رحبت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" بالتحولات الجارية في
تونس، والتي قالت إنها تمنح أملا بأن الجميع يستحقون التقدم نحو المثل المدنية.
وقال الصحيفة في افتتاحيتها "في الوقت الذي تخبو فيه جذوة
الربيع العربي، تزهر تونس مرة أخرى بدستور حافل بالحقوق ونقل سلمي للسلطة من الحكومة الإسلامية" إلى حكومة تكنوقراط.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الربيع العربي انهار تقريبا في كل مكان ظهر فيه، بشكل وجه صفعة للفكرة التي اعتبرت عامة وأممية: التقدم"، فهناك "حرب أهلية في سورية، عودة للحكم العسكري في مصر، فوضى في تونس واقتتال في اليمن، وهو ما أدى إلى تعزيز الفكرة النمطية عن الثقافة العربية الجامدة التي لديها مناعة ضد تقدم الإنسانية نحو المثل المدنية باستثاء تونس".
هذه الدولة في شمال إفريقيا حيث انطلقت شرارة الديمقراطية أولا، وأضاءت طريق العرب ممن عاشوا الخيبات، فقد تم إنقاذ الثورة بثورة جديدة في الأيام القليلة الماضية، وذلك بعد عام من التوتر المتصاعد وعمليتي اغتيال سياسيين. وقام حزب
النهضة، الحزب الإسلامي الحاكم بتسليم السلطة سلميا بعد معارضة واسعة لحكمه، وتم تمرير دستور يحفظ الحقوق بإجماع معظم أعضاء مجلس منتخب".
وأضافت أن "القادة التونسين الذين قرروا تغليب السلام السياسي على لعبة الفائز يتمتع بكل السلطات عبروا عن فرحة كبيرة يوم الأحد في قاعة المجلس التأسيسي، ولكن الثناء عليهم جاء من قادة دول العالم الذين يؤمنون بحتمية التقدم".
ومن هنا أشارت الصحيفة إلى تصريحات بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة الذي اعتبر الإنجاز التونسي "معلما تاريخيا" مهما، و"نموذجا لكل الشعوب التي تسعى للإصلاح". فيما رأت كاثرين أشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي ما حدث "تقدما مهما".
وما يؤكد أهمية الإنجاز التونسي أنه "تحقق من خلال التنازلات وليس عبر احتجاج الشوارع أو الصراع المسلح، ووضع معايير عليا لبقية دول العالم العربي، ذلك أن
الدستور يضمن "حرية الاعتقاد والرأي"، والذي يؤكد التسامح مع غير المسلمين وغير المؤمنين، ويؤكد الدستور المساواة مع المرأة، وفي الوقت الذي يبجل فيه الإسلام كدين رسمي للدولة، إلا انه لا يجعله مصدرا للتشريع".
وترى الصحيفة أن المثل هذه تظل في طور التجربة في تونس، ولن توضع موضع التجربة إلا بعد الانتخابات هذا العام وبعد تشكيل النظام القضائي، وقد تجد تونس بعض الصعوبات في تطبيقها، خاصة أن الاقتصاد يحتاج لدفعة (ومساعدة من الخارج) من أجل تخفيض نسبة البطالة التي تصل الآن إلى 17%.
وفي الوقت الحالي "فالبداية الجديدة للربيع العربي قد تؤدي لإحياء بذور الأمل، ليس فقط من أجل الديمقراطية في المنطقة، بل من أجل فكرة التقدم التي يجب توفيرها للجميع، وقد تحدث نكسات في بعض الأحيان، لكن حركة التاريخ تقول غير ذلك، لان التقدم شرط لحركته".