انقشع غبار يوم السبت في
مصر كاشفا عن حجم هائل من القمع والانتهاكات تعرض لها معارضو
الإنقلاب العسكري خلال تظاهرات إحياء الذكرى الثالثة لثورة يناير في مختلف أنحاء البلاد، أسفرت عن سقوط أكبر عدد من الضحايا منذ فض اعتصامي رابعة والهضة.
وقال تحالف دعم الشرعية ومصادر طبية مستقلة إن 53 متظاهرا لقوا مصرعهم برصاص قوات الجيش والشرطة - نشر مركز "النديم" لعلاج ضحايا العنف قائمة بأسمائهم - وأكدوا إصابة المئات في مواجهات بين الثوار وقوات الأمن، فيما قالت وزارة الصحة يوم الأحد إن عدد القتلى بلغ 49 شخصا وأن 250 أخرين أصيبوا جراء الاشتباكات.
قنص ورقص
وأكد شهود عيان قيام طائرات تابعة للجيش بقنص المتظاهرين بالرصاص الحي، بينما قامت طائرات أخرى تابعة للجيش بإلقاء أعلام مصر والهدايا تحية لأنصار السيسي في ميدان التحرير، في مشهد أوضح بشدة تباين طريقة تعامل سلطة الإنقلاب بين المؤيدين والمعارضين.
وسقط معظم القتلى والجرحى في القاهرة والجيزة والمنيا والإسكندرية، فيما استحوذت حي "الألف مسكن" على الحصيلة الأكبر من أعداد الضحايا وشهد مقتل 25 متظاهرا بحسب أطباء في المستشفى الميداني الذي أقامه المتظاهرون، كما سقط 15 قتيلا برصاص الأمن خلال إخلائ ميدان المطرية القريب، من المتظاهرين المعارضين الذين تجمعوا فيه.
وفي المقابل، خرج الالاف من مؤيدي الانقلاب إلى ميدان التحرير - مهد ثورة يناير ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك - وفي محيط قصر الاتحادية ووزارة الدفاع لمطالبة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بالترشح لانتخابات لرئاسة المقبلة وعزفت لهم الفرق الموسيقية وغنى مطربون.
ورفع المتجمعون الأعلام وصور السيسي وسط حماية تامة من قوات الجيش والشرطة التي أغلقت الميادين وفرضت إجراءات أمنية مشددة واستخدمت بوابات إلكترونية لتأمين الاحتفالات ولم تسمح إلا لمؤيدي الإنقلاب فقط بالدخول.
القمع المعارضين جميعا
وعلى بعد أمتار قليلة من التحرير استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين المعارضين الذي سقط عدد منهم بين قتيل ومصاب من بينهم أعضاء في حركات ثورية كانت ضمن القوى التي نزلت للتظاهر ضد مرسي في 30 يونيو الماضي، وطاردتهم في الشوارع الجانبية واعتقلت العشرات منهم.
وقالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية إن الاحتفالات بذكرى الثورة تحولت إلى مناسبة لتملق السيسي.
وفي ميدان مصطفى محمود فرقت الشرطة مظاهرة لجبهة "طريق الثورة" - التي تضم حركتي 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين وإسلاميين مستقلين - بعد دقائق من بدايتها بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والخرطوش، وعندما أعلن المتظاهرون توجههم إلى منطقة وسط القاهرة للتجمع من جديد والتظاهر أمام نقابة الصحفيين تحولت المنطقة إلى ما يشبه الفخ ، حيث حُوصروا بين قوات الجيش والشرطة من جانب وبين "البلطجية" ومؤيدي الإنقلاب من جانب آخر، فقتل متظاهر وأصيب العشرات كما تم اعتقال 60 شخصا.
وبعدها أعلنت جبهة ثوار الانسحاب من الشوارع وإيقاف الاحتجاجات حفاظا على أرواح المتظاهرين.
وقالت الصحيفة إن المصريين خرجوا للشوارع اليوم في تجمعات مؤيدة للسلطة القائمة في البلاد، وهو ما جعل الشرطة ترحب بهم وامتنعت عن إزعاجهم، بينما تم تعرضت مسيرات أخرى نظمها معارضون على مقربة من الميدان وفي العديد من المحافظات لقمع شديد واعتقلت العشرات منهم.
وأشارت إلى أن السلطة لم تكتف فقط بقمع الإخوان، وإنما صوبت أسلحتها ضد نشطاء التيارات الليبرالية الذين كانوا من رموز الثورة ضد مبارك، بينهم أكاديميون ومخرجون ومدونون وصحفيون ونشطاء.
اعتقالات غير مسبوقة
وذكرت وزارة الداخلية أنها ألقت القبض على 1079 ممن وصفتهم بـ "مثيري الشغب" وبحوزة عدد منهم وزجاجات مولوتوف وزجاجات تحوى مواد كاوية وألعاب نارية وأسلحة أخرى.
وقالت الوزارة في بيان لها الأحد إن عددا من رجال الشرطة أصيبوا في الاشتباكات أثناء إحباطهم ما وصفته بـ "محاولات كانت تهدف إلى تعكير صفو مظاهر الاحتفال بذكرى ثورة يناير".
وأعلنت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر اعتقال قوات الأمن عدد كبير من الصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث وكذلك محامين ذهبوا لأماكن احتجاز المقبوض عليهم لتقديم الدعم القانوني لهم، وسط حملة من الاعتقال العشوائي، على حد وصف بيان للجبهة.
ورصدت نقابة الصحفيين الإلكترونيين - التي تضم العاملين في المواقع الإلكترونية - إصابة قوات الأمن 6 صحفيين بالرصاص الحي والخرطوش واعتقال 10 صحفيين ومصورين والاعتداء بالضرب على أربعة أخرين.
وسبق هذه الأحداث بيوم واحد عدة تفجيرات في القاهرة والجيزة، كان أشدها تفجير مديرية أمن القاهرة الذي أودى بحياة ستة أشخاص وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسؤوليتها عن التفجيرات.
وأصدرت نقابة الصحفيين المصرية - يانا أكدت فيه إلقاء القبض على سبعة صحفيين وإصابة أربعة آخرين في الاشتباكات حتى مساء السبت، موضحة أنه تم لاحقا إطلاق سراح الجميع عدا مراسل واحد متهم بأنه كان يبث لقناة الجزيرة رغم عمله في موقع إخباري مؤيد للإنقلاب.