بعيدا عن حمية الصراع السياسي في
مصر، وسباق انتخابات الرئاسة الذي بدأت بوادره تلوح فى الأفق، أشعل فيروس " إنفلونزا الخنازير" مؤخرا، معركة اتهامات متبادلة بين وسائل
الإعلام من جهة، ووزارة
الصحة من جهة أخرى.
وزارة الصحة من جانبها تتهم الإعلام المصري بـ"المبالغة في التعامل مع فيروس H1N1، المعروف إعلاميا بـ" إنفلونزا الخنازير"، رغم أنه ليس بالخطورة، التي يصورها الإعلام المصري" كما يقول أحمد كامل المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول.
وجاءت تصريحات كامل ردا على العنوان الذي تصدر صفحة كاملة، نشرت بإحدى الصحف المصرية الخاصة اليوم الثلاثاء 11 شباط /فبراير نشرته قائلا، "الإنفلونزا تستمر في القتل.. والصحة تستمر في التعتيم"، وهو ما لخص الاتهامات التى توجهها بعض الصحف والفضائيات، لوزارة الصحة، بتعمد إخفاء الأمر، والتعتيم عليه، رغم خطورته، بدعوى عدم إثارة الخوف والهلع بين المواطنين، في ظل أجواء سياسية ملتهبة.
كامل يعتبر أن أولى خطوات صناعة الرعب، هو إطلاق اسم "إنفلونزا الخنازير"، على الفيروس، وأضاف: "هو فيروس من فيروسات الإنفلونزا الموسمية، وليست إنفلونزا خنازير، كما تروج لها وسائل الإعلام".
ووصف كامل الوضع في مصر بأنه "ظاهرة إعلامية، وليست طبية، أو وبائية، لأنها إنفلونزا موسمية، طبقاً لتوصيف منظمة الصحة العالمية"، مشيراً إلى أن عدد حالات الوفاة بسبب هذه الإنفلونزا، يتماشى مع أعداد الوفاة في شمال أفريقيا، وباقي دول العالم، بحسب آخر بيان للمنظمة.
ويبلغ عدد المتوفين بسبب الفيروس 38 حالة وفاة، و318 حالة إصابة، ومعظم هذه الحالات كان لديها عوامل مرضية جعلت مقاومتهم ضعيفة للفيروس، بحسب كامل.
وأضاف: "80% من المتوفين كان لديهم أمراض فعلية، وتضاعف عليهم الأمر بسبب الفيروس، وهؤلاء كانوا يعانون من أمراض مثل السل، وبعضهم من السيدات الحوامل، والفئات التى تجاوز عمرها 65 عاما".
وقارن كامل بين مستويات الإصابة بهذا الفيروس في مصر، ومستوى الإصابة في ولاية كاليفورنيا بأمريكا، وهى أصغر عددا من اعداد المصريين، قائلا: "مات في كاليفورنيا هذا الشتاء 147حالة وفاة حتى الآن، بينما نتكلم في مصر عن 38 حالة".
د.بهيجة حافظ أستاذ طب المجتمع بجامعة الأسكندرية "شمال القاهرة" اتفقت مع المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، في التقليل من أخطار الفيروس، قائلة للأناضول: "هو فيروس من فيروسات الإنفلونزا الموسمية، تكون أخطاره أكبر على الشخصيات التي تعاني في الأساس من أمراض مزمنة".
ووضع باحث بجامعة القاهرة، احتمالين للتفسير، أحدهما سياسي والآخر اقتصادي، قائلا: "أما بالنسبة للاحتمال السياسي، فهو التفكير بهذه القضية في إطار المشهد السياسي في مصر، والذي يسعى لإلهاء الناس عن ما هو أهم".
وأضاف:"عندما يكون معلوم لدينا أن هذا الفيروس ليس بالخطورة، التي يتم تصويرها، ويصر الإعلام من جانبه على التضخيم، فهم يريدون إذن أن يشغلوا الناس بفيروس، يتم تصويره وكأنه وباء، لإلهائهم عن قضايا الحريات، والانتخابات الرئاسية".
هذا الاحتمال يجد من يرد عليه بالقول: أن هذا التوجه كان يفترض أن تشارك وزارة الصحة في صناعته، بالتضخيم من القضية، وهو ما لم تفعله الوزارة، ليكون الاحتمال الثاني ذو الطبيعة الاقتصادية هو الأقرب، بحسب الباحث.
ووفقا لهذا الاحتمال فإن "هناك مصالح اقتصادية لوسائل الإعلام مع شركات الأدوية، تدفعها لتضخيم الفيروس، من أجل الترويج للعقار المستخدم في العلاج"، كما يقول الباحث.
ولعل ما يدعم هذا الاتجاه ما سبق وقاله العالم الأمريكي ليونارد هورويتز عام 2010 بأن الفيروس المعروف إعلاميا باسم "إنفلونزا الخنازير"، هو صناعة "أنجلو أمريكية"، هدفها تحقيق أرباح مما سماه "بزنس الفيروسات".
ولم يعف هورويتز وسائل الإعلام من المسؤولية، في المساهمة بما أسماه "اللعبة القذرة"، قائلا "هذه اللعبة تمارس تحت غطاء من الدعاية الواسعة الانتشار، والمؤثرة في الرأي العام".
لكن يبقى في النهاية، البعد الاقتصادي، وكذلك السياسي، في إطار الاحتمالات، التى لم ترقَ لمستوى التأكيدات التي تحتاج دائما إلى أدلة وبراهين مقنعة.