقطاب أصبحت قاتلة. وعن انتقاد المعارضة له لاستمراره العمل مع النظام وتحسين صورته في الوقت الذي كان فيه السوريون يقتلون أجاب: "الدبلوماسي ليس محاميا، فالمحامي يمكنه الدفاع عن قضية وتحقيق الربح من ورائها، اما الدبلوماسي فيدافع عن كل البلاد، وانتصر الدبلوماسي في داخلي على المحامي". وقال إنه كان سيبقى في سورية لو ضمن أن لا تتعرض حياة عائلته للخطر.
وأشار مقدسي إن الحكومة هدفت لجرجرة العملية الدبلوماسية " راهنت على تغير في المزاج الغربي للحصول على صفقة أحسن"، ولكن اللعب على الوقت يمكن أن يفسر على أنه إشارة عن ضعف وليس قوة "كل طرف متعب، وكل طرف يعرف أنه ليس قادرا على الانتصار أو سحق الطرف الآخر".
أما بشأن إيران فيرى مقدسي إنه يجب دعوتها للمحادثات لفحص التزامها بالحل السلمي. وكون إيران على طاولة المفاوضات سيخفف من دورها ويمنعها من العمل على إفشال المحادثات، وهو نفس الأثر الذي يأمل ملاحظته على السعودية التي تعتبر من أهم داعمي المعارضة.