دعت ثلاث من الشخصيات السياسية البارزة في
الجزائر؛ الأحزاب السياسية ونشطاء المجتمع المدني وعموم الشعب الجزائري إلى "رفض الولاية الرابعة للرئيس
بوتفليقة" كما دعوا إلى
مقاطعة انتخابات الرئاسة يوم 17 نيسان/ ابريل المقبل في حال ترشح بوتفليقة.
وجاء ذلك في بيان مشترك وقعه كل من: وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، وعميد الحقوقيين في الجزائر علي يحي عبد النور.
واعتبر التصريح الذي صدرت بعنوان "لا للعهدة الرابعة" وحصلت "عربي 21" على نسخة منه؛ أن "بوتفليقة فشل على كل الأصعدة، ولا يمكن ان يقود البلاد لولاية رابعة".
وهذه المرة الأولى التي تتحدثه هذه الشخصيات بهذا الشأن، بعد انتقادات وجهت إليها من قبل أقطاب سياسية بسبب صمتهم أمام ما يوصف لدى المعارضة في الجزائر بـ"المهازل السياسية المرتبطة بمساعي تولية بوتفليقة ولاية رابعة".
وأحمد طالب الإبراهيمي هو نجل العلامة البشير الإبراهيمي الذي خلف الراحل عبد الحميد بن باديس على رأس "جمعية العلماء المسلمين". وقد شغل منصب وزير الخارجية خلال الثمانينيات في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.
والإبراهيمي هو مؤسس "حركة الوفاء" الإسلامية التي منعتها السلطة عام 1999. وقد ترشح لانتخابات الرئاسة نيسان/ ابريل من العام نفسه، إلى جانب الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، لكنه انسحب قبل يوم الاقتراع فيما عرف بـ"الانسحاب الشهير" لستة مترشحين، من بينهم الإسلامي عبد الله جاب الله، معتبرين أن نتائج الانتخابات محسومة لصالح بوتفليقة سلفا.
ورشيد بن يلس، جنرال متقاعد عمل في عهد الرئيس السابق اليامين زروال الذي ترك السلطة عام 1999. ويرفض الترشح رغم دعاوى كثيرة تصله من أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني لمنافسة بوتفليقة في الاستحقاق المرتقب. وبن يلس ترشح أيضا لانتخابات الرئاسة عام 2004 لكنه لم يستكمل خطوات جمع توقيعات الترشح ليعلن انسحابه من السباق.
أما علي يحي عبد النور، فهو معارض ويوصف بعميد الحقوقيين في الجزائر، وهو الرئيس الشرفي "للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، وشغل منصب وزير الفلاحة في حكومة أول رئيس للجزائر المستقلة احمد بن بلة خلال الستينات.
ودعت الشخصيات الثلاث الفاعلين في المجتمع إلى "مقاطعة الرئاسيات في حال ترسيم بوتفليقة ترشحه، والنضال بالطرق السلمية من خلال العرائض الموجهة للتوقيع والنداءات والتصريحات وغيرها".
ودعوتهم إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة تعني في نظر المتتبعين؛ تأكيدا بأن الرئيس بوتفليقة سوف يترشح بالفعل، بعد شكوك حيال تصريحات متكررة لقادة أحزاب المولاة وعلى رأسها تصريحات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم عمار سعداني، وهو حزب الرئيس بوتفليقة، وتصريحات رئيس "تجمع أمل الجزائر" عمار غول ورئيس "الجبهة الشعبية الجزائرية" عمارة بن يونس، من ان بوتفليقة سوف يعلن ترشحه قريبا.
وجاء في التصريح المشترك أن "بوتفليقة سوف يتشبث بمنصبه على رأس الدولة بموجب تمثيلية انتخابية شبيهة بالتمثيليات الانتخابية السابقة، رغم سنه المتقدم ووضعه الصحي غير الملائم، ورغم حصيلة أدائه غير المقبول طيلة 15 سنة".
وانتقد أصحاب التصريح الفترات الثلاث لحكم بوتفليقة، وأوردوا انه "بعد أن تم خرق الدستور وإبطال تحديد الفترة الرئاسية بعهدتين عام 2008، ها هو جناح السلطة يعمل على إبلاء بوتفليقة ولاية رابعة بعد أن اعتلى الحكم بطريقة غير شرعية عام 1999"، فيما رأوا أن العهدة الرابعة "تعدٍ على ذاكرة هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم من اجل استقلال البلاد، وعلامة احتقار للمواطن".
ويتنامى الشك والريبة لدى الجزائريين في مشهد سياسي غامض، زاده "صراع الأجنحة" في أعلى هرم السلطة، بين المؤيدين وبين الرافضين للولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة.
ووصفت الشخصيات الثلاث تصريحات الامين العام للحزب الحاكم بـ"الخطيرة واللامسؤولة"، وقالت إن "بوتفليقة هو المسؤول المباشر عما يحصل من تفتت".
كما اعتبر عبد المجيد مناصرة، رئيس" جبهة التغيير" الإسلامية، التصريحات التي أثارها سعداني، بأنها "تثير الخوف واليأس والشك والبلبلة في صفوف الشعب، وهي تصرف غير مسؤول ولا يمكن تبريره بذريعة مطلب الدولة المدنية، فمن غير الجائز استعمال الحق للوصول إلى الباطل".
وقال مناصرة ان "النقاش حول تمدين النظام السياسي في الجزائر يجب أن يكون محله الدستور الذي ندعو إلى إصلاحه بعد الرئاسيات المقبلة، وعندئذ نحتاج إلى تقييم التجربة ومناقشة طبيعة النظام السياسي بعيدا عن التشخيص وبعيدا عن تصفية الحسابات".
وتتضاعف دائرة المقاطعة الانتخابية يوما بعد يوم، حيث اعلنت كل "حركة مجتمع السلم" و"حركة النهضة" الاسلاميتين؛ مقاطعتهما انتخابات الرئاسة، في انتظار موقف "جبهة العدالة والتنمية" الاسلامية كذلك في اجتماع لمجلس شوراها المرتقب يوم 14 شباط/ فبراير الجاري، حيث يميل رئيسها عبد الله جاب الله الى تبنى خيار المقاطعة.
وإذا "رسم" جاب الله قرار المقاطعة، ستكتمل حلقة المقاطعة بالنسبة للاسلاميين، وهي الاحزاب التي أرادت فتح شهية معارضة السلطة في الميدان من خلال إدارة الظهر لصناديق الاقتراع، بعيدا عن رسائل تريد السلطة ارسالها الى الشعب تفيد بأن الوعاء الانتخابي للمقاطعين لا يكفي للتأثير في مسار الانتخابات، بمعنى ان دائرة العزوف لن تكون كبيرة مثلما يريد المقاطعين.
نقيض ذلك، أعلن رئيس "حزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية" الليبرالية نور الدين بحبوح اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة أن حزبه سيشارك في الانتخابات الرئاسية في 17 نيسان/ أبريل 2014، وأنه يعارض كل أشكال المقاطعة.
وقال بحبوح: "لقد توصلنا لإجماع بشأن مشاركتنا، ما يسمح للحزب بأن يكون حاضرا على الساحة السياسية وأن يوضح مواقفه ويدافع عنها".